فصل : في قسمة الغنائم المنقولة \ الدفاع 

الكتاب : منهاج الصـالحين - الجزء الاول : العبادات   ||   القسم : الكتب الفتوائية   ||   القرّاء : 5757


ــ[384]ــ

 

( فصل في قسمة الغنائم المنقولة )

( مسألة 49 ) : يخرج من هذه الغنائم قبل تقسيمها بين المقاتلين ما جعله الامام عليه السلام جعلا لفرد على حسب ما يراه من المصلحة، ويستحق ذاك الفرد الجعل بنفس الفعل الذي كان الجعل بإزائه ، وهو في الكم والكيف يتبع العقد الواقع عليه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الفرد المزبور ( المجعول له ) مسلما أو كافرا ، وكذا لا فرق بين كونه من ذوي السهام أو لا، فإن الامر بيد الامام عليه السلام وهو يتصرف فيها حسب ما يرى فيه من المصلحة ، يؤكد ذلك - مضافا إلى هذا - قول زرارة في الصحيحة المتقدمة في المسألة الحادية والاربعين ، ويدخل فيه السلب أيضا .

( مسألة 50 ) : ويخرج منها أيضا قبل القسمة ما تكون الغنيمة بحاجة إليه في بقائها من المؤن كاجرة النقل والحفظ والرعي وما شاكل ذلك .

( مسألة 51 ) : المرأة التي حضرت ساحة القتال والمعركة لتداوي المجروحين أو ما شابه ذلك بإذن الامام عليه السلام لا تشترك مع الرجال المقاتلين في السهام من الغنائم المأخوذة من الكفار بالقهر والغلبة .

نعم ، يعطي الامام عليه السلام منها لها مقدار ما يرى فيه مصلحة ، وتدل على ذلك معتبرة سماعة عن أحدهما عليه السلام قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى ولم يقسم لهن من الفئ شيئا ولكنه نفلهن "(1) .

وأما العبيد والكفار الذين يشتركون في القتال بإذن الامام عليه السلام فالمشهور بين الاصحاب ، بل ادعي عليه الاجماع ، أنه لا سهم لهم في الغنائم ، ولكن دليله غير ظاهر .
( مسألة 52 ) : يخرج من الغنائم قبل القسمة - كما مر - صفو المال أيضا وقطائع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ج 11 باب 41 من جهاد العدو ، حديث 6 .

ــ[385]ــ

الملوك والجارية الفارهة والسيف القاطع وما شاكل ذلك على أساس أنها ملك طلق للامام عليه السلام بمقتضى عدة من الروايات ، منها معتبرة داود بن فرقد ، قال ، قال أبوعبدالله عليه السلام : " قطائع الملوك كلها للامام عليه السلام ، وليس للناس فيها شئ ".

ومنها معتبرة أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال: سألته عن صفو المال ؟ قال : " الامام يأخذ الجارية الروقة والمركب الفاره والسيف القاطع والدرع قبل أن تقسم الغنيمة ، فهذا صفو المال "(1) .

( مسألة 53 ) : يخرج من الغنائم خمسا أيضا قبل تقسيمها بين المسلمين المقاتلين، ولا يجوز تقسيم الخمس بينهم ، حيث إن الله تعالى قد جعل له موارد خاصة ومصارف مخصوصة ، قال عز من قائل : ( واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكينوابن السبيل )(2) والروايات الدالة على ذلك كثيرة .

( مسألة 54 ) : تقسم الغنائم بعد إخراج المذكورات على المقاتلين ومن حضر ساحة القتال ولو لم يقاتل ، فإنه لا يعتبر في تقسيم الغنيمة على جيش المسلمين دخول الجميع في القتال مع الكفار ، فلو قاتل بعض منهم وغنم ، وكان الآخر حاضرا في ساحة القتال والمعركة ومتهيئا للقتال معهم إذا اقتضى الامر ذلك ، كانت الغنيمة مشتركة بين الجميع ولا اختصاص بها للمقاتلين فقط ، وهذا بخلاف ما إذا ارسل فرقة إلى جهة وفرقة اخرى إلى جهة اخرى ، فلا تشارك إحداهما الاخرى في الغنيمة . وفي حكم المقاتلين الطفل إذا ولد في أرض الحرب، وتدل عليه معتبرة مسعدة ابن صدقة، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه أن عليا عليه السلام قال : " إذا ولد المولود في أرض الحرب قسم له مما أفاء الله عليهم "(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ج 6 باب 1 من أبواب الانفال ، حديث 6 و 15 .
(2) سورة الانفال ، الآية 41 .
(3) الوسائل ج 11 باب 41 من أبواب جهاد العدو ، حديث 8 .

ــ[386]ــ

والمشهور أنه تشترك مع المقاتلين في الغنائم فئة حضروا أرض الحرب للقتال وقد وضعت الحرب أوزارها بغلبة المسلمين علىالكفار وأخذهم الغنائم منهم قبل خروجهم إلى دار الاسلام ، فإن الغنيمة حينئذ تقسم بين الجميع رغم عدم اشتراك تلك الفئة معهم في القتال ، ومدركهم في ذلك رواية حفص بن غياث ، قال : كتب إلي بعض إخواني أن أسأل أبا عبدالله عليه السلام عن مسائل من السيرة ، فسألته وكتبت بها إليه ، فكان فيما سألت : أخبرني عن الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار الاسلام ، ولم يلقوا عدوا حتى خرجوا إلى دار الاسلام ، هل يشاركونهم فيها ؟ قال : " نعم "(1) .

ولكن بما أن الرواية ضعيفة باعتبار أن القاسم بن محمد الواقع في سندها مردد بين الثقة وغيرها فالحكم لا يخلو عن إشكال بل منع ، وقد يستدل على ذلك بمعتبرة طلحة بن زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام ، في الرجل يأتي القوم وقد غنموا ولم يكن ممن شهد القتال قال : فقال : " هؤلاء المحرومون ، فأمر أن يقسم لهم "(2) بتقريب أن المراد المحرومون من ثواب القتال لا أنهم محرومون من الغنيمة ، وفيه :

أولا : أنه لا يمكن أن تكون كلمة ( هؤلاء ) إشارة إلى الرجل الذي يأتي القوم بعد أخذهم الغنيمة من الكفار .

وثانيا : أن تحريمهم من الثواب لا يدل على أن لهم نصيبا في الغنيمة ، فإن ضمير ( لهم ) في قوله عليه السلام ( فأمر أن يقسم لهم ) ظاهر في رجوعه إلى القوم ، وكيف كان فالرواية مجملة ، فلا دلالة لها على المقصود أصلا .

ثم إنهبناء على الاشتراك إذا حضروا دار الحرب قبل القسمة، فهل هم مشتركون فيها معهم أيضا إذا حضروها بعدها ؟ المشهور عدم الاشتراك ، وهو الظاهر ، لانصراف الرواية عن هذه الصورة وظهورها بمناسبة الحكم والموضوع في حضورهم دار الحرب قبل القسمة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ج 11 باب 37 من أبواب جهاد العدو ، حديث 1 .
(2) الوسائل ج 11 باب 37 من أبواب جهاد العدو ، حديث 2 .

ــ[387]ــ

( مسألة 55 ) : المشهور بين الاصحاب انه يعطى من الغنيمة للراجل سهم ، وللفارس سهمان ، بل ادعي عدم الخلاف في المسألة ، واعتمدوا في ذلك على رواية حفص بن غياث ، ولكن قد عرفت آنفا أن الرواية ضعيفة فلا يمكن الاعتماد عليها ، فحينئذ إن ثبت الاجماع في المسألة فهو المدرك وإلا فما نسب إلى ابن جنيد من أنه يعطى للراجل سهم وللفارس ثلاثة أسهم هو القوي ، وذلك لاطلاق معتبرة إسحاق ابن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما(1) وصحيحة مسعدة بن زياد ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجعل للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما "(2) وعدم المقيد لهما .

وعليه فلا فرق في ذلك بين أن يكون المقاتل صاحب فرس واحد أو أكثر فما عن المشهور من أن لصاحب فرس واحد سهمين وللاكثر ثلاثة أسهم فلا يمكن إتمامه بدليل ، ولا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون المقاتلة مع الكفار في البر أو البحر .

( مسألة 56 ) : لا يملك الكافر الحربي أموال المسلمين بالاستغنام ، فلو أخذها المسلم منه سرقة أو هبة أو شراء أو نحو ذلك فلا إشكال في لزوم عودها إلى أصحابها من دون غرامة شئ ، وإن كان الآخذ جاهلا بالحال حيث إن الحكم - مضافا إلى أنه على القاعدة - قد دل عليه قوله عليه السلام في صحيحة هشام : " المسلم أحق بماله أينما وجده "(3) .

وأما إذا أخذ تلك الاموال منه بالجهاد والقوة ، فإن كان الاخذ قبل القسمة رجعت إلى أربابها أيضا بلا إشكال ولا خلاف .
وأما إذا كان بعد القسمة ، فنسب إلى العلامة في النهاية أنها تدخل في الغنيمة ، ولكن المشهور بين الاصحاب أنها ترد إلى أربابها وهو الصحيح ، إذا يكفي في ذلك قوله
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ج 11 باب 42 من أبواب جهاد العدو ، حديث 2 .
(2) الوسائل ج 11 باب 38 من أبواب جهاد العدو ، حديث 2 .
(3) الوسائل ج 11 باب 35 من أبواب جهاد العدو ، حديث 3 .

ــ[388]ــ

عليه السلام في صحيحة هشام الآنفة الذكر المؤيدة بخبر طربال ، والدليل على الخلاف غير موجودة في المسألة .

وأما صحيحة الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: سألته عن رجل لقيه العدو وأصاب منه مالا أو متاعا، ثم إن المسلمين أصابوا ذلك ، كيف يصنع بمتاع الرجل ؟ فقال : " إذا كانوا أصابوه قبل أن يحوزوا متاع الرجل رد عليه، وإن كانوا أصابوه بعد ما حازوا فهو فئ للمسلمين ، فهو أحق بالشفعة "(1) فهي بظاهرها ، وهو التفصيل بين ما قبل الحيازة وما بعدها، فعلى الاول ترد إلى أربابها ، وعلى الثاني تدخل في الغنيمة مقطوعة البطلان ، فإنه لا إشكال كما لا خلاف في وجوب الرد قبل القسمة فلا تدخل في الغنيمة بالحيازة ، وحمل الحيازة على القسمة بحاجة إلى قرينة وهي غير موجودة .

وعليه فالقسمة باطلة ، فمع وجود الغانمين تقسم ثانيا عليهم بعد إخراج أموال المسلمين ، ومع تفرقهم يرجع من وقعت تلك الاموال في حصته إلى الامام عليه السلام .

 

الدفاع

( مسألة 57 ) : يجب على كل مسلم الدفاع عن الدين الاسلامي إذا كان في معرض الخطر ، ولا يعتبر فيه إذن الامام عليه السلام بلا إشكال ولا خلاف في المسألة . ولا فرق في ذلك بين أن يكون في زمن الحضور أو الغيبة ، وإذا قتل فيه جرى عليه حكم الشهيد في ساحة الجهاد مع الكفار ، على أساس أنه قتل في سبيل الله الذي قد جعل في صحيحة أبان موضوعا للحكم المزبور ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : " الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل إلا أن يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت " الحديث ، وقريب منها صحيحته الثانية(2) .

( مسألة 58 ) : تجري على الاموال المأخوذة من الكفار في الدفاع عن بيضة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ج 11 باب 35 من أبواب جهاد العدو ، حديث 2 .
(2) الوسائل ج 2 الباب 14 من أبواب غسل الميت ، الحديث 7 و 9 .

ــ[389]ــ

الاسلام أحكام الغنيمة ، فإن كانت منقولة تقسم بين المقاتلين بعد إخراج الخمس ، وإن كانت غير منقولة فهي ملك للامة على تفصيل تقدم ، وتدل على ذلك إطلاقات الادلة من الآية والرواية .

فما عليه المحقق القمي - قدس سره - من عدم جريان أحكام الغنيمة عليها وأنها لآخذها خاصة بدون حق الآخرين فيما لا يمكن المساعدة عليه .

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net