الفصل الثالث : شروط العوضين 

الكتاب : منهاج الصـالحين - الجزء الثاني : المعاملات   ||   القسم : الكتب الفتوائية   ||   القرّاء : 6106


ــ[23]ــ

 

الفصل الثالث

شروط العوضين

يشترط في المبيع أن يكون عينا ، سواء أكان موجودا في الخارج أم في الذمة ، وسواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره ، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث ، فلا يجوز بيع المنفعة ، كمنفعة الدار ، ولا بيع العمل كخياطة الثوب ، وأما الثمن فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أو عملا.

( مسألة 85 ) : المشهور على اعتبار أن يكون المبيع والثمن مالا يتنافس فيه العقلاء ، فكل ما لا يكون مالا كبعض الحشرات لا يجوز بيعه ، ولا جعله ثمنا ، ولكن الظاهر عدم اعتبار ذلك ، وإن كان الاعتبار أحوط .

( مسألة 86 ) : الحقوق مطلقا من قبيل الاحكام ، فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمنا ، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلق الحق بما هو كذلك ثمنا ويجوز جعل شئ بإزاء رفع اليد عن الحق ، حتى فيما إذا لم يكن قابلا للانتقال، وكان قابلا للاسقاط ، كما يجوز جعل الاسقاط ثمنا ، بأن يملك البائع عليه العمل فيجب عليه الاسقاط بعد البيع .

( مسألة 87 ) : يشترط في البيع أن لايكون غرريا وتكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة ، ولا تكفي في غير ذلك ، بل لابد أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع ، من كيل أو وزن ، أو عد ، أو مساحة معلوما ، ولا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع ، كبيع المكيل بالوزن، وبالعكس إذا لم يكن البيع غرريا ، وإذا كان الشئ مما يباع في حال بالمشاهدة ، وفي حال أخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن ، والحطب محمولا على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن ، واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل فصحة بيعه مقدرا أو مشاهدا تابعة للمتعارف .

ــ[24]ــ

( مسألة 88 ) : يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر ، كيلا أو وزنا ، أو عدا ، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه ، والاحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، ولو تبين الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والامضاء بتمام الثمن ولو تبينت الزيادة كان البائع بالخيار بين الفسخ والامضاء بتمام المبيع ، وقيل : يرجع المشتري على البائع بثمن النقيصة في الاول وتكون الزيادة للبائع في الثاني وهو ضعيف .

( مسألة 89 ) : لا بد في مثل القماش والارض ونحوهما - مما يكون تقديره بالمساحة دخيلا في زيادة القيمة - معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلا إذا كانت المشاهدة رافعة للغرر كما هو الغالب في بيع الدور والفرش ونحو هما .

( مسألة 90 ) : إذا اختلفت البلدان في تقدير شئ ، بأن كان موزونا في بلد ، ومعدودا في آخر ، ومكيلا في ثالث، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة. ولكن يجوز البيع بالتقدير الآخر أيضا إذا لم يكن فيه غرر .

( مسألة 91 ) : قد يؤخذ الوزن شرطا في المكيل أو المعدود ، أو الكيل شرطا في الموزون ، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس ، بشرط أن يكون كيلها صاعا ، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس ، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال ، فيتبين أن وزنها تسعمائة ، لعدم إحكام النسج ، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان ، بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال ، فيتبين أن وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه ونحو ذلك، مما كان التقدير فيه ملحوظا صفة كما للمبيع لا مقوما له ، والحكم أنه مع التخلف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري ، لتخلف الوصف ، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن ، والزيادة للمشتري على كل حال .

( مسألة 92 ) : يشترط معرفة جنسالعوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها، كالالوان والطعوم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والثقل والخفة

ــ[25]ــ

ونحو ذلك ، مما يوجب اختلاف القيمة ، أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته ، وإن كان مرغوبا عند قوم ، وغير مرغوب عند آخرين ، والمعرفة إما بالمشاهدة ، أو بتوصيف البائع ، أو بالرؤية السابقة .

( مسألة 93 ) : يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكا ، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس ، أو ما هو بمنزلته، كبيع الكلي في الذمة أو بيع مال شخصي مختص بجهة من الجهات مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة وشرائه العلف لها ، وعليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك : مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء ، وشجر البيداء قبل أن يصطاد أو يحاز .

( مسألة 94 ) : يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن ، وكذلك لو أجازه بعد وقوعه ، والاظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضا إلا أنه يثبت الخيار - حينئذ - للمشتري إذا كان جاهلا بالحال حين البيع .

( مسألة 95 ) : لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد :

منها : أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ، كالحيوان المذبوح ، والجذع البالي ، والحصير المخرق.

ومنها : أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفا .

ومنها : ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر ، من قلة المنفعة أو كثرة الخراج ، أو كون بيعه أنفع ، أو احتياجهم إلى عوضه ، أو نحو ذلك .

ومنها : ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم ، بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس والاموال .

ومنها ، ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنوانا خاصا في العين الموقوفة ، مثل كونها بستانا، أو حماما فيزول ذلك العنوان ، فإنه يجوز البيع - حينئذ - وإن كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر.

ــ[26]ــ

ومنها : ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفا ، واللازم حينئذ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء .

( مسألة 96 ) : ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد ، فإنها لا يجوز بيعها على كل حال . نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة .

( مسألة 97 ) : إذا جاز بيع الوقف ، فإن كان من الاوقاف غير المحتاجة إلى المتولي كالوقف على الاشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم ، وإلا فإن كان له متول خاص فاللازم مراجعته ، ويكون البيع بإذنه ، وإلا فالاحوط مراجعة الحاكم الشرعي ، والاستئذان منه في البيع ، كما أن الاحوط أن يشتري بثمنه ملكا ، ويوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الاول ، نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر ، أو في وقف آخر إذا كان موقوفا على نهج وقف الخراب . وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالاحوط : الاقتصار على بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه .

( مسألة 98 ) : لا يجوز بيع الامة إذا كانت ذات ولد لسيدها ، ولو كان حملا غير مولود ، وكذا لا يجوز نقلها بسائر النوافل ، وإذا مات ولدها جاز بيعها ، كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى ، وفي هذه المسالة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة الابتلاء بها .

( مسألة 99 ) : لا يجوز بيع الارض الخراجية . وهي : الارض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح ، فإنها ملك للمسلمين من وجد ومن يوجد ، ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، وأن لا تكون . بل الظاهر عدم جواز التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي، إلا أن تكون تحت سلطة السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعي - حينئذ - إشكال ، ولو ماتت الارض

ــ[27]ــ

العامرة - حين الفتح - فلا يبعد أنها تملك بالاحياء . أما الارض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للامام عليه السلام، وإذا أحياها أحد ملكها بالاحياء ، مسلما كان المحيي أو كافرا ، وليس عليه دفع العوض ، وإذا تركها حتى ماتت فهي على ملكه، ولكنه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجه ، جاز لغيره زرعها ، وهو أحق بها منه وإن كان الاحوط استحبابا عدم زرعها بلا إذن منه إذا عرف مالكها ، إلا إذا كان المالك قد أعرض عنها ، وإذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الارض الخراجية .

( مسألة 100 ) : في تعيين أرض الخراج إشكال ، وقد ذكر العلماء والمؤرخون مواضع كثيرة منها. وإذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة - حين الفتح - تحمل على أنها كانت ميتة ، فيجوز إحياؤها وتملكها إن كانت حية، كما يجوز بيعها وغيره من التصرفات الموقوفة على الملك .

( مسألة 101 ) : يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدورا على تسليمه فلا يجوز بيع الجمل الشارد ، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء، ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها ، ولو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادرا على أخذها من الغاصب صح ، كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضا ، وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ، ثم دفعها إليه ، وإذا كان المبيع مما لا يستحق المشتري أخذه ، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح ، وإن لم يقدر على تسليمه .

( مسألة 102 ) : لو علم بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل ، ولو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة .

( مسألة 103 ) : لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه ، لكن علم بحصولها بعده ، فإن كانت المدة يسيرة صح، وإذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها وكذا مع جهله بها،  لكن يثبت الخيار للمشتري ، وإن كانت غير مضبوطة فالظاهر

ــ[28]ــ

البطلان ، كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه .

( مسألة 104 ) : إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإن كان وكيلا في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، وإن كان وكيلا في المعاملة كعامل المضاربة ، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة ، فإذا لم يقدرا بطل البيع .

( مسألة 105 ) : يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة ، إذا كانت ذات قيمة معتد بها .

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net