الكلام في تطهير الشمس للحصر والبواري 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6060


   ولا تطهِّر من المنقولات إلاّ الحصر والبواري فانّها تطهرهما أيضاً ((1)) على الأقوى (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــ

   (2) قد وقعت طهارتهما بالشمس مورد الكلام ، فالأشهر أو المشهور على طهارتهما بالشمس وأنهما مستثنيان من الأشياء المنقولة ، واستدل عليه بوجوه :

   الأوّل : رواية أبي بكر الحضرمي (2) فان عموم قوله : «كل ما أشرقت عليه الشمس» أو اطلاق قوله «ما أشرقت ...» يشمل الحصر والبواري ، وإنما خرجنا عن عمومها أو إطلاقها في غيرهما من المنقولات بالاجماع والضرورة وهما مختصتان بغيرهما .

   وقد يناقش في شمول الرواية للحصر والبواري بأن ظاهرها مطهّرية الشمس فيما من شأنه أن تشرق الشمس عليه ، وهو مختص بالمثبتات لعدم كون المنقولات كذلك حيث إنها قد توضع في قبال الشمس وتدخل بذلك فيما من شأنه أن تشرق عليه الشمس ، وقد توضع في مكان آخر لا تشرق الشمس عليه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال بل عدم تطهيرها لهما أقرب . وكذا الحال في الگاري والچلابية والقُفّة .

(2) المتقدِّمة في ص 128 .

ــ[134]ــ

   وفيه : أن اعتبار كون المتنجِّس أمراً قابلاً لاشراق الشمس عليه وإن كان غير قابل للمناقشة ، لأن الموضوع في الرواية هو ما أشرقت عليه الشمس وهو ظاهر في الفعلية والفعلية فرع القابلية ، إلاّ أن اختصاص القابلية بالمثبتات مما لا وجه له ، فان كل شيء مثبت أو غيره قابل لاشراق الشمس عليه إذا كان في محل تصيبه الشمس ، كما أنه ليس بقابل له إذا كان في محل لا تصيبه ، كما إذا كانت الشجرة تحت الجبل مثلاً . وبعبارة اُخرى : كل شيء قابل لاشراق الشمس عليه فيما إذا لم يحجز عنه حاجب من دون أن يكون ذلك مختصاً بالمثبتات . فالصحيح أن دلالة الرواية على المدعى غير قابلة للمناقشة ، وإنما لا نعتمد عليها لضعف سندها كما مر .

   الثاني : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) في حديث قال : «سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تغسل ؟ قال : نعم لا بأس» (1) فانّها وإن كانت مطلقة من حيث جفافها بالشمس أو بغيرها لعدم تقييدها الجفاف بها ، إلاّ أنه لا بدّ من تقييدها بذلك بصحيحة زرارة الدالّة على اعتبار كون الجفاف بالشمس . وبذلك تدل الصحيحة على طهارة البواري فيما إذا أصابتها الشمس وجففتها ، إذ الصلاة على البواري ظاهره إرادة السجود عليها ولا يتم هذا إلاّ بطهارتها .

   ويمكن المناقشة في هذا الاستدلال بأن الصلاة على الشيء وإن كان مشعراً بارادة السجود عليه إلاّ أنه لا يبلغ مرتبة الظهور ، لتعارف التعبير بذلك في اتخاذ الشيء مكاناً للصلاة ، حيث إن لفظة «على» للاستعلاء وهو متحقِّق عند اتخاذ شيء مكاناً للصلاة لاستعلاء المصلي على المكان . ويشهد على ذلك استعمال هذه الجملة في صحيحة زرارة بالمعنى الذي ذكرناه قال : «سألته عن الشاذكونة يكون عليها الجنابة أيصلّى عليها في المحمل قال : لا بأس بالصّلاة عليها»(2) ونظيرها من الأخبار ، ومع هذا الاحتمال لا يبقى مجال للاستدلال بالصحيحة على المدعى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 451 / أبواب النجاسات ب 29 ح 3 .

(2) الوسائل 3 : 454 / أبواب النجاسات ب 30 ح 3 .

ــ[135]ــ

   والظاهر أن السفينة والطرّادة من غير المنقول (1) وفي الگاري ونحوه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويتّضح مما ذكرناه أنه لا حاجة إلى تقييد إطلاق الصحيحة بحمل الجفاف على الجفاف بالشمس ، وذلك لأن المكان إذا جفت جازت الصلاة عليه سواء استند جفافه إلى الشمس أم استند إلى غيرها .

   الثالث : الاستصحاب ، لأن الحصر والبواري كانا قبل قطعهما وفصلهما بحيث لو أشرقت عليهما الشمس طهرتا ـ  لكونهما من النبات وهو مما لا ينقل  ـ فلو شككنا بعد فصلهما في بقائهما على حالتهما السابقة وعدمه نبني على كونهما بعد القطع أيضاً كذلك للاستصحاب التعليقي ، ومقتضاه الحكم بكون الشمس مطهرة للحصر والبواري .

   وقد يقال بمعارضته بالاستصحاب التنجيزي أعني استصحاب نجاستهما المتيقنة قبل إشراق الشمس عليهما ، ويحكم بتساقطهما والرجوع إلى قاعدة الطهارة .

   وفي كلا الأمرين ما لا يخفى . أما في التمسك بالاستصحاب ، فلأنه من استصحاب الحكم المعلق ، والاستصحابات التعليقية غير جارية في نفسها وإن قلنا بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإلهيّة فضلاً عما إذا لم نقل به . وأما جعله معارضاً بالاستصحاب التنجيزي والحكم بالتساقط والرجوع إلى قاعدة الطهارة ، فلعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية أوّلاً ، ولعدم كون المورد من موارد الرجوع إلى قاعدة الطهارة ثانياً ، لأن المرجع في المقام بعد تساقط الأصلين إنما هو العمومات أو المطلقات الدالّة على اعتبار الغسل بالماء في تطهير المتنجسات . والمتلخص أنه لا دليل على إلحاق الحصر والبواري بالأرض ، بل حالهما حال غيرهما من المنقولات .

   (1) لما تقدم من أن مطهرية الشمس غير مختصة بالأرض ، لأن عنوان «الموضع القذر» أو «السطح» أو «المكان الذي يصلى فيه» كما ورد في الأخبار المتقدِّمة ، من العناوين الشاملة لغير الأرض أيضاً فيشمل الطرادة والسفينة لا محالة ، لصحة أن يقال إن كلاً منهما سطح أو مكان يصلى فيه بمعنى أنه قابل ومعد للصلاة فلا إشكال في طهارتهما بالشمس .

ــ[136]ــ

إشكال (1) وكذا مثل الچلابية والقفة ، ويشترط في تطهيرها ((1)) أن يكون في المذكورات رطوبة مسرية (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لأنه ونـظائره من الچلابية والقفة وغيرهما من المراكب البحرية أو البرية غير معدّة ولا قابلة للصلاة فيها ، لصغرها وضيقها فلا يصدق عليها عنوان السطح أو المكان الذي يصلّى فيه . ونحن وإن قلنا بطهارة الأخشاب ونظائرها بالشمس ، نظراً إلى أنها إذا كانت مثبتة ومفروشة على الأرض صح أن يطلق عليها السطح أو المكان الذي يصلى فيه ، وذكرنا أنها إذا صدق عليها شيء من العناوين المتقدِّمة في مورد تعدينا إلى سائر الموارد أيضاً وإن لم يصدق عليها تلك العناوين ، كما إذا كانت مثبتة في البناء للاجماع القطعي وعدم القول بالفصل ، إلاّ أن هذا فيما إذا كانت الأخشاب مما لا  ينقل ، وأما إذا كانت من المنقول فلا إجماع قطعي حتى يسوغ التعدي بسببه .

   نعم لو كنّا اعتمدنا على رواية الحضرمي لم يكن مانع من الحكم بالطهارة في الگاري ونظائره بالشمس ، لعموم قوله (عليه السلام) «كل ما أشرقت ...» أو إطلاق قوله «ما أشرقت» ولكنك عرفت عدم كون الرواية قابلة للاعتماد عليها في الاستدلال .

   (2) اشتراط الرطوبة المسرية في مطهرية الشمس لا دليل عليه ، لأن ظاهر السؤال في الروايات عن البول يكون على السطح أو عن السطح يصيبه البول أو يبال عليه ، وإن كان هو اشتمال المتنجِّس على الرطوبة المسرية ، إلاّ أن حكمه (عليه السلام) لم يترتب على ما فيه رطوبة مسرية ، وإنما حكم (عليه السلام) بعدم البأس فيما أشرقت عليه الشمس أو أصابته وجففته . فالمدار على إصابة الشمس وجفاف المتنجِّس باشراقها ، وهذا كما يتحقق مع الرطوبة المسرية كذلك يتحقق فيما إذا كانت الأرض أو السطح ندية ، فيقال إنها كانت ندية فجففت بإشراق الشمس عليها فاللاّزم في مطهِّرية الشمس اشتمال المتنجِّس على النداوة لتوقف صدق الجفاف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يشترط ذلك وإنما يشترط أن لا تكون الأرض جافّة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net