11 ـ استبراء الجلاّل \ نجاسة بول الجلاّل ومدفوعه - معنى الجلل 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6666


ــ[227]ــ

   الحادي عشر : استبراء الحيوان الجلاّل فانّه مطهّر لبوله وروثه (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إنما هو غسل ظاهر الأنف والمقعدة حتى يستشكل شيخنا الأعظم (قدس سره) باختصاصهما بالأنف والمقعدة وأنه لا دليل على التعدي إلى غيرهما (1) . على أنهما خاصتان بالنجاسة الداخلية وقد عرفت أنها غير موجبة لتنجس البواطن أصلاً وهي خارجة عن محل الكلام ، لأن البحث في تنجس المطبقين بالنجاسة الخارجية التي بنينا على كونها موجبة لتنجس البواطن وإن كان زوالها موجباً لطهارتها .

   بل لجريان السيرة على عدم فتح العينين أو الفم فيما إذا تنجس جميع البدن واُريد تطهيره بالارتماس في كر ونحوه أو بصبّ الماء على جميع البدن ، كما يظهر ذلك من ملاحظة حال الداخلين في الحمامات وأمثالهم . ويؤيد ذلك الروايتان المتقدمتان الواردتان في طهارة بصاق شارب الخمر ، وهما روايتا عبدالحميد بن أبي الديلم والحسن بن موسى الحنّاط (2) وذلك لوصول الخمر عادة إلى مطبق الشفتين ، فلو لم يكن مطبقهما من البواطن لتنجس بشربها ولم يكف زوال العين في الحكم بطهارته وبذلك كان يتنجّس البصاق لغلبة إصابته مطبقهما ، وقد تقدّم أن المتنجِّس من غير واسطة منجِّس لما لاقاه ، ومعه لا وجه للحكم بطهارة بصاق شارب الخمر ، وحيث إنه (عليه السلام) حكم بطهارته فيستكشف من ذلك أن مطبق الشفتين من البواطن التي تتنجّس بملاقاة النجاسة الخارجية وإن كانت تطهر بزوال العين عنها ، ومن ذلك يظهر الحال في مطبق الجفنين أيضاً لأن حكمه حكم مطبق الشفتين .

 مطهِّريّة استبراء الجلاّل

    (1) الكلام في هذه المسألة يقع في جهات :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الطهارة : 391 السطر 13 (بحث المطهرات ومنها : انتقال النجاسة إلى البواطن) .

(2) المتقدِّمتان في ص 224 .

ــ[228]ــ

   الاُولى : يحرم أكل الحيوانات الجلاّلة لصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «لا تأكل اللحوم الجلاّلة وإن أصابك من عرقها شيء فاغسله» (1) وغيرها من الأخبار .

   الجهة الثانية : أن بول الجلاّلة ومدفوعها محكومان بالنجاسة ، لقوله في حسنة بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) «إغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (2) لأنها تدل على ثبوت الملازمة بين كون الحيوان محرم الأكل وكون بوله نجساً ، كما أن مقتضى إطلاقها عدم الفرق في تلك الملازمة بين الحرمة الذاتية وبين كونها عارضة بالجلل أو بغيره ، وبهذا تثبت نجاسة بول الجلاّلة لحرمة أكلها ، فاذا ثبتت نجاسة بولها ثبتت نجاسة مدفوعها لعدم الفصل بينهما بالارتكاز .

   ثم إن الحرمة العرضية إنما تستتبع نجاسة البول والخرء فيما إذا كانت ثابتة على نوع المكلفين كما هو الحال في الجلل ، وأما الحرمة العرضية الثابتة لشخص دون شخص أو لطائفة دون اُخرى فهي لا تستلزم نجاسة البول والخرء ، وذلك لوضوح أن حرمة أكل لحم الشاة على المريض لاضراره مثلاً لا تستتبع نجاسة بول الشاة وخرئها كما لا تستتبعها حرمة أكلها لغيره ، وكذا الأغنام المملوكة لملاّكها لأنها محرّمة الأكل على من لم يأذن له المالك إلاّ أن أمثال تلك الحرمة العرضية لا تستلزم نجاسة بولها وروثها فالمدار في الحكم بنجاسة بول الحيوان وخرئه إنما هو حرمة لحمه على نوع المكلّفين كما أن الأمر كذلك في الملازمة بين حلية أكل لحم الحيوان وطهارة بوله وروثه ، لأن حلية الأكل العارضة لبعض دون بعض غير مستتبعة للحكم بطهارة بول الحيوان وروثه ، كما إذا اضطر أحد إلى أكل لحم السباع أو احتاج إليه للتداوي ، فالمدار في الطرفين على كون الحكم ثابتاً للنوع هذا ، وقد سبق بعض الكلام في ذلك في التكلم على نجاسة البول وعرق الابل الجلاّلة ، فليراجع (3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 423 / أبواب النجاسات ب 15 ح 1 .

(2) الوسائل 3 : 405 / أبواب النجاسات ب 8 ح 2 .

(3) شرح العروة  2 : 381 ، 3 : 143 .

ــ[229]ــ

والمراد بالجلاّل مطلق ما يؤكل لحمه من الحيوانات المعتادة بتغذي العذرة (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هذه هي الجهة الثالثة من الكلام وهي في بيان مفهوم الجلل ، والتحقيق أن الجلل لا يختص بحيوان دون حيوان بل يعم كل حيوان يتغذى بعذرة الانسان . وما في بعض كتب اللغة من تفسير الجلاّلة بالبقرة تتبع النجاسات (1) فالظاهر أنه تفسير بالمثال ، وذلك لاطلاق الجلاّلة في بعض الأخبار المعتبرة على الإبل (2) بل قد اُطلقت على غيرها من الحيوانات كالدجاجة والبطة والشاة وغيرها على ما في بعض الأخبار الواردة في استبراء الحيوانات الجلاّلة (3) .

   نعم ، لا بدّ من تخصيص الجلاّلة بالحيوان الذي يأكل العذرة فلا يعم أكل سائر الأعيان النجسة ، لأنّ الأسد والهرّة وغيرهما من السباع يأكل الميتة ولا يصح إطلاق الجلاّلة عليهما . ثم على تقدير الشك في ذلك فلا مناص من الأخذ بالمقدار المتيقن وهو الأقل وفي المقدار الزائد يرجع إلى عموم العام ، وذلك لأن الجلاّل محلل الأكل في ذاته ومقتضى إطلاق ما دلّ على حليته حليته مطلقاً ، وإنما خرجنا عن ذلك في خصوص آكل العذرة للقطع بجلله ، فاذا شككنا في صدق الجلل بأكل غيرها من الأعيان النجسة فلا بد من مراجعة إطلاق ما دلّ على حليته ، كما هو الحال في موارد إجمال المخصص لدورانه بين الأقل والأكثر .

   وأمّا مرسلة موسى بن أكيل عن أبي جعفر (عليه السلام) «في شاة شربت بولاً ثم ذبحت قال فقال : يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به ، وكذلك إذا اعتلفت بالعذرة ما لم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما في لسان العرب 11 : 119 وأقرب الموارد 1 : 133 .

(2) ورد ذلك في حسنة حفص بن البختري المروية في الوسائل 3 : 423 / أبواب النجاسات ب 15 ح  2 .

(3) كما في رواية السكوني عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليه السلام) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : الدجاجة الجلاّلة لا يؤكل لحمها حتى تقيد ثلاثة أيام ، والبطة الجلاّلة بخمسة أيام ، والشاة الجلاّلة عشرة أيام ، والبقرة الجلاّلة عشرين يوماً والناقة الجلاّلة أربعين يوماً» الوسائل 24 : 166 / أبواب الأطعمة المحرمة ب 28 ح 1 وغيره من الأخبار .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net