الاحتمالات في المراد من البدأة بالأعلى في غسل الوجه 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6455


ــ[57]ــ

والغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفاً ولا يجوز النكس(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلم يبق إلاّ تسالم الفقهاء الأقدمين وسيرة أصحاب الأئمة (عليهم السلام) حيث جرت على غسل وجوههم من الأعلى إلى الأسفل ، فان المتقدمين متسالمون على وجوب ذلك ولم يخالفهم في ذلك إلاّ السيد المرتضى (قدس سره) (1)  كما أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) لم ينقل عنهم خلاف ذلك ، فلو لم يكن هذا على وجه الالزام والوجوب لظهر وشاع ، فنطمئن من عدم ظهور ذلك بأن الغسل من الأعلى إلى الأسفل أمر واجب لا محالة .

   وعلى الجملة : أنّ التسالم بين الفقهاء (قدس سرهم) إن تم وثبتت سيرة أصحابهم (عليهم السلام) فهو ، وإلاّ فللمناقشة في وجوب غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل مجال واسع ، غير أن النفس مطمئنة من سيرتهم وتسالم فقهائنا الأقدمين على وجوبه هذا تمام الكلام في أصل المسألة وهو وجوب غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل وعدمه .

   (1) إذا قلنا بوجوب غسل الأعلى فالأعلى ، فلا بدّ من التكلم فيما هو الواجب في المسألة وفيه احتمالات :

    الاحتمالات في الغسل من الأعلى :

   أحدها : أن يقال إن الواجب وقتئذ هو الغسل من أعلى الوجه والقصاص بمقدار يسير يصدق عليه الشروع ، وأما بعد ذلك فلا يعـتبر فيه الغسل من الأعلى فالأعلى بل له أن يغسل الباقي كيفما شاء ، فكأن الواجب إنما هو مجرد الشروع والابتداء في الغسل بالأعلى ، وبذلك يسقط الوجوب والترتيب ، فللمكلف أن يغسل وجهه بعد ذلك بأية كيفية شاءها ولو نكساً .

   ويدفعه : أن الظاهر المستفاد من الأخبار البيانية الواردة في حكاية وضوء النبي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم ذكر المصدر في ص 49 .

ــ[58]ــ

(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ورواية الرقاشي المتقدمة (1) على القول بصحة الاستدلال بهما على لزوم غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل ، أن الواجب إنما هو غسل الوجه من الأعلى إلى أسفله بالتمام ، وأن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنما شرع من الأعلى وغسل الأعلى فالأعلى إلى أسفله ، لا أن الواجب مجرد الشروع بالأعلى فالحكم بجواز النكس ـ بعد الابتداء في الغسل به ـ خلاف ظواهر الأخبار .

   ثانيها : أن الواجب غسل الأجزاء العالية فالعالية بحسب الخطوط العرضية ، بحيث لا يجوز غسل شيء من الأجزاء السافلة ـ حتى الجزء السافل الذي لا يكون مسامتاً للجزء الأعلى غير المغسول ـ إلاّ بعد غسل تمام الأجزاء الواقعة فوقها في خط عرضي دقيق ، كما نقل عن المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي (قدس سره) .

   ويرده : أن هذا مضافاً إلى صعوبته في نفسه على خلاف الروايات الصريحة في عكس المدعى كقوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة المتقدمة (2) : «فأسدله على وجهه من أعلى الوجه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعاً» فان الماء بطبعه إذا اُسدل من أعلى الوجه نزل إلى الأسفل منه ، فيغسل به الجزء السافل قبل غسل بقية الأجزاء العالية من الخط العرضي ، ومن هنا كان (عليه السلام) يمسح الجانبين ، فوصول الماء إليهما كان متأخراً عن إسدال الماء على الوجه لا محالة .

   ثالثها : أن الواجب إنما هو غسل الأجزاء العالية فالعالية بحسب الخطوط الطولية فلا بدّ من غسل الجزء العالي قبل الجزء السافل المسامت له ، دون الأجزاء السافلة غير المسامتة له ، فانه يجوز غسلها قبل غسل الجزء العالي الذي لا يكون مسامتاً له إذن لا بدّ من غسل الوجه حسب الخط الطولي الهندسي لئلاّ يغسل شيء من الجزء السافل المسامت للجزء العالي قبل غسل الجزء العالي عليه .

   وهذا الاحتمال أيضاً لا يمكن المساعدة عليه ، لوضوح أن الماء إذا صب من الأعلى لم ينزل إلى الأسفل على وجه مستقيم ، بل ينحرف بحسب الطبع إلى اليمين واليسار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 398 / أبواب الوضوء ب 15 ح 22 ، وتقدّمت في ص 51 .

(2) في ص 54 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net