بيان معنى المرفق - لزوم تقديم غسل اليد اليمنى على اليسرى 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9796


    بيان معنى المرفق :

   والمتحصل ممّا ذكروه في تفسير المرفق معان ثلاثة :

   الأوّل : أنّ المرفق هو الخط الموهومي الفاصل بين عظم الذراع المحاط بعظمي العضد المحيطين ، فان من وضع يده على مفصل العضد والذراع يرى أن في العضد عظمان محيطان بعظم الذراع .

   وعلى هذا لا معنى للنزاع في أن الغاية ـ أي المرفق ـ داخلة في المغيى أعني ما يجب غسله ، وذلك لأنه لا معنى لغسل الخط الموهوم ، فانّ الغسل إنما يقع على الأجسام الخارجية دون الاُمور الوهمية . نعم يجب غسل كل من عظمي العضد وعظم الذراع لوقوعها تحت ذلك الخط الوهمي وهو المرفق على الفرض ، وأما نفس ذلك الخط والمرفق فقد عرفت أنه لا معنى لغسله .

   الثاني : أن المرفق هو عظم الذراع المتداخل في عظمي العضد ، وهو المعبّر عنه بطرف الساعد الداخل في العضـد ، على ما نسب إلى ظاهر العلاّمة في المنتهى(1) ومحتمل كلامه في النهاية (2) ، وعلى هذا لا مانع من النزاع في أن المرفق أعني عظم الذراع داخل في المغيى أم خارج عنه ، لأنه بمعنى أن عظم الذراع أيضاً مما يجب غسله مع اليدين أو لا يجب .

   الثالث : أن المرفق هو مجموع العظام الثلاثة المتركبة من عظم الذراع المحاط وعظمي العضد المحيطين بعظم الذراع كما هو مختار الماتن (قدس سره) .

   ولا يستفاد شيء من هذه المعاني من الآية المباركة ولا من الأخبار المشتملة على ما اشتملت عليه الآية المباركة من تحديد اليد إلى المرفق ، ولا يدلّنا شيء من ذلك على أن المرفق هو الخط الوهمي ، حتى لا يبقى معه مجال للنزاع في أنه داخل في المغيى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه عنه في المستمسك 2 : 345 ولاحظ المنتهى 2 : 37 .

(2) نهاية الإحكام 1 : 38 .

ــ[77]ــ

أو خارج عنه ، أو أن المرفق بمعنى عظم الذراع أو مجموع العظام ، كما لا يمكن أن يستفاد من شيء منها ـ في نفسها ـ أن المرفق داخل في المغيى أو خارج عنه ، إذ الغاية عند أهل المحاورة قد تكون داخلة في المغيى وقد تكون خارجة عنه ، غير أن التسالم القطعي والاجماعات المدعاة والأخبار البيانية دلتنا على أن المرفق واجب الغسل مع اليدين ، فوجوب غسله معهما مما لا كلام فيه ، وإن لم يعلم أنه بأيّ معنى من المعنيين الأخيرين ، فانه على المعنى الأول لا معنى لغسله كما مرّ ، إذن فتلك الاُمور قرينة على أن كلمة «إلى» إنما هي بمعنى حتى أو مع في الآية المباركة ، وأن الغاية داخلة في المغيى كما أشرنا إليه . وقد تقدّم أنّ هذا لا بمعنى أن كلمة «إلى» مستعملة بمعنى حتى أو مع حتى يقال إنه لم يعهد استعمالها بهذا المعنى ، بل الكلمة مستعملة في معناها الموضوع له لكن المراد الجدي منها هو معنى حتى أو مع ، وعليه فلا يبقى إشكال في دخول الغاية في المغيى .

   إذن لا بدّ من تعيين ما هو الداخل في وجوب الغسل وأنه أيّ عظم ، وهل هو خصوص عظم الذراع كما نسب إلى العلاّمة (قدس سره) (1) أو مجموع العظام في المفصل ؟

   الثاني هو الظاهر ، وذلك لأن تفسير المرفق بعظم الذراع مضافاً إلى أنه على خلاف معنى المرفق لغة ـ لأنه من الرفق والالتئام ، والملتئم في المفصل مجموع العظام الثلاثة فلا موجب لتخصيصه بأحدها وهو عظم الذراع دون عظمي العضد ـ مخالف لصريح الصحيحة الواردة في المقام ، وهي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ ؟ قال : يغسل ما بقي من عضده» (2) لأن الظاهر من اليد التي قطعت في مقابل العضد هو الذراع ، والظاهر أيضاً أن الذراع قد قطع بتمامه وانفصل عن عظمي العضد ، بحيث لم يبق من عظم الذراع شيء ، فلو كان المرفق بمعنى عظم الذراع فما معنى وجوب غسل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ التذكرة 1 : 159 ، نهاية الإحكام 1 : 38 .

(2) الوسائل 1 : 479 / أبواب الوضوء ب 49 ح 2 .

ــ[78]ــ

مقدماً لليمنى على اليسرى (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العضد حينئذ ، لأنه أمر آخر غير المرفق والذراع .

   فهذا يدلنا على أن العضد بعظميه من المرفق ، وحيث اُخرج وانفصل بعضه ـ  أي المرفق  ـ وجب غسل الباقي منه ، وقوله (عليه السلام) «يغسل ما بقي ...» أيضاً شاهد على هذا المدعى ، وبه نستكشف أن العضد هو باقي المرفق .

   إذن يصح ما اختاره الماتن (قدس سره) من أن المرفق هو المؤتلف من مجموع العظام الثلاثة وهو المشهور أيضاً بين الأصحاب (قدس سرهم) بحيث لو فرضنا أن اليد قد قطعت وجب غسل الباقي من المرفق وهو العضد ، وسيتعرّض له الماتن (قدس سره) فيما يأتي من الفروع إن شاء الله (1) .

    تقديم اليمنى على اليسرى :

   (1) هذه هي الجهة الثانية التي لا بدّ من أن يتكلم عنها في المقام ، وهي مسألة تقديم اليد اليمنى على اليسرى في غسلها ، وهذه المسألة وإن كان يأتي عليها الكلام عند التكلم على شرائط الوضوء إن شاء الله (2) غير أ نّا نتعرّض لها في المقام تبعاً للماتن (قدس سره) فنقول : إن المسألة متسالَم عليها بين الأصحاب (قدس سرهم) والعمدة فيها هي الروايات الكثيرة الواردة في الأمر باعادة غسل اليد اليسرى وغيره من أفعال الوضوء ، فيما إذا غسلها قبل أن يغسل اليد اليمنى .

   فمنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إذا نسي الرجل أن يغسل يمينه فغسل شماله ومسح رأسه ورجليه ، فذكر بعد ذلك ، غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه» (3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 86 .

(2) في ص 383 .

(3) الوسائل 1 : 452 / أبواب الوضوء ب 35 ح 9 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net