بطلان العبادة بالرّياء في جزئها المستحب - حكم الرِّياء في أثناء العبادة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6199


ــ[14]ــ

بل ولو كان جزءاً مستحبّاً على الأقوى (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   الرِّياء في الجزء المستحب

   (1) قد ظهر الحال في ذلك مما بيّناه في الرِّياء في الجزء الوجوبي ، لأن الرِّياء في مثل القنوت إنما يوجب بطلان ذلك الجزء المستحب وهو الذي أشرك فيه مع الله تعالى غيره فيحكم ببطلانه دون مجموع العمل كما مرّ في الجزء الوجوبي . وبالجملة : إنه إذا قلنا بعدم بطلان العبادة بإتيان الجزء الوجوبي رياء فلا نقول ببطلانها عند إتيان الجزء الاستحبابي بداعي الرِّياء كما عرفت .

   وهل يحكم ببطلان العبادة بإتيان الجزء المستحب بداعي الرِّياء فيما إذا قلنا بذلك في الجزء الوجوبي ، أو لا نقول ببطلانها من جهة الرِّياء في الجزء المستحب ؟ الصحيح هو الثاني ، وأن الرِّياء في الجزء المستحب لا يوجب بطلان العبادة وإن قلنا ببطلانها بالرياء في الجزء الواجب . والسر في ذلك ما ذكرناه في بحث الاُصول من أنه لا معنى متحصل للجزء المستحب ، حيث إن وجوب شيء مع كون جزئه مستحباً أمران متنافيان(1) ، ولا يمكن أن يكون المستحب جزءاً من ماهية الواجب ، لاستحالة تقوم الماهية الواجبة بالأمر المستحب الذي له أن يأتي به وله أن يتركه ، كما أنه لا يمكن أن يكون جزءاً من فردها ، حيث إن الواجب إذا كان مركباً من اُمور متعدِّدة وأتى بها المكلّف خارجاً كان ذلك فرداً من الماهية الواجبة ، ومع عدم كون المستحب أو غيره جزءاً من الماهية كيف يعقل أن يكون جزءاً من فردها ومصداقها ، فلا معنى للجزء المستحب إلاّ أحد أمرين :

   أحدهما : أن يكون الأمر المستحب عبادة مستقلّة في نفسها إلاّ أن ظرفها هو العبادة الواجبة ، فكما قد يستحب إتيان بعض الاُمور قبل العبادة أو بعدها كذلك لا مانع من استحباب بعض الاُمور في أثنائها على أن يكون ظرف ذلك المستحب هو العبادة الواجبة ، فهما عبادتان إحداهما ظرف والاُخرى مظروف ، ومن الظاهر أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 300 .

ــ[15]ــ

وسواء نوى الرِّياء من أوّل العمل أو نوى في الأثناء (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المظروفة إذا بطلت للرياء لا يقتضي ذلك بطلان ظرفها لأنهما عبادتان ، ولا وجه لإسراء البطلان من أحدهما إلى الآخر ، وقد أسلفنا أن ما ورد في بعض الروايات من حرمة إدخال رضا أحد في العبادة ليس معناه حرمة جعل العبادة ظرفاً للرِّياء ، بل معناه حرمة الإتيان بالعبادة بداعي رضا غير الله على أن يكون لرضا غيره مدخلية في عبادته .

   وثانيهما : أن يكون ما نسميه بالجزء المستحب موجباً لحدوث خصوصية في العبادة ، بها تصير أرجح الأفراد وأفضلها ويكون ثوابها أكثر من بقيّة الأفراد من غير أن يكون عبادة في نفسها ، كما هو الحال في الجماعة في الصلاة ، حيث إنها ـ أي الجماعة ـ ليست مستحبّة في نفسها ، وإنما هي توجب حدوث مزيّة في ذلك الفرد بها تكون أرجح من غيره ويكون ثوابه أكثر من بقيّة الأفراد الواجبة ، ولا يبعد أن يكون القنوت أيضاً من هذا القبيل ، وهذا يرجع في الحقيقة إلى التقييد وأن الصلاة المتقيّدة بالقنوت في أثنائها أو بأمر آخر قبلها أو بعدها أرجح من غيرها ، وثوابها أزيد من ثواب بقيّة الأفراد .

   فإذا فرضنا أن التقييد حصل على وجه محرّم مبغوض فكأن التقييد المستحب لم يكن ، فلا يترتب على العبادة مزيّة راجحة إلاّ أنها تقع صحيحة في نفسها .

   (1) وذلك للإطلاق ، حيث إن ما دلّ على بطلان العبادة التي أشرك فيها مع الله غيره غير مختص بما إذا كان الإشراك من أوّل العمل ، بل إذا تحقق في أثنائه أيضاً يصدق عليه عنوان الرِّياء ويقال إنه أشرك في عمله مع الله غيره فيبطل ، نعم إذا حدث ذلك في أثناء العبادة إلاّ أنه لم يقتصر على ذلك الجزء الصـادر بداعي غير الله بل أتى به ثانياً بداعي امتثال أمر الله سبحانه دخل ذلك في المسألة المتقدِّمة أعني الرِّياء في جزء العمل ، ويأتي فيه التفصيل المتقدِّم بعينه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net