حكم الجرح المكشوف في مواضع الغَسل من الوضوء - حكم الكسر المكشوف في مواضع الغَسل من الوضوء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8005


ــ[150]ــ

أو لعدم إمكان إيصال الماء تحت الجبيرة ولا رفعها فإن كان مكشوفاً ((1)) (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    أحكام الجرح المكشوف

   (1) شرع (قدس سره) في أحكام الجرح المكشوف وحكم بوجوب المسح على نفس الجرح إذا لم يكن فيه ضرر وإلاّ فيمسح على خرقة يضعها على الجرح ، فلو لم يمكن ذلك أيضاً لضرره حكم بوجوب غسل ما حوله ، ولكن الأحوط أن يضمّ إليه التيمم أيضاً .

   أما ما أفاده (قدس سره) من مسح نفس الجرح وإلاّ فيمسح ما وضعه عليه من الخرقة فهو يبتني على أن مسح البشرة ميسور لغسلها المعسور بالنظر العرفي كما أن مسح الخرقة ميسور الغسل المتعذر حسب المتفاهم عندهم ، وحيث إن الميسور لا يسقط بالمعسور فيجب المسح على البشرة أوّلاً وإلاّ فمسح الخرقة ومع تعسرهما يغسل أطرافه ويضمّ إليه التيمم ، لذهابهم إلى أن الطّهارة لا تتبعض .

   ولكن فيما أفاده من أوّله إلى آخره مجال للمناقشة ، وذلك لأن مسح البشرة ليس مرتبة ضعيفة عن غسلها فلا يعد ميسوراً للغسل بالنظر العرفي ، بل هما متقابلان وأحدهما غير الآخر ، اللّهمّ إلاّ أن يجري الماء بمسحه من جزء إلى جزء آخر ، إلاّ أنه خارج عن مفروض الكلام لأنه غسل حقيقة وكلامنا في المسح هذا . ثمّ على تقدير تسليم ذلك لا ينبغي التردد في أن مسح جسم خارجي من جلد أو قرطاس أو خرقة ليس من المراتب النازلة لغسل البشرة فكيف يعد ميسوراً بالنظر العرفي من الغسل المتعسر ؟ ! نعم إذا كانت الخرقة موضوعة من الابتداء وقبل الوضوء أعني بها الجبيرة فلا إشكال في كفاية مسحها للروايات . على أن الاعتبار أيضاً يساعد على ذلك ، لأن الخرقة المشدودة على البشرة معدودة من توابع الجسد وملحقاته فالمسح عليها كالمسح على الجسد ، هذا كله بحسب الصغرى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد تعين التيمم حينئذ في الكسير .

ــ[151]ــ

   وأمّا كبرى ما أفاده فقد مرّ غير مرّة أن قاعدة الميسور لم تتم لضعف رواياتها سنداً أو دلالة ، نعم لو تمّت رواية عبد الأعلى(1) سنداً ودلالة بأن قلنا إن المسح على المرارة ميسور من غسل البشرة المعسور على الفرض لحكمنا بجواز المسح على الخرقة في المقام أيضاً ، لدلالتها على أن ذلك حكم يستفاد من كتاب الله في مورد الرواية وأشباهه . إلاّ أنها ضعيفة السند والدلالة كما مرّ ، وعليه فالمتعيّن هو الأخذ باطلاق صحيحة عبدالله بن سنان المتقدّمة الآمرة بغسل ما حول الجرح فحسب سواء تمكن من مسح الجرح أو الخرقة أم لم يتمكن ، إذ لو كان مسح الجرح أو الخرقة واجباً لتعرضت إليه لا محالة ، وحيث إنها مطلقة لترك الاستفصال فيها فلا مناص من الاكتفاء بغسل أطرافه فحسب .

   وأمّا ما أفاده من ضمّ التيمم إلى الوضوء بغسل أطراف الجرح فالظاهر أن وجهه أن الأمر حينئذ يدور بين المتباينين ، لأنه إما أن يجب عليه الوضوء الناقص أعني غسل ما حول الجرح فقط ويسقط عنه غسل موضع الجرح ومسحه والمسح على الخرقة بالتعذر كما هو المفروض ، وإما أن يجب عليه التيمم لأنه فاقد للماء وغير متمكن من الوضوء التام ، ولأجل دوران الأمر بينهما وهما متباينان حكم بوجوب غسل ما حول الجرح وقال : الأحوط ضمّ التيمم إليه .

   إلاّ أن الصحيح الاقتصار على وجوب غسل أطراف الجراحة فقط ، وذلك لأنا إن بنينا على أن الأخبار الآمرة بغسل ما حول الجرح أو القرحة مطلقة وأنها في مقام البيان كما هو الصحيح فلا محالة نحكم بمقتضى إطلاقها على أن صاحب القرحة أو الجراحة المكشوفة يغسل ما حولها فقط ، سواء كان متمكناً من مسح الجراحة أو مسح الخرقة أم لم يتمكن ، وذلك لإطلاق الأخبار وورودها في مقام البيان وعدم استفصالها بين التمكن من المسح وعدمه ، لأنها حينئذ كالتخصيص في أدلّة وجوب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّمت في ص 144 .

ــ[152]ــ

يجب غسل أطرافه ووضع خرقة طاهرة ((1)) عليه والمسح عليها مع الرطوبة ، وإن أمكن المسح عليه بلا وضع خرقة تعين ذلك إن لم يمكن غسله كما هو المفروض وإن لم يمكن وضع الخرقة أيضاً اقتصر على غسل أطرافه ، لكن الأحوط ضمّ التيمّم إليه ((2)) ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الغسل في الوضوء كما لا يخفى ، بل نلتزم حتى مع قطع النظر عن الأخبار الواردة في كفاية المسح على الجبيرة في المجبور ، لأنها إذا لم تكن موجودة أيضاً كنا نلتزم بذلك في الجرح المكشوف بمقتضى إطلاق الروايات .

   وأمّا إذا بنينا على عدم الإطلاق فيها بدعوى أنها وردت لبيان وجوب غسل الأطراف في الجملة ، وأما أنه كذلك حتى مع التمكن من المسح فلا لعدم كونها بصدد البيان من تلك الجهة فهي مجملة ، فلا مناص من الحكم بوجوب التيمم في مفروض المسألة ، وذلك لأنا نحتمل اختصاص تلك الأخبار الآمرة بغسل ما حول الجراحة بمن كان متمكناً من مسح الجرح أو الخرقة دون من كان عاجزاً عنه كما هو مفروض الكلام ، وحيث لا إطلاق للأخبار على الفرض فلا نص على كفاية الوضوء الناقص في من به جرح مكشوف فوظيفته التيمم لأنه فاقد الماء .

   فعلى ما ذكرناه يدور الأمر في أمثال المقام بين وجوب غسل الأطراف فقط مطلقاً ولو مع التمكّن من المسح وبين وجوب التيمم ، وحيث إنا بنينا على إطلاق الروايات الآمرة بغسل ما حول الجرح أو القرحة فلا محالة يتعين الحكم بكفاية الوضوء الناقص في من كان به جرح مشكوف مطلقاً ، سواء تمكن من المسح أم لم يتمكّن ، فلا وجه لضمّ التيمم إليه ، هذا كلّه فيما إذا كان المكشوف هو الجرح أو القرح .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط الأولى ، ومع التمكن من المسح على البشرة فالأولى الجمع بين المسحين .

(2) لا بأس بتركه .

ــ[153]ــ

    أحكام الكسر المكشوف

   وأمّا الكسر المكشوف فهل يأتي فيه ما ذكرناه في القرحة المكشوفة فيجب عليه غسل ما حوله فقط من غير مسح موضع الكسر ولا الخرقة ولا ضمّ التيمم إليه على ما ذكرناه ، أو هو مع مسح الموضع أو الخرقة أو ضمّ التيمم إليه على ما ذكره الماتن (قدس سره) أو أن الوظيفة حينئذ هي التيمم فحسب ؟

   ظاهر المتن كبعضهم أن حكمه حكم الجرح المكشوف فيمسح المحل إن تمكن وإلاّ فيمسح على الخرقة التي يجعلها عليه وإلاّ فيغسل أطرافه ويضم التيمم إليه ، بل ظاهر بعض الكلمات أن الأعذار المانعة عن وصول الماء إلى غيره من مواضع الوضوء مطلقاً كذلك وإن لم يكن هناك جرح أو كسر ، كما إذا كان جرحه بحيث يتألم من وصول الماء إلى موضع معيّن من وجهه أو الرمد المانع من وصول الماء إلى ظاهر عينه ، فإنه يمسح ذلك المحل أو الخرقة إن أمكن وإلاّ فيكتفي بغسل أطرافها ويضمّ التيمم إليه هذا .

   ولكن الصحيح اختصاص ذلك الحكم بالجرح أو القرحة المكشوفتين ، وذلك لاختصاص الأخبار الآمرة بغسل ما حوله بهما أي بصاحب الجرح أو الفرح ولا نص على ذلك في الكسر المكشوف ، نعم ورد الأمر بغسل أطراف الكسر وأنه لا يعبث بجراحته(1) إلاّ أنه مختص بالمجبور دون المكشوف ، بل الوظيفة التيمم حينئذ لعدم تمكنه من الوضوء التام ، وقد عرفت أن الأصل الأوّلي في من عجز عن الوضوء التام هو التيمم إذا لم يرد فيه نص على كفاية الوضوء الناقص ، بل قد ورد الأمر بالتيمم في الكسر بدلاً عن الجنابة كما يأتي وإنّما خرجنا نحن عن مقتضاه في الكسر المجبور بالروايات على ما يأتي عليه الكلام إن شاء الله تعالى (2) . ومن ذلك يظهر الحال في بقيّة الأعذار التي يضرّها الماء ، فإن الفرض في مثلها التيمم لعدم تمكن المكلّف من الوضوء التام ، هذا كلّه إذا كان الجرح أو الكسر المكشوفين في مواضع الغسل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما في ذيل صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج .  الوسائل 1 : 463 /  أبواب الوضوء  ب 39 ح 1 .

(2) في ص 196 ـ 197 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net