جواز نكاح اُخت المزني بها في مدّة الاستبراء - حكم الجمع بين فاطميتين 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 11998


   [ 3785 ] مسألة 49: إذا زنى بإحدى الاُختين، جاز له نكاح الاُخرى في مدّة استبراء الاُولى(2). وكذا إذا وطئها شبهة جاز له نكاح اُختها في عدّتها، لأنّها بائنة(3). نعم ، الأحوط اعتبار الخروج عن العدّة (4)

 ــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) بلا إشكال فيه ، إذ إنّ الممنوع بحسب النصوص إنّما هو التزويج بالاُخت في زمان العدّة الرجعية للاُولى ، وحيث إنّ الاستبراء ليس منها ، فلا مانع من التزويج بها في هذه العدّة .

   هذا كلّه بناءً على وجوب الاستبراء من الزنا . وأما بناءً على القول بعدمه فلا مجال لتوهّم المنع ، وقد عرفت في محلّه أنّ الاستبراء إنّما يجب عليه إذا أراد أن يتزوجها بعد السفاح دون غيره .

   (3) فمقتضى القاعدة فيها الجواز ، حيث لا يصدق الجمع بين الاُختين .

   (4) لصحيحة بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة فزفتها إليه اُختها وكانت أكبر منها ، فأدخلت منزل زوجها ليلاً فعمدت إلى ثياب امرأته فنزعتها منها ولبستها ، ثم قعدت في حجلة اُختها ونحّت امرأته وأطفأت المصباح واستحيت الجارية أن تتكلّم ، فدخل الزوج الحجلة فواقعها وهو يظن أ نّها امرأته التي تزوجها ، فلما أن أصبح الرجل قامت إليه امرأته فقالت : أنا امرأتك فلانة التي تزوّجت ، وإنّ اُختي مكرت بي فأخذت ثيابي فلبستها وقعدت في الحجلة ونحّتني ، فنظر الرجل في ذلك فوجد كما ذكر ، فقال : «أرى أن لا مهر للتي دلست نفسها ، وأرى أنّ عليها الحدّ لما فعلت حدّ الزاني غير محصن ، ولا يقرب الزوج امرأته التي تزوج حتى تنقضي عدّة التي دلست نفسها ، فإذا انقضت عدّتها ضمّ إليه امرأته» (1) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب العيوب والتدليس ، ب 9 ح 1 .

 
 

ــ[361]ــ

خصوصاً((1))(1) في صورة كون الشبهة من طرفه والزِّنا من طرفها، من جهة الخبر ((2)) (2) الوارد في تدليس الاُخت التي نامت في فراش اُختها بعد لبسها لباسها .

   [ 3786 ] مسألة 50: الأقوى جواز الجمع بين فاطميتين، على كراهة(3). وذهب جماعة من الإخبارية إلى الحرمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وصحيحة زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة بالعراق ثم خرج إلى الشام فتزوّج امرأة اُخرى فإذا هي اُخت امرأته التي بالعراق ، قال : «يفرّق بينه وبين المرأة التي تزوجها بالشام ، ولا يقرب المرأة العراقية حتى تنقضي عدّة الشامية» (3) .

   إلاّ أنّ هاتين المعتبرتين أجنبيتان عن محلّ الكلام ، إذ إنّهما إنّما تدلاّن على عدم جواز وطء الاُخت الاُولى حتى تنقضي عدّة الثانية ، وهو أجنبي عن جواز التزوّج بالاُخت الثانية في فترة عدّة الاُولى وعدمه .

   وعلى هذا فحيث لا دليل على المنع ، فمقتضى القاعدة هو الجواز وإن لم يجز له مقاربتها ; نظير ما هو ثابت في الحائض والنفساء حيث يجوز التزوّج منهن في حين لا يجوز وطؤهن .

   (1) الظاهر أنّ وجه الخصوصية هو تخيّل انحصار الدليل بصحيحة بريد العجلي فإنّ موردها كون الشبهة من طرف الرجل خاصة . لكنك قد عرفت أنّ الدليل غير منحصر فيها ، ومن هنا فلا وجه للخصوصية لو سلّمنا أصل الحكم .

   (2) وهو صحيح بريد العجلي المتقدم .

   (3) لرواية محمد بن أبي عمير عن رجل من أصحابنا ، قال : سمعته يقول : «لا يحلّ لأحد أن يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة (عليها السلام) ، إنّ ذلك يبلغها فيشقّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لم يظهر وجه للخصوصية .

(2) الخبر صحيح ، ومثله صحيح زرارة بن أعين في الدلالة على هذا الحكم وإن كان مورده غير صورة التدليس .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 26 ح 1 .

ــ[362]ــ

عليها» ، قلت : يبلغها ؟ قال : «إي والله» (1) .

   وهذه الرواية مروية بطريقين : فقد رواها الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن ، عن السندي بن ربيع ، عن محمد بن أبي عمير ، عن رجل من أصحابنا (2) . ورواها الصدوق عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن حماد ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : ... الحديث (3) .

   والرواية على كلا الطريقين ضعيفة سنداً .

   أما الطريق الأول فلأن فيه السندي بن الربيع ، وهو ممن لم يرد فيه توثيق إلاّ في بعض نسخ رجال الشيخ (قدس سره) غير أ نّه من غلط النساخ جزماً ، فإنّ أكثر نسخ الرجال خالية من التوثيق له . ويشهد لذلك أنّ العلاّمة وابن داود قد ذكرا أ نّه مهمل (4) والحال أنّ رجال الشيخ (قدس سره) بخطه كان عند ابن داود ، على ما صرح به غير مرّة في كتابه (5) . وعلى تقدير الالتزام بوثاقة الرجل ، فالرواية مرسلة لا مجال للاعتماد عليها وإن كان مرسلها ابن أبي عمير .

   وأما الطريق الثاني فكلّ من في السند من الثقات باستثناء محمد بن علي ماجيلويه ، فإنّه لم تثبت وثاقته . نعم ، هو من مشايخ الصدوق (قدس سره) ، غير أننا قد ذكرنا غير مرة أ نّه لا ملازمة بين كون الشخص شيخاً للصدوق وبين وثاقته ، فإنّه (قدس سره) يروي عن النواصب أيضاً كالضبي . ومن هنا فالطريق الثاني ضعيف أيضاً .

   وعليه فلا تصلح الرواية دليلاً للكراهة فضلاً عن البطلان والحرمة . نعم ، بناء على التسامح في أدلّة السنن لا بأس بجعلها دليلاً للكراهة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 40 ح 1 .

(2) التهذيب 7 : 463 / 1855 .

(3) علل الشرائع : 590 .

(4) رجال العلاّمة ، لم نعثر على ترجمته في رجال العلاّمة . رجال ابن داود : 107 رقم 736 .

(5) رجال ابن داود : 107 رقم 736 .

ــ[363]ــ

والبطلان بالنسبة إلى الثانية (1) ومنهم من قال بالحرمة دون البطلان ، فالأحوط الترك . ولو جمع بينهما فالأحوط طلاق الثانية أو طلاق الاُولى وتجديد العقد على الثانية بعد خروج الاُولى عن العدّة، وإن كان الأظهر على القول بالحرمة عدم البطلان، لأنّها تكليفية، فلا تدلّ على الفساد(2).

   ثم الظاهر عدم الفرق في الحرمة أو الكراهة بين كون الجامع بينهما فاطمياً أو لا(3). كما أنّ الظاهر اختصاص الكراهة أو الحرمة بمن كانت فاطمية من طرف الأبوين أو الأب ، فلا تجري في المنتسب إليها ـ صلوات الله عليها ـ من طرف الاُم (4) خصوصاً إذا كان انتسابها إليها بإحدى الجدّات العاليات .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومما يؤيد ما ذكرناه أ نّه لم يتعرّض لهذه المسألة أحد من أصحابنا قبل صاحب الحدائق (قدس سره) ، على ما ذكره صاحب الجواهر (قدس سره) (1) فإنّ ذلك إنّما يكشف عن كون المسألة مغفولة عنها ومسلّمة الجواز . كما تقتضيه السيرة أيضاً فإنّ أكثر من يتزوج بأكثر من زوجة واحدة إنّما يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة ، ولا أقلّ من جهة الاُم في نفسها أو في أجدادها وجدّاتها ، فإنّ عنوان ولد فاطمة (عليها السلام) شامل لمثل هذه أيضاً وإن كان عنوان الفاطميتين لا يشملها ، إلاّ أنّ ذلك لا يضر شيئاً لأنّ المذكور في الرواية إنّما هو الأوّل دون الثاني .

   (1) اختاره صاحب الحدائق (قدس سره) (2) .

   (2) كما يظهر من التعليل المذكور في النص أيضاً ، إذ إنّ وقوع سيدة النساء (عليها السلام) في المشقة فرع صحة العقدين معاً ، وإلاّ فلو كان العقد الثاني باطلاً لكانت الثانية أجنبية ولحرمت عليه مقاربتها ، فلا يتحقق الجمع كي تتأذى (عليها السلام) ، والحال إنّه خلاف مفروض الرواية .

   (3) لإطلاق الدليل .

   (4) وقد تقدم ما فيه من الإشكال بل المنع ، فإنّه إنّما يتم فيما إذا كان المذكور في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 29 : 392 .

(2) الحدائق 23 : 559 .

ــ[364]ــ

   وكيف كان، فالأقوى عدم الحرمة وإن كان النص الوارد في المنع صحيحاً((1)) (1) على ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن حماد، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «لا يحلّ لأحد أن يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة (عليها السلام) إنّ ذلك يبلغها فيشقّ عليها». قلت: يبلغها؟ قال (عليه السلام): «إي والله» وذلك لإعراض المشهور عنه، مع أن تعليله ظاهر في الكراهة(2). إذ لا نسلم أنّ مطلق كون ذلك شاقّاً عليها إيذاءً لها (3) حتى يدخل في قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «من آذاها فقد آذاني» .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص هو المنع عن الفاطميتين ، فإنّه ظاهر في المنتسبة بالأبوين أو الأب خاصة . إلاّ أنّ المذكور في النص ليس ذلك ، وإنّما هو المنع عن الجمع بين اثنتين من ولد فاطمة (عليها السلام) ، وهو شامل للمنتسبة من جهة الاُم على حدّ شموله للمنتسبة من جهة الأبوين ، كما هو أوضح من أن يخفى .

   (1) قد عرفت ضعفه بمحمّد بن علي ماجيلويه شيخ الصدوق (قدس سره) .

   (2) إذ لو كان دالاًّ على التحريم لكان لازمه القول بحرمة كل ما يلزم منه إيذاء سيدة النساء (عليها السلام) ـ كطلاق الفاطمية ، أو الجمع بين الفاطمية وغيرها إذا كان نكاح غير العلوية متأخراً ـ والحال إنّه لا يمكن لفقيه الالتزام به .

   (3) بل حتى ولو فرض كونه إيذاءً لها ، فإنّه لا دليل على حرمة الفعل المباح المقتضي لإيذاء المؤمن قهراً ، على ما ذكرنا في محلّه . وحيث إنّ المقام من هذا القبيل لأنّ التزوّج بالثانية أمر مباح في حدّ نفسه ، فمجرد تأذي فاطمة (عليها السلام) لا يقتضي حرمته .

   ومما يدلّ عليه أ نّه لو كان حراماً لظهر وبان لابتلاء الناس به كثيراً ، فكيف ولم يتعرض له فقيه إلى زمان صاحب الحدائق (قدس سره) أو قبله بقليل !!

   على أنّ مقتضى قوله (عليه السلام) : «من ولد فاطمة» هو حرمة الجمع بين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النص غير صحيح لأنّ في سنده محمّد بن علي ماجيلويه وهو لم يوثّق ، ومجرّد كونه شيخاً للصدوق لا يدلّ على وثاقته ، وعليه فالحكم بالكراهة مبنيّ على قاعدة التسامح .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net