نسيان الجنابة أو غسلها أو الجهل بها في شهر رمضان - أحكام الاحتلام في نهار شهر رمضان 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 14122


    نسيان غسل الجنابة في رمضان

   وأمّا نسيان غسل الجنابة في شهر رمضان فقد عرفت وجوب القضاء فيه بمقتضى رواية إبراهيم بن ميمون المتقدِّمة(2) وهي مروية بثلاثة طرق كلها ضعاف ، أما طريق الشيخ والصدوق (رحمهما الله) فهما ضعيفان بإبراهيم بن ميمون لعدم ثبوت وثاقته وأمّا طريق الكليني فهو ضعيف به وبسهل بن زياد . وبمقتضى صحيحة الحلبي المتقدِّمة(3) وهي العمدة في المقام ، وإن كان مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن النص عدم وجوب القضاء في نسيان غسل الجنابة ، حيث إن نواقض الصوم اُمور محصورة وليس منها نسيان غسل الجنابة ، وإنما الناقض تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر وليس النسيان من التعمد كما هو واضح ، إلاّ أن مقتضى النص وجوب القضاء كما مرّ .

    نسيان الجنابة أو الجهل بها

   وهل نسيان نفس الجنابة أو نسيان أن غداً من شهر رمضان كنسيان غسل الجنابة موجب للقضاء أو لا ؟

   الظاهر أن الأصحاب لم يتعرضوا إلى ذلك في كلماتهم . والصحيح أن نسيان الجنابة أو نسيان أن غداً من رمضان لا يوجبان القضاء ، وذلك لما مرّ من أن نواقض الصوم اُمور محصورة ولم يذكر منها النسيان ، فلو كنا نحن وأنفسنا لم نحكم بوجوب القضاء في نسيان غسل الجنابة أيضاً ، فان الناقض تعمد البقاء على الجنابة دون النسيان ، وقد خرجنا عن ذلك في نسيان الغسل بالنص ويبقى نسيان نفس الجنابة ونسيان أن اليوم

ـــــــــــــ
(2) الوسائل 10 : 65 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك ب 17 ح 1 . تقدّم ذكرها في ص 289 .

(3) الوسائل 10 : 238 / أبواب من يصحّ منه الصوم ب 30 ح 3 . تقدّم ذكرها في ص 290 .

 
 

ــ[301]ــ

من رمضان محكوماً بعدم كونهما موجبين للقضاء . وكذلك الحال في الجاهل بالجنابة كمن أجنب ولم يعلم به إلاّ بعد مدّة ، فان مقتضى ما ذكرناه عدم وجوب القضاء عليه لعدم كونه من التعمد في البقاء على الجنابة ولا من غيره من النواقض . هذا كله في صوم شهر رمضان .

   وهل الأمر كذلك في قضائه أيضاً بمعنى أن نسيان غسل الجنابة مانع عن صحّته ونسيان نفس الجنابة أو الجهل بها غير موجب للبطلان ؟ التحقيق أن قضاء صوم رمضان لأضيق دائرة من نفس صوم رمضان ، فإن المستفاد من صحيحتي عبدالله بن سنان المتقدِّمتين أن الإصباح جنباً ـ متعمداً أو غير متعمد ـ  مانع عن صحّة قضائه ولعلّ صاحب الوسائل (قدس سره) أيضاً استفاد ذلك منهما ، ومن هنا عنون الباب بأن من أصبح جنباً لم يجز له أن يصوم ذلك اليوم قضاء عن شهر رمضان .

   ففي إحدى الصحيحتين «أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أوّل الليل ولا يغتسل حتى يجيء آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع ، قال : لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره»(1) . وفي الثانية قال : «كتب أبي إلى أبي عبدالله (عليه السلام) وكان يقضي شهر رمضان وقال : إني أصبحت بالغسل ـ  أي مكلّفاً به  ـ  وأصابتني جنابة فلم اغتسل حتى طلع الفجر ، فأجابه عليه السلام : لا تصم هذا اليوم وصم غداً»(2) . فإن المستفاد منهما أن في فرض الإصباح جنباً وإن لم يكن اختياريّاً لا يصحّ منه قضاء صوم رمضان ، فلا يفرق في بطلانه بين كونه جاهلاً بجنابته أم ناسياً لها أو ناسياً لغلسلها .

    بقي الكلام في مسألتين :

   إحداهما : أن الجنابة العمدية في النهار تبطل الصيام ولو كان مندوباً ، وهذا مما لم يقع فيه خلاف ، فان من النواقض النساء أي جماعهن فيبطل به الصوم وتجب الكفارة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 67 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك ب 19 ح 1 .

(2) الوسائل 10 : 67 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك ب 19 ح 2 .

ــ[302]ــ

بلا كلام ، والاستمناء ملحق بالجماع ، ففي صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني قال : عليه من الكفّارة مثل ما على الذي يجامع» (1) وهكذا في غيرها من الأخبار .

   هذا إذا  كان خروج المني منه باستمنائه ، وأمّا إذا تحرّك لأجله المني من مكانه أو رأى في المنام ما هيّج شهوته إلاّ أنه لم يخرج المني منه بعد ذلك وكان متمكناً من أن يمنع عن خروجه ، فهل يجب عليه ذلك إذا لم يكن ضررياً في حقه لأن ترك منعه إمناء بالاختيار أو لا يجب عليه المنع من خروج المني ؟ فهي مسألة طويلة الذيل ، ويقع الكلام عليها في صحّة الصوم إن شاء الله (2) .

   ثانيتهما : أن الاحتلام في نهار رمضان غير مبطل للصوم ، وذلك مضافاً إلى أن النواقض محصورة وليس الاحتلام من الجماع ولا من غيره من النواقض ، قد دلّت عليه جملة من النصوص ، ففي صحيحة العيص بن القاسم أنه «سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثمّ يستيقظ ثمّ ينام قبل أن يغتسل قال : لا بأس»(3) . وفي رواية اُخرى عن عمر بن يزيد قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : لأي علّة لا يفطر الاحتلام الصائم والنِّكاح يفطر الصائم ؟ قال : لأن النِّكاح فعله والاحتلام مفعول به»(4) إلى غير ذلك من الأخبار .

   وهل تجب على الصائم المحتلم المبادرة إلى الاغتسال ؟ وهل إذا احتلم في النهار يجب عليه المبادرة إلى الغسل لئلا يبقى على الجنابة متعمداً في النهار أو لا يجب ؟ ذهب بعض من قارب عصرنا إلى ذلك وأن البقاء على الجنابة في النهار غير جائز متعمداً فان البقاء عليها كذلك في اللّيل إلى طلوع الفجر محرم ـ  كما مرّ  ـ وكذلك الحال في النهار .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 39 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك ب 4 ح 1 .

(2) في المسألة [ 2398 ] .

(3) الوسائل 10 : 103 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك ، ب 35 ح 3 .

(4) الوسائل 10 : 104 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك ب 35 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net