دخول الرقبة في الرأس - الترتيب بين الجانبين الأيمن والأيسر 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 11570


ــ[372]ــ

    هل الرّقبة داخلة في الرأس ؟

   الجهة الثانية : هل الرقبة داخلة في الرأس فيجب غسلها قبل غسل البدن أو داخلة في البدن ، فان قلنا بالترتيب بين الطرف الأيمن والأيسر فلا بدّ من غسل نصف الرقبة مع الطرف الأيمن ونصفها الآخر مع الطرف الأيسر ، وإن لم نلتزم بالترتيب بينهما فيغسلها مع الطرفين بأية كيفية شاءها ؟

   المعروف بينهم أنها داخلة في الرأس ، وهذا هو الصحيح لا لدعوى أن الرأس يطلق على الرقبة وما فوقها ليقال إنها غير ثابتة وأن الرأس اسم لما نبت عليه الشعر فوق الاُذنين ـ مع أن إطلاقه وإرادة الرقبة وما فوقها ليس إطلاقاً غريباً ، بل قد يستعمل كذلك فيقال قطع رأسه أو ذبح ولا يراد بذلك أنه قطع عمّا فوق الاُذنين ، نعم ليس إطلاقاً متعارفاً كثيراً ـ  بل من جهة أن حكم الرقبة حكم الرأس فيجب غسلها مقدّماً على غسل البدن ، لقيام القرينة على ذلك أي على أن حكمها حكمه . والذي يدلّ على ذلك أمران :

   أحدهما : صحيحة زرارة الآمرة بصب ثلاث أكف على رأسه وصبّ الماء مرّتين على منكبه الأيمن ومرّتين على منكبه الأيسر(1) ، فانّ الرقبة لو لم تغسل مع الرأس وكانت الأكف الثلاث لأجل غسل الرأس فحسب فأين تغسل الرقبة بعد غسله ؟ فان صبّ الماء على المنكبين لا يوجب غسل الرقبة لوضوح أنها فوق المنكبين ، ولا أمر بالغسل غير غسل الرأس والمنكبين إلى آخر البدن فتبقى الرقبة غير مغسولة .

   وثانيهما : موثقة سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) الآمرة بعد صبّ الماء على رأسه ثلاثاً بضرب كف من الماء على صدره وكف بين كتفيه(2) ، فان ضرب الكف منه على صدره وكف بين كتفيه إما أن يكونا هما تمام الغسل الواجب في الغسل وإما أن يكونا مقدّمة لوصول الماء في الغسل الواجب إلى تمام البدن بسهولة ، لأن الماء في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّمت في ص 367 .

(2) الوسائل 2 :231 / أبواب الجنابة ب 26 ح 8 .

ــ[373]ــ

المبلول سريع الجريان . وعلى كلا التقديرين لو لم تكن الرقبة داخلة تحت الرأس في الغسل لتبقى غير مغسولة ، وذلك لأن صبّ الماء على الصدر والكتف لا يوجب غسل الرقبة لأنها فوقهما هذا .

   وقد يقال : إنّ الرقبة داخلة في البدن ، ويستدلّ عليه بصحيحة أبي بصير حيث ورد فيها «وتصب الماء على رأسك ثلاث مرات وتغسل وجهك ... »(1) ، ونظيرها صحيحة يعقوب بن يقطين ، لما ورد فيها من قوله (عليه السلام) : «ثمّ يصب على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كلِّه»(2) فان غسل الرأس إذا لم يشمل غسل الوجه فلا يشمل غسل الرقبة بطريق أولى . وهذا القول هو الذي نقله في الحدائق عن بعض معاصريه الشيخ عبدالله بن صالح البحراني (قدس سره)(3) .

   وفيه : أ نّه إن اُريد بذلك أن الوجه والرقبة خارجان عن مفهوم الرأس لغة لأنه اسم لمنبت الشعر من فوق الاُذن فهو مما لا كلام فيه ، وإن أراد أن الرقبة والوجه لا يغسلان مع غسل الرأس مقدّماً على غسل البدن فلا دلالة عليه في شيء من الروايتين ، بل هما يغسلان بغسله ، وإنما أمره بغسل الوجه إما لاستحبابه في نفسه ولو مع غسله بغسل الرأس وإما لأجل الاهتمام به . وقد احتاط الماتن بغسل نصف الرقبة ثانياً مع الجانب الأيسر ونصفها كذلك مع الجانب الأيمن ، وهو احتياط استحبابي لا بأس به .

    هل يعتبر الترتيب بين الجانب الأيمن والأيسر ؟

   الجهة الثالثة : في أن الترتيب كما يعتبر في الرأس والبدن هل يعتبر بين الجانب الأيمن والأيسر ؟ المعروف هو اعتباره بينهم مستدلاًّ على ذلك بما ورد في صحيحة زرارة من صبّ الماء على رأسه ثلاثاً ثمّ صبّه على المنكب الأيمن مرّتين وعلى المنكب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 231 / أبواب الجنابة ب 26 ح 9 .

(2) الوسائل 2 : 246 / أبواب الجنابة ب 34 ح 1 .

(3) الحدائق 3 : 65 .

ــ[374]ــ

الأيسر مرّتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه(1) ، بدعوى أن الظاهر منها ومن غيرها ممّا هو بهذا المضمون أن الغسل ثلاثة أجزاء غسل الرأس وغسل الجانب الأيمن وغسل الجانب الأيسر ، فلو لم يعتبر الترتيب بين الجانبين لما كان له أجزاء ثلاثة ، بل كان له جزءان غسل الرأس وغسل البدن . وعلى ما ببالي أنّ الفرّاء يرى مجيء واو العاطفة للترتيب الذكري(2) ، ومعه يكون عطف الجانب الأيسر على الأيمن بكلمة «واو» دالاًّ على لزوم الترتيب بينهما . وللإجماع على اعتبار الترتيب بين الجانبين كما يعتبر بين الرأس والبدن .

   ولكن الصحيح عدم اعتبار ذلك ، لأن الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم (عليه السلام) غير حاصل في المسـألة مع ذهاب جملة من أكابر الفقهـاء كالبهائي(3) والأردبيلي(4) وصاحب المدارك(5) والذخيرة(6) إلى عدم الاعتبار ، وأما أن واو العاطفة تدلّ على الترتيب فهو خلاف المتسالم عليه بين الاُدباء لأنها إنما تدلّ على مطلق الجمع دون الترتيب .

   وأمّا الصحيحة وغيرها ممّا هو بمضمونها فيدفعه أنه لا دلالة لها على أنّ الغسل له أجزاء ثلاثة بل له جزءان ، وإنما عبّر بغسل الرأس ثمّ الجانب الأيمن والجانب الأيسر لأن الماء في مفروض الروايات هو الماء القليل ، والكيفية المتعارفة العاديّة في غسل البدن بالماء القليل إنما هو غسل الرأس ثمّ أحد الجانبين ثمّ الجانب الآخر ، وليس ذكره كذلك لكونه واجباً معتبراً في الغسل .

   بل يمكن القول بدلالتها على عدم لزوم الترتيب بين الجانبين ، وذلك لأنّ معنى الترتيب أنّ النصف الأيمن لا بدّ أن يغسل بتمامه قبل النصف الأيسر ، والروايات دلّت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 229 / أبواب الجنابة ب 26 ح 2 .

(2) مغني اللّبيب : 464 .

(3) حبل المتين : 41 .

(4) لم نعثر على رأيه .

(5) المدارك 1 : 295 .

(6) الذخيرة : 56 / السطر 18 .

ــ[375]ــ

على أنه بعد صبّ الماء حفنتين على أحد الجانبين يصب الماء حفنتين على الجانب الآخر ، وهل يمكن أن يغسل بحفنتين من الماء تمام الجانب الأيمن حتى تكون الكفّان بعد ذلك لغسل النصف الأيسر ؟ بل يستحيل ذلك عادة .

   ثمّ لو فرضنا أنّ كفين من الماء يكفي في غسل تمام النصف أو أخذنا بما دلّ على صبّ الماء على الجانبين مرّتين ولو بمقدار يكفي في غسل الطرفين ، إلاّ أن في صبّ الماء مرّتين على النصف الأيمن لا محالة يغسل شي من النصف الأيسر أيضاً ، إذ لم يجعل خط فاصل بين نصفي البدن نصفاً حقيقياً يمنع عن وصول الماء من جانب إلى جانب ، فإذا غسل شيء من الجانب الأيسر بغسل الجانب الأيمن فهو كاف في غسل الجانب الأيسر ولا يلزم غسل ذلك المقدار منه ثانياً ، بدلالة الصحيحة نفسها على أن ما جرى عليه الماء فقد أجزأه ، فهي بنفسها دالّة على عدم اعتبار الترتيب بين الطرفين . هذا كلّه فيما استدلّ به على اعتبار الترتيب بين الطرفين أوّلا .

   واستدلّ على اعتباره ثانياً بما يتألف من مقدمتين :

   إحداهما : ما ورد في جملة من الأخبار(1) فيها المعتبرة وغير المعتبرة من اعتبار الترتيب بين غسل الجانب الأيمن والجانب الأيسر في غسل الميت ، وأنه يغسل رأسه أوّلاً  ثمّ يغسل طرفه الأيمن ثمّ الأيسر .

   وثانيتهما : ما ورد من أن غسل الميت كغسل الجنابة (2) ، حيث استفيد منها أنهما على حدّ سواء . وحيث إنّ المقدّمة الاُولى تثبت اعتبار الترتيب في غسل الميت فلا محالة يعتبر ذلك في غسل الجنابة أيضاً بحكم المقدّمة الثانية .

   ويدفعه : أنّ الترتيب وإن كان معتبراً في غسل الميت إلاّ أن المقدّمة الثانية ممنوعة وذلك لأن الرواية لم تشتمل على أن غسل الجنابة كغسل الميت حتى يدلّ على أنّ ما يعتبر في المشبه به يعتبر في المشبّه لا محالة ، وإنّما اشتملت على أنّ غسل الميت كغسل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 479 / أبواب غسل الميت ب 2 .

(2) الوسائل 2 : 486 / أبواب غسل الميت ب 3 ح 1 ، وهي صحيحة محمّد بن مسلم .

ــ[376]ــ

الجنابة ، ولا دلالة له على أن ما يعتبر في غسل الميت يعتبر في غسل الجنابة ، وإلاّ فيعتبر في غسل الميت تعدد الغسلات والمزج بشيء من السدر والكافور ولا يعتبر شيء من ذلك في غسل الجنابة ، وإنما شبّه بغسل الجنابة فيما يعتبر فيه ، أعني لزوم إصابة الماء ووصوله إلى تمام البدن بحيث لا تبقى منه ولو بمقدار شعرة واحدة ، فهو يعتبر في غسل الميت أيضاً بهذه الرواية .

   على أنّ القاعدة أيضاً تقتضي تشبيه غسل الميت بغسل الجنابة دون العكس ، وذلك لأنّ الجنابة أمر تعمّ به البلوى ويبتلي به عامّة الناس إلاّ نادراً فحكمها أمر يعرفه الجميع وهذا بخلاف غسل الميت ، لأنه لعله مما لا يبتلي به واحد في المائة فيشبه بغسل الجنابة تشبيهاً للمجهول بالمعلوم والضعيف بالقوي فهذا الاستدلال غير تام .

   وأمّا ما ورد من أنّ غسل الميت بعينه غسل الجنابة ، لأنّ الميت يجنب حال موته بخروج النطفة التي خلق منها فغسل الميت بعينه غسل الجنابة ، فيندفع بأن أكثرها ضعيفة السند ولا يمكن الاعتماد عليها في الاستدلال . على أن منها ما اشتمل على أن النطفة إنما تخرج منه من ثقبة في بدنه كعينه أو أنفه واُذنيه ، ولا إشكال في أن خروج النطفة من غير الموضع المعيّن لا يوجب الجنابة فلا يكون الميت جنباً بذلك ولا يكون غسله غسل الجنابة . ثمّ لو سلمنا أنه يجنب بذلك لدلالة الدليل مثلاً على أن الميت يجنب بذلك فلا دليل على أن غسل الجنابة في الأحياء يعتبر فيه ما يعتبر في غسل الجنابة في الأموات .

   ثمّ إنّ ممّا يدلّنا على عدم الترتيب بين الطرفين ما ورد في ذيل صحيحة محمّد بن مسلم «فما جرى عليه الماء فقد طهر»(1) وفي ذيل صحيحة زرارة «فما جرى عليه الماء فقد أجزأه»(2) لما مرّ من أن صب الماء على أحد الطرفين لا يمكن عادة أن يغسل به أحدهما من دون أن يصل منه الماء إلى شيء من الطرف الآخر وهو أمر ظاهر ، فانه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 229 / أبواب الجنابة ب 26 ح 1 .

(2) تقدّم ذكرها في ص 373 .

ــ[377]ــ

يجري الماء منه إلى شيء من الجانب الأيسر لا محالة ، والذيلان المتقدّمان يدلاّن على كفاية ذلك في الغسل وعدم وجوب غسله ثانياً مع أن غسل ذلك المقدار من الجانب الأيسر وقع قبل غسل تمام الطرف الأيمن ، فهما تدلاّن على عدم اعتبار الترتيب بين الطرفين .

   ويدلّ على ذلك من الأخبار الخاصّة مضافاً إلى المطلقات المتقدّمة ما ورد في ذيل صحيحة زرارة الواردة في من شك في غسل بعض جسده في الغسل ، حيث قال: «فان دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شيء عليه ، وإن استيقن رجع فأعاد عليه الماء ، وإن رآه وبه بلّة مسح عليه وأعاد الصلاة باستيقان ... »(1) حيث فصّلت بين صورتي الشك واليقين ، ودلّت على وجوب إعادة الماء على الموضع غير المغسول أو مسحه بالبلة الموجودة في بدنه وعلى إعادة الصلاة في صورة اليقين وهذا إنما يتمّ بناء على عدم الترتيب بين الجانبين ، لأن الترتيب لو كان معتبراً بينهما لوجب التفصيل بين ما إذا كان المحل المنسي غسله في الطرف الأيسر فيعود عليه بالماء أو يمسحه بالرطوبة الموجودة في بدنه كما في الرواية ، وبين ما إذا كان في الطرف الأيمن فانه يعود عليه الماء أو يمسحه ويعيد غسل طرفه الأيسر ليحصل به الترتيب المأمور به ، فكونها ساكتة عن التفصيل بين الصورتين مع أنها في مقام البيان يدلّنا على عدم اعتبار الترتيب بين الجانبين .

   ومنها : موثقة سماعة المتقدِّمة حيث ورد فيها «ثمّ يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه ... »(2) فان الظاهر أن الصبتين بنفسهما الغسل المأمور به لا أنهما مقدّمتان للغسل بأن يبلل بهما البدن ويصل الماء في الغسل إلى جميع أطرافه بسرعة . وهي كما ترى تدلّ على لزوم غسل الصدر والكتف من دون تقديم أحد الجانبين على الآخر ، إذ لو اعتبر الترتيب بينهما للزم الأمر بصبهما على الجانب الأيمن من الصدر والكتف أوّلاً ثمّ صبهما على الجانب الأيسر منهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 260 / أبواب الجنابة ب 41 ح 2 .

(2) الوسائل 2 : 231 / أبواب الجنابة ب 26 ح 8 .

ــ[378]ــ

   ومنها : صحيحة حكم بن حكيم ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن غسل الجنابة ، فقال : أفض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها ثمّ اغسل ما أصاب جسدك من أذى ثمّ اغسل فرجك وأفض على رأسك وجسدك فاغتسل ، فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك أن لا تغسل رجليك ، وإن كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك»(1) .

   حيث إنه (عليه السلام) فرّع على صب الماء على الرأس والجسد بقوله : «فإن كنت ... » إلخ أنه إن كان في مكان نظيف فالماء الذي صبه على الرأس والجسد يكفي في غسل رجليه فلا يجب غسلهما بعد ذلك ، وأما إذا كان المكان قذراً وتنجس به رجلاه فيجب أن يغسلهما بعد صبه الماء على رأسه وجسده إتماماً للغسل ، وهذا لا يتم إلاّ بناء على عدم اعتبار الترتيب بين الطرفين ، إذ لو كان معتبراً لوجب أن يأمره بغسل رجله اليمنى أوّلاً ثمّ غسل رجله اليسرى وجميع طرفه الأيسر ثانياً تحصيلاً للترتيب المعتبر بين الجانبين .

   وممّا يدلّنا على ما ادعيناه ولعله أظهر ما في الباب من الروايات ما رواه الصدوق في الموثق عن عمار بن موسى الساباطي «أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل ولم تنقض شعرها كم يجزئها من الماء ؟ قال : مثل الذي يشرب شعرها وهو ثلاث حفنات على رأسها وحفنتان على اليمين وحفنتان على اليسار ثمّ تمرّ يدها على جسدها كلِّه»(2) وهي صريحة في المدعى ، فان قوله (عليه السلام) : «ثمّ تمرّ يدها» تدلّ على تراخي إمرار اليد عن صبّ الحفنتين على اليمين واليسار ، ولا وجه للإمرار بعد ذلك إلاّ عدم وصول الحفنتين في كل من الطرفين إلى جميع البدن ، وإلاّ الإمرار مما لا وجه له ، ولم تدلّ الموثقة على أنها تمر بيدها على الجانب الأيمن أوّلاً ثمّ تصب الحفـنتين على الأيسر وتمرّ يدها عليه ، بل هي مطلقة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 230 / أبواب الجنابة ب 26 ح 7 ، 233 / ب 27 ح 1 .

(2) الوسائل 2 : 257 / أبواب الجنابة ب 38 ح 6 . الفقيه 1 : 55 / 208 .

ــ[379]ــ

فقد يكون الموضع الذي لم يصله الماء في الطرف الأيمن مع أنها قد صبت الحفنتين على الأيسر فانها دلّت على أنها لو مسحت بيدها ذلك الموضع كفى في غسلها ، ولا يتم هذا إلاّ مع عدم لزوم الترتيب بين الجانبين . فالموثقة ظاهرة بل كادت أن تكون صريحة في عدم اعتبار الترتيب بينهما .

   وممّا يشهد على ذلك بل يعادل جميع ما أسلفناه أن غسل الجنابة مسألة كثيرة الابتلاء لكل أحد إلاّ ما ندر ، والحكم في مثلها لو كان لشاع بين الرواة ولم يخف على أحد مع أنه لم يرد اعتبار الترتيب بين الطرفين ولا في رواية ، إذ لو كان معتبراً لورد في الأخبار وانتشر بين الرّواة ، فانه قد ذكر الترتيب بين الرأس والبدن كما ذكر اعتباره بين الجانبين أيضاً في غسل الميت مع قلّة الابتلاء به فلو كان معتبراً في غسل الجنابة أيضاً لورد في الروايات ، فنفس عدم الاشتهار في مثله يدلّنا على العدم ، فان الأعراب لا يمكنهم فهم اعتبار الترتيب بين الجانبين من قوله : «ثمّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين وعلى منكبه الأيسر مرّتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» فلو كان معتبراً لوجب عليه التنبيه والبيان .

   فتحصل : أن الترتيب بين الجانبين مما لا دليل عليه سوى الإجماعات المنقولة والشهرة المحققة ، والشهرة لا نقول بحجيتها وكذا الإجماعات المنقولة ، لأنها إخبارات حدسية لا تشملها أدلّة اعتبار الخبر الواحد ، ومع القول بذلك في الاُصول لا وجه للاعتماد عليها في الفروع حتى يشمله ما قاله بعض العلماء على ما نقله الشيخ (قدس سره) في بحث الإجماع المنقول من أنهم إذا وردوا الفقه نسوا ما ذكروه في الاُصول (1) . والإجماع المحصل غير حاصل لنا ولا سيما مع مخالفة الصـدوقين حيث راجعنا عبارته ولم نرها دالّة على اعتبار الترتيب بين الطرفين(2) . فالصحيح عدم اعتباره بين الجانبين ولكن الاحتياط مع ذلك في محلِّه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول  1 : 93 .

(2) الفقيه  1 : 46 ـ 49 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net