حكم الغسل إذا سخن الماء بالمغصوب - الاغتسال في الأحواض الموقوفة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6170


ــ[419]ــ

   [ 678 ] مسألة 17 : إذا  كان ماء الحمام مباحاً لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه(1) ، لأنّ صاحب الحطب يستحق عوض حطبه ولا يصير شريكاً في الماء ولا صاحب حق فيه .

   [ 679 ] مسألة 18 : الغسل في حوض المدرسة لغير أهله(2) مشكل بل غير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إذا  كان تسخين الماء بشيء مغصوب

   (1) أو أحماه بالكهرباء أو النفط المغصوبين . والوجه في صحّة غسله حينئذ ما ذكرناه في بحث المكاسب من أن الأعراض مطلقاً سواء كانت من أعراض الجسم أم النفس لا تقابل بالمال وإنما هي توجب زيادة قيمة الجسم ومعروضها ، فالصوف المنسوج كالألبسة ونحوها وإن كانت قيمته أضعاف قيمة الصوف غير المنسوج إلاّ أن زيادة القيمة إنما هي قيمة لذات الصوف لا أنها قيمة النسج ، وكذلك الجسم الأبيض مع غيره أو الجسم العريض والطويل مع الجسم غير العريض ، فان نسج الثوب أو بياض الجسم أو عرضه وطوله ليست اُموراً قابلة للتمليك لأحد بإزاء مال أو بغيره ولا معنى لأن يكون نسج الصوف ملكاً لأحد ونفس الصوف ملكاً لآخر ، وهكذا بياض الجسم أو عرضه وطوله وكذلك الحال في اعراض النفس ككتابة العبد ، إذ لا معنى لأن تكون كتابة العبد لأحد ونفس العبد لأحد . وعليه فالحرارة المتحققة في الماء المباح لا معنى لأن تقابل بالمال وتكون ملكاً لصاحب الحطب أو الكهرباء أو النفط حتى يكون شريكاً مع صاحب الماء في الماء ، لأنها ممّا لا يقابل بشيء ، نعم يكون المتصرِّف في الحطب ضامناً لمالكه فلا بدّ من أن يخرج عن عهدته بدفع قيمته إلى مالكه ، وأما الماء المتصف بالحرارة فهو ملك صاحب الماء فيصح غسله فيه ووضوءه وغيرهما من التصرفات .

   (2) هذه المسألة تبتني على بحث كبروي وهو أن الوقف إذا شك في سعته وضيقه إمّا من جهة الموقوف عليه وأنه جميع المسلمين أو خصوص أهل العلم مثلاً ، وإما من

ــ[420]ــ

جهة كيفية التصرّف مع العلم بالموقوف عليه كما إذا شكّ في أن الوقف وقف للانتفاع به في جهة معيّنة أو في جميع الجهات ، فهل يجوز التصرّف فيه في غير المقدار المتيقن أو لا يجوز ؟ فنقول :

   إنّ الإطلاق والتقييد المعبر عنهما بالسعة والضيق بحسب مقام الدلالة والإثبات من قبيل العدم والملكة ، حيث إن الإطلاق ليس إلاّ عدم التقييد بخصوصية في مقام البيان ، وعليه فلو شك في أن الواقف هل جعله وقفاً موسعاً أو مضيقاً وكان في مقام البيان ولم يأت بقيد يدلّ على كونه وقفاً لجهة معيّنة ، فيمكننا التمسك باطلاق كلامه بمقدّمات الحكمة والحكم بأن الوقف مطلق حتى في مقام الثبوت لاستكشافه من الإطلاق في مقام الإثبات . وأما إذا لم يكن هناك إطلاق ليتمسك به وشكّ في سعة الوقف وضيقه فلا مناص من الاقتصار على المقدار المتيقن ، وذلك لأن التقابل بين الإطلاق والتقييد في مقام الثبوت تقابل التضاد ، لأن الإطلاق عبارة عن لحاظ العموم والسريان وعدم مدخلية شيء من الخصوصيات في الموضوع ، والتقييد هو لحاظ الخصوصية ومدخليتها في الموضوع ، فإذا شككنا في أن الواقف لاحظ السريان في وقفه أو لاحظ الخصوصية المعيّنة فأصالة عدم لحاظه العموم والسريان يمنع عن الحكم بعموم الوقف وشموله للجميع .

   ولا يعارضه أصالة عدم لحاظ الخصوصية إذ لا أثر لها ، حيث إن عموم الوقف مترتب على لحاظ السريان لا على عدم لحاظ الخصوصية ، فاستصحاب عدم لحاظ الخصوصية لإثبات أنه لاحظ العموم والسريان إثبات لأحد الضدين بنفي الضد الآخر وهو من أظهر أنحاء الاُصول المثبتة .

   وعليه فلو لم يكن هناك إطلاق أو أمارة على جواز التصرف في الوقف في غير المقدار المتيقن لا يحكم بجوازه ، كما إذا شك غير أهل المدرسة في جواز تصرّفاته في ماء حوضها بالاغتسال فان مقتضى أصالة عدم لحاظ العموم والسريان في وقفه عدم كون الوقف عاماً شاملاً له ، بل مقتضى أصالة الاشتغال أو استصحابه بطلان وضوئه . ومن ذلك القبيل ما إذا علمنا بوقفية لحاف مثلاً وشككنا في أنه وقف للتصرّف فيه في جهة معيّنة كالتغطية به لبرد ونحو برد أو أنه موقوف لمطلق التصرّفات حتى جعله

 
 

ــ[421]ــ

صحيح بل وكذا لأهله ((1)) (1) إلاّ إذا علم عموم الوقفية أو الإباحة .

   [ 680 ] مسألة 19: الماء الذي يسبلونه يشكل الوضوء والغسل منه إلاّ مع العلم بعموم الإذن(2).
ــــــــــــــــــــــــ

فراشاً ينام عليه ، أو علمنا بوقفية كتاب لأهل العلم وشككنا في أن الوقف فيه خاص بمطالعته وتدريسه ودراسته أو يعمّ غيرها أيضاً  كجعل الخبز عليه عند أكله أو جعله متكأً عند المنام ، فان مقتضى أصالة عدم لحاظ العموم والسريان عدم عموميّة الوقف حينئذ فتكون التصرفات الزائدة على المقدار المتيقن متوقفة على مرخص .

   (1) فيه : أن التصرف في ماء الحوض للاغتسال به في الدور والأماكن الصالحة للسكنى أمر متعارف في البلاد الحارة كالنجف وما شابهها . ومعنى وقف المدرسة لأهلها أن المدرسة كالدور وأهل المدرسة كأرباب الدور ، فكما أن ربّ الدار يتصرّف فيها بما يحتاج إلى التصرّف فيه من الاُمور المتعارفة من غسل بدنه وتنظيفه ومنامه ونحوها فكذلك أهل المدرسة ، فيتصرّفون فيها تصرف الملاك في أملاكهم .

   (2) وقد ظهر حال الماء المسبل ممّا قدّمناه في المسألة السابقة ، لأنّ التسبيل بمعنى إباحة التصرّف ، ومع الشك في عمومها وتقيّدها تجري أصالة عدم لحاظ العموم فلا يمكن التصرّف فيه في غير المقدار المتيقن منه وهو شربه ، وأمّا التوضؤ أو الاغتسال أو غسل الثياب به فلا مسوغ له إلاّ أن يكون هناك إطلاق أو أمارة قائمة على الجواز .
ـــــــــــــــ

(1) إذا كانت المدرسة وقفاً وكان الاغتسال لأهلها في حوضها من التصرفات المتعارفة فالظاهر أنه لا بأس به .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net