إذا نوى بعض الأغسال ونوى عدم الآخر 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6663


ــ[62]ــ

   [ 699 ] مسألة 16 : الأقوى صحّة غسل الجمعة من الجنب والحائض ، بل لا يبعد إجزاؤه عن غسل الجنابة بل عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدّم (1) .

   [ 700 ] مسألة 17 : إذا كان يعلم إجمالاً أنّ عليه أغسالاً لكن لا يعلم بعضها بعينه يكفيه أن يقصد جميع ما عليه كما يكفيه أن يقصد البعض المعيّن ويكفي عن غير المعيّن ، بل إذا نوى غسلاً معيّناً ولا يعلم ولو إجمالاً غيره وكان عليه في الواقع كفى عنه أيضاً وإن لم يحصل امتثال أمره (2) . نعم إذا نوى بعض الأغسال ونوى عدم تحقّق الآخر (3) ففي كفايته عنه إشكال بل صحّته أيضاً لا تخلو عن إشكال ((1)) بعد كون حقيقة الأغسال واحدة ، ومن هذا يشكل البناء على عدم التداخل بأن يأتي بأغسال متعدّدة كلّ واحد بنيّة واحد منها ، لكن لا إشكال إذا أتى فيما عدا الأوّل برجاء الصحّة والمطلوبيّة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هذه المسألة من صغريات الكبرى المتقدّمة من أنّ الغسل المستحب يغني عن الأغسال الواجبة والمستحبّة مطلقاً وإن لم ينوها ولم تكن حاجة إلى التّكرار ، ولعلّه إنّما تعرّض لها بخصوصها لورود النص فيها وهو رواية الصدوق المتقدِّمة (2) .

   (2) علم تفصيل هذه المسألة ممّا قدّمناه في الفروع المتقدّمة فلا حاجة إلى إعادته .

    إذا نوى البعض ونوى عدم الآخر

   (3) كما إذا إغتسل لمس الميت قاصداً أن لا يرتفع به جنابته ، لأ نّه يريد أن يغتسل لها مستقلاًّ ، فهل هذا الغسل صحيح في نفسه أو باطل ؟ وعلى فرض صحّته فهل يغني عن غيره وإن كان المكلّف قد قصد عدمه أو لا يغني ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) والأظهر هي الصحّة والكفاية ، فإنّ الأغسال حقائق متعدّدة والإجزاء حكم تعبّدي لا دخل لقصد المغتسل وعدمه فيه .

(2) تقدّمت في الصفحة السابقة .

ــ[63]ــ

   فيه كلام وقد تقدّم نظيره في الوضوء فيما إذا بال ونام وتوضّأ بقصد حدثه النومي دون البولي قاصداً لرفعه بوضوء آخر(1) ، وقد إستشكل الماتن (قدس سره) في صحّته وإغنائه عما في ذمّته ، نظراً إلى أنّ الأغسال طبيعة واحدة ومتى تحقّق فرد منها ارتفع الجميع ، فلا إنفكاك بين الفرد والطّبيعة ، لأ نّه متى ما تحقّق تحققت الطّبيعة وارتفعت الأغسال بأجمعها ، ومعه يشكل الحكم بصحّة الغسل فيما إذا أتى به ناوياً عدم تحقّق الأغسال الاُخر ، وعليه أن يأتي بالغسل الآخر برجاء المطلوبيّة وقصد ما في الذمّة ، حيث يقطع بذلك بالامتثال ، لأ نّه إمّا وقع غسله الأوّل صحيحاً وارتفع به الأغسال كلّها ، أو أ نّه لو كان باطلاً فالغسل الثّاني وقع صحيحاً وبه ارتفعت الأغسال بأجمعها ، هذا .

   ولكن الظّاهر صحّة ما أتى به من الغسل وإغنائه عن البقيّة ، بلا فرق في ذلك بين القول بوحدة طبائع الأغسال والقول بتعددها وتغايرها ، لأ نّا إن قلنا بأن طبائع الأغسال طبيعة واحدة كما هو ظاهر المتن فلا إشكال في ما أتى به المكلّف من الغسل حيث أتى به قاصداً به القربة إمّا بقصده في نفسه لأ نّه محبوب نفسي كما في غسل الجنابة أو بداعي أ نّه واقع في سلسلة وجود الواجب النفسي ، ومع الإتيان بالطبيعة بقصد القربة لا موجب لبطلان ما أتى به من الغسل .

   وأمّا إغناؤه عن بقيّة الأغسال وعدمه فهما حكمان شرعيّان خارجان عن إختيار المكلّف ، فقصده لأحدهما وقصد عدم تحقّق الآخر أو عدمه على حد سواء ، وحيث إنّ الشّارع حكم بإغناء الغسل الواحد عن الجميع فلا محالة تسقط به الأغسال الاُخر .

   اللّهمّ إلاّ أن ينوي بما أتى به الغسل الرّافع لما قصده وغير الرّافع لبقيّة الأغسال شرعاً ، لأ نّه حينئذ تشريع محرّم ، ولم يجعل في الشّريعة المقدّسة غسل غير رافع عن بقيّة الأغسال ، فيحكم ببطلانه من جهة التّشريع ، وهو أمر آخر خارج عن محل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم في المسألة [ 489 ] .

ــ[64]ــ

الكلام ، لأنّ البحث فيما إذا أتى بفرد من الأغسال ناوياً عدم إرتفاع غيره به ، وأمّا إسناد عدم الرّفع إلى الشّارع فهو أمر آخر .

   وأمّا إذا قلنا بأن الأغسال طبائع مختلفة بحسب حكم الشّارع واعتبارهـ  وإن كنّا لو خلّينا وأنفسنا لحكمنا بوحدة طبائعها ، لأنّ الغسل والماء في جميعها واحد ، كما أنّ الكيفيّة كذلك لأ نّه إمّا على نحو الإرتماس وإمّا على نحو الترتيب ، كما هو الحال في صلاتي الظّهر والعصر أو القضاء والأداء ، لأ نّهما طبيعة واحدة ولا اختلاف بينهما بوجه ، إلاّ أنّ قوله (عليه السلام) «إلاّ أنّ هذه قبل هذه» (1) يدلّنا على تعدّد طبيعة الظّهر والعصر عند الشّارع وأنّ المشار إليه بكلمة هذه الاُولى غير المشار إليه بكلمة هذه الثّانية ، وإلاّ لا معنى للإشارة بهما ، كما استفدنا تعدّد الطّبيعة في القضاء والأداء من إستحباب تقديم القضاء على الأداء أو وجوبه ، وأ نّه لو تذكر في أثناء الأداء أنّ عليه قضاء يعدل إلى القضاء ، لأ نّه يدل على أ نّهما طبيعتان ، وإلاّ لا معنى لتقديم الشيء على نفسه إستحباباً أو وجوباً . وفي المقام أيضاً إستفدنا تعدّد الطّبائع من قوله عليه السلام «إذا إجتمعت عليك حقوق» (2) ، ولا يعبر عن الحقيقة الواحدة بالحقوق كما هو ظاهر  ـ فأيضاً إذا أتى بطبيعة من تلك الطّبائع قاصداً به القربة على أحد النحوين المتقدّمين فلا وجه للحكم ببطلانه ، وحيث إنّ الشّارع حكم بإغناء ذلك عن بقيّة الطبائع فيحكم بسقوط الجميع ، لأ نّه حكم شرعي وغير موكول إلى اختيار المكلّف حتّى يقصد عدم سقوط البقيّة .

   اللّهمّ إلاّ أن يشرع في عمله بأن يقصد فرداً من الطّبيعة الّتي حكم الشّارع بعدم إغنائها عن بقيّة الأغسال ، لأ نّه موجب للحكم ببطلان غسله من جهة التّشريع ، إلاّ أ نّه خارج عن مورد الكلام ولا يوجب الحكم بالبطلان عند ما إذا أتى بها جاهلاً بالتداخل أو معتقداً عدم التداخل شرعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 126 و 130 / أبواب المواقيت ب 4 ح 5 و 20 و 21 و 22 .

(2) الوسائل 2 : 261 / أبواب الجنابة ب 43 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net