8 ـ وجوب الكفّارة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5851


   الثّامن : وجوب الكفّارة ((1)) بوطئها وهي دينار في أوّل الحيض ونصفه في وسطه وربعه في آخره إذا كانت زوجة ، من غير فرق بين الحرّة والأمة والدائمة والمنقطعة (2)

 ـــــــــــــــــــــــ
    هل تجب الكفّارة بوطئها  ؟

   (2) ما أفاده الماتن (قدس سره) هو المشهور بين المتقدّمين ، ولكن المشهور بين المتأخّرين على ما في الحدائق(2) عدم وجوب الكفّارة على الواطئ في المحيض ومنهم صاحب الوسائل(3) (قدس سره) على ما عنون به الباب : باب إستحباب الكفّارة لمن وطئ في الحيض ... .

   والوجه في إختلاف المتقدّمين والمتأخّرين في المسألة هو إختلاف الأخبار ، لأنّ الكفّارة على الترتيب الّذي ذكره الماتن (قدس سره) إنّما ورد في رواية داود بن فَرقَد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في كفّارة الطمث أ نّه يتصدّق إذا كان في أوّله بدينار وفي وسطه نصف دينار ، وفي آخره ربع دينار ، قلت : فإن لم يكن عنده ما يكفّر ؟ قال : فليتصدّق على مسكين واحد ، وإلاّ إستغفر الله تعالى ولا يعود ، فإنّ الإستغفار توبة وكفّارة لكلّ من لم يجد السبيل إلى شيء من الكفّارة» (4) .

   وفي مرسلة المُقنع قال «روي أ نّه إن جامعها في أوّل الحـيض فعليه أن يتصدّق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد استحبابها ، والاحتياط لا ينبغي تركه ، وبذلك يظهر الحال في جملة من الفروع الآتية.

(2) الحدائق 3 : 265 / في الحيض .

(3) الوسائل 2 : 327 / أبواب الحيض ب 28 .

(4) الوسائل 2 : 327 / أبواب الحيض ب 28 ح 1 .

ــ[371]ــ

بدينار ، وإن كان في نصفه فنصف دينار ، وإن كان في آخره فربع دينار» (1) .

   ولا يمكن الاعتماد على ذلك لإرسالها ، ولعلّ المراد بالمرسلة هو رواية داود بن فرقد ، ولا يمكن الإعتماد على رواية داود لضعف سندها بالإرسال أوّلاً ، لأنّ محمّد بن أحمد بن يحيى رواها عن بعض أصحابنا عن الطيالسي ، وبعدم دلالتها على وجوب الكفّارة بتلك الكيفيّة ثانياً ، وذلك لأنّ السؤال فيها إنّما هو عن كمّ الكفّارة وأ نّه أيّ شيء فأجابه بما أجاب به ، ولا دلالة لها على أنّ أصل الكفّارة واجب ، بل الكفّارة المعطاة هي الدينار ونصفه وربعه ولو كانت الكفّارة مستحبّة ، فلا دلالة لها على أصل وجوب الكفّارة .

   وأمّا غير هذه الكيفيّة المذكورة في المتن فقد ورد في صحيحة محمّد بن مسلم وجوب التصدّق بدينار مطلقاً بلا فرق في ذلك بين أوّل الحيض وآخره ووسطه ، قال «سألته عمن أتى امرأته وهي طامث ، قال : يتصدّق بدينار ، ويستغفر الله تعالى» (2) .

   إلاّ أنّ مضمونها ممّا لم يقل به أحد من أصحابنا وإن حكي القول به عن المخالفين مضافاً إلى أ نّها معارضة بما دلّ على نفي وجوب الكفّارة كصحيحة العِيص ، قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، قال : لا يلتمس فعل ذلك وقد نهى الله تعالى أن يقربها ، قلت : فإن فعل أعليه كفّارة ؟ قال : لا أعلم فيه شيئاً ، يستغفر الله» (3) .

   والجمع بينها وبين الصحيحة المتقدّمة يقتضي حملها على الإستحباب أو التقيّة كما سيأتي .

   ويؤيّد ذلك ما رواه زرارة عن أحدهما (عليهما السّلام) ، قال «سألته عن الحائض يأتيها زوجها ؟ قال : ليس عليه شيء ، يستغفر الله ولا يعود» (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 328 / أبواب الحيض ب 28 ح 7 .

(2) الوسائل 2 : 327 / أبواب الحيض ب 28 ح 3 .

(3) الوسائل 2 : 329 / أبواب الحيض ب 29 ح 1 .

(4) الوسائل 2 : 329 / أبواب الحيض ب 29 ح 2 .

ــ[372]ــ

   وما رواه ليث المرادي ، قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن وقوع الرّجل على امرأته وهي طامث خطأً ـ  أي من باب الخطيئة والمعصية بقرينة قوله بعد ذلك : وقد عصى ربّه ، لا من باب الخطأ والإشتباه ، وإلاّ لم يكن عاصياً بوجه  ـ  قال : ليس عليه شيء ، وقد عصى ربّه» (1) .

   وأمّا ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : من أتى حائضاً فعليه نصف دينار يتصدّق به»(2) ، حيث دلّت على أنّ الكفّارة هي نصف دينار مطلقاً ، فهو كسابقه ممّا لم يلتزم به الأصحاب .

   وفي رواية علي بن إبراهيم في تفسيره قال «قال الصّادق (عليه السلام) : من أتى امرأته في الفرج في أوّل أيّام حيضها فعليه أن يتصدّق بدينار ، وعليه ربع حدّ الزاني : خمسة وعشرون جلدة ، وإن أتاها في آخر أيّام حيضها فعليه أن يتصدّق بنصف دينار ، ويضرب إثنتي عشرة جلدة ونصفاً» (3) .

   ويدفعه : مضافاً إلى إرسالها ، أنّ مضمونها ممّا لم يقل به أحد من أصحابنا ، فإنّهم إنّما ذهبوا إلى وجوب الكفّارة بنصف دينار فيما إذا كان في وسط الحيض ، وربع دينار إذا كان في آخره ، لا نصف دينار في آخر الحيض .

   وقد ورد مضمون هذه الرّواية في رواية محمّد بن مسلم المرويّة في باب التعزيرات من الوسائل ، قال «سألت أبا جعفر عن الرّجل يأتي المرأة وهي حائض ، قال : يجب عليه في إستقبال الحيض دينار ، وفي استدباره نصف دينار ... » (4) .

   لكنّه ضعيف بأبي حبيب الواقع في سنده ، وهو ممّن لم تثبت وثاقته ، وهو أيضاً غير معمول به بين الأصحاب .

   وقد تحصل إلى هنا أنّ وجوب الكفّارة في وطء الحائض ممّا لا مقتضي له ولا دليل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 329 / أبواب الحيض ب 29 ح 3 .

(2) الوسائل 2 : 327 / أبواب الحيض ب 28 ح 4 .

(3) الوسائل 2 : 327 / أبواب الحيض ب 28 ح 6 .

(4) الوسائل 28 : 377 / أبواب بقيّة الحدود والتعزيرات ب 13 ح 1 .

ــ[373]ــ

عليه ، وقد دلّت صحيحة العِيص على نفي لزوم الكفّارة على الوطء في الحيض ، هذا بعدما عرفت من الإشكال في سند رواية داود بن فرقد ودلالتها .

   ثمّ على تقدير التنازل وفرض تماميّة الأخبار المتقدِّمة ، أي غير رواية داود بن فرقد ، فإنّها ضعيفة السند والدلالة كما مرّ كالأخبار الدالّة على وجوب الدّينار أو نصفه أو التفصيل ، فقد عرفت أ نّها متعارضة ولا مناص من العلاج بينها .

   والتصرّف فيما دلّ على وجوب الكفّارة بدينار مطلقاً كما في صحيحة محمّد بن مسلم وما دلّ على وجوب الكفّارة بنصف دينار مطلقاً كما في رواية أبي بصير ، بحمل الأوّل على أوّل الحيض واستقباله ، وحمل الثّاني على آخره واستدباره كما في رواية القمّي ومحمّد بن مسلم المرويّة في باب التعزيرات .

   مندفع : بأ نّه ليس من الجمع العرفي في شيء ، لبعد أن يحكم الإمام (عليه السلام) بوجوب الكفّارة بدينار على وجه الإطلاق مريداً به أوّل الحيض ، أو يحكم بوجوب الكفّارة بنصف دينار مطلقاً مريداً به آخر الحيض .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net