مصرف الكفّارة - تكرّر الوطء في كل ثلث من الحيض 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7025


ــ[389]ــ

   [ 761 ] مسألة 18 : الأحوط إعطاء كفّارة الأمداد لثلاثة مساكين (1) ، وأمّا كفّارة الدّينار فيجوز إعطاؤها لمسكين واحد ، والأحوط صرفها على ستّة أو سبعة مساكين (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإشتغال ، وإنّما الثّابت في الذمّة هو القيمة ، فالمكلّف مأمور بإخراج قيمة الدّينار ومعه يتعيّن أن تكون القيمة قيمة وقت الأداء والإمتثال ، إذ لو كانت القيمة المدفوعة أقلّ من قيمة وقت الأداء والإمتثال لم يصدق أن يقال إنّك أدّيت قيمة الدّينار بل أدّيت ما هو أقلّ منها ، والمدار على صدق العنوان ـ أداء قيمة الدّينار ـ كما عرفت سواء أكانت مساوية لقيمته وقت التشريع أو وقت الوطء أم لم تكن .

   وعلى الجملة متى ما صدق أ نّك أدّيت قيمة الدّينار إمتثلت الأمر بالتكفير وسقطت عن ذمّتك الكفّارة ، وهو إنّما يتحقّق فيما إذا كانت القيمة المدفوعة قيمة الدّينار وقت الأداء والإمتثال .

   (1) قدّمنا أنّ المدرك في حكمهم بوجوب الكفّارة بثلاثة أمداد في وطء الأمة الحائض منحصر في رواية فقه الرّضا (1) ، وهو غير مشتمل على إعطاء ثلاثة أمداد لثلاثة مساكين ، وإنّما ورد فيه إعطاء ثلاثة أمداد فحسب ، وأمّا الإعطاء لثلاثة أشخاص أو أقل أو أكثر فهو غير وارد في الرّواية ، فهذا الإحتياط لا منشأ له .

   (2) المظنون أنّ في العبارة غلطاً وأنّ الستّة مصحّفة العشرة ، فإنّ الستّة غير موجودة في كلمات الأصحاب غير الماتن (قدس سره) ، ولا في الرّوايات ضعيفها وصحيحها ، والوارد هو عشرة مساكين في ما رواه عبدالملك(2) كما قدّمناه ، وهي قد دلّت على عدم وجوب الكفّارة بما هي ، ولكن السائل لمّا ذكر له (عليه السلام) أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 2 : 21 / أبواب الحيض ب 23 ح 1 . وقد تقدّم البحث في الصفحة 375 .

(2) الوسائل 2 : 327 / أبواب الحيض ب 28 ح 2 . والرّواية غير معتبرة ، لاختلاف النسخ بين عبدالملك وبين عبدالكريم ، والأوّل لم يوثّق ولم يثبت حسنه .

ــ[390]ــ

النّاس يقولون إنّ فيه ديناراً أو نصف دينار قال (عليه السلام) فليتصدّق على عشرة مساكين ، وهو أمر بالتصدق للمجاملة مع العامّة وعدم مخالفة الشيعة لهـم في العمل ولا دلالة لها على أنّ الدّينار يقسم بين عشرة مساكين أو نصف الدّينار يقسم بينهم وإنّما دلّت على التصدّق على العشرة من دون بيان المقدار المتصّدق به لكلّ منهم فالإستدلال بها على تقسيم الدّينار بين العشرة ممّا لا وجه له .

   نعم ، ورود الرّواية في الأمة لا يمنع عن الاستدلال بها على هذا الحكم في غير الأمة بتخيّل أنّ التعدِّي عنها إلى الزّوجة ممّا لا دليل عليه ، وذلك لأنّ الأمة إنّما هي مورد الرّواية لا أ نّها موضوع الحكم ، والمورد لا يكون مخصّصاً .

   ويدلّ على ما ذكرناه أنّ عبدالملك قال له (عليه السلام) إنّ النّاس يقولون إنّ فيه ديناراً أو نصفه ، ومن الظّاهر أنّ العامّة لا يقولون بها في الأمة وإنّما يقولون بها في الزّوجة أو في مطلق وطء الحائض ، فالحكم عام لا يختص بالأمة وإن كان موردها الأمة ، فالمانع عن الإعتماد على الرّواية عدم دلالتها على تقسيم الدّينار بين العشرة وإنّما إشتملت على التصدّق على عشرة ، لكلّ واحد يعطى دينار أو أقل أو أكثر .

   وأمّا سبعة مساكين فقد ورد في صحيحة الحلبي(1) وإنّ عبّر عنها بالحسنة في المسـتند(2) إلاّ أ نّها صحيحة ، وقد ورد فيها أ نّه يتصـدّق على سبعة نفر من المؤمنين إلاّ أ نّها لم تدلّ على أنّ الدّينار أو نصفه أو ربعه يقسم بين السبعة ، وإنّما دلّت على التصدّق على سبعة بقدر قوت كلّ نفر منهم ليومه ، وعليه فالإحتياط بإعطاء الدّينار وتقسيمه على سبعة لا دليل عليه كالعشرة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 22 : 391 / أبواب الكفارات ب 22 ح 2 .

(2) مستند الشيعة 2 : 488 / المسألة الثّالثة عشرة من أحكام الحائض .

ــ[391]ــ

   [ 762 ] مسألة 19 : إذا وطئها في الثّلث الأوّل والثّاني والثّالث فعليه الدّينار ونصفه وربعه (1) ، وإذا كرّر الوطء في كلّ ثلث (2) فإن كان بعد التكفير وجب التكرار(3) ، وإلاّ فكذلك أيضاً على الأحوط (4) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    وطء الحائض في كلّ ثلث من الحيض

   (1) لأنّ كلّ مسبب مغاير للمسبب من الشرط الآخر ، فهناك مسببات متعدّدة مترتبة على الوطء في أوّل الحيض ووسطه وآخره ، فلا موجب لتوهّم التداخل في المسببات بوجه .

    تكرّر الوطء في كلّ ثلث

   (2) بأن وطئها في أوّل حيضها مرّتين أو في وسطه أو في آخره كذلك ، فتعـدّد الشرط واتّحد الجزاء .

   (3) وذلك لأنّ الكفّارة بالوطء الأوّل قد سقطت بالإمتثال ، والوطء الثّاني موضوع جديد ، فيترتب عليه حكمه .

   (4) أي إذا  كان التعدّد قبل التكفير أيضاً وجب التكرار على الأحوط .

   والمسألة من صغريات الكبرى المشهورة المعنونة بأن الشرط إذا كان متعدّداً والجزاء متّحداً فمقتضى القاعدة هو التداخل في المسببات أو مقتضاها عدم التداخل وقد ذكرنا في بحث الاُصول أنّ الشرط المتعدّد سواء كان من جنسين ، كما في قولك إن ظاهرت فكفّر ، وإن أفطرت فكفّر ، أم كانا من جنس واحد ، كما إذا ظاهر مرّتين أو أكثر ، يقتضي جزاء متعدّداً ، وأنّ القاعدة تقتضي عدم التداخل في المسببات (1) .

   وذلك لأنّ القضيّة الشرطيّة ظاهرة في الإنحلال ، وكأ نّه قال كلّما صدر الوطء منك فكفر ، وقد ترتب الحكم في إحداهما على فرد من الطبيعة وترتب في الآخر على فرد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه  5 : 124 .

ــ[392]ــ

آخر من الطبيعة ، وهذا يقتضي التعدّد في الجزاء ، ولم يترتب الحكم على الطبيعة مرّتين .

   ودعوى : أنّ ظاهر القضيتين أنّ الطبيعة مقتضية للكفّارة مطلقاً سواء وجدت مرّة واحدة أو مرّتين ، فلا تجب الكفّارة مع التعدّد إلاّ مرّة واحدة .

   مندفعة : بأنّ ذلك لو تمّ فإنّما يتمّ في الأفراد العرضيّة ، كما إذا ترتّب على هتك الفقير كفّارة وقد هتك عشرة من الفقراء مرّة واحدة ، فإنّ في مثله يمكن أن يقال إنّ الموضوع لوجوب الكفّارة هو طبيعة الهتك ، وقد وجد عشرة من أفرادها مرّة واحدة من غير سبق بعضها ببعض ، فلا تجب الكفّارة إلاّ مرّة واحدة .

   وأمّا بالإضافة إلى الأفراد الطولية ولا سيما مع تخلّل العدم بينهما ، كما إذا وطئ الحائض في أوّل حيضها مرّة ثمّ بعد مضي مقدار من الزّمان وطئها مرّة ثانية وهكذا فإنّ المستفاد العرفي من القضيّة الشرطيّة المتكفلة لوجوب الكفّارة بالوطء أنّ الفرد الأوّل من الطبيعة له حكم وللفرد الآخر منها حكم آخر ، وكأ نّه قال كلّما صدر منك وطء الحائض فكفر . ومعه لا بدّ من الإلتزام بالتعدّد في الجزاء كما ذكرناه .

   نعم لا نلتزم بالتعدّد في كفّارة الإفطار في نهار شهر رمضان حتّى مع التكفير ، كما إذا أكل في نهار شهر رمضان متعمداً فكفر ثمّ جامع ثمّ إرتمس وهكذا ، فالواجب حينئذ ليس إلاّ كفّارة واحدة وذلك لعدم ترتبها على الأكل أو الجماع أو الإرتماس حتّى تتعدّد بتعدّدها ، وإنّما ترتّبت الكفّارة على الإفطار وهو يتحقّق بأوّل فرد من المفطرات . ولا صوم بعده ليتحقّق الإفطار ثانياً وثالثاً ، وبما أنّ الإفطار تحقّق مرّة فلا يترتّب عليه الكفّارة إلاّ مرّة واحدة إلاّ في خصوص الجماع ، لما ورد في النص(1) من تكرّر الكفّارة بتكرّر الجماع في الصّيام ، وقد ألحقنا به الاستمناء لما دلّ على أنّ حكمه حكم الجماع (2) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 55 / أبواب ما يمسك عنه الصّائم ب 11 .

(2) الوسائل 10 : 39 / أبواب ما يمسك عنه الصّائم ب 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net