عدم سعة الوقت إلاّ لواحدة مع اشتباه القبلة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5477


 

ــ[461]ــ

   [ 783 ] مسألة 40 : إذا طهرت ولها من الوقت مقدار أداء صلاة واحدة والمفروض أن القبلة مشتبهة تأتي بها مخيّرة بين الجهات ((1)) وإذا كان مقدار صلاتين تأتي بهما كذلك (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   عدم سعة الوقت إلاّ لواحدة مع اشتباه القبلة

   (1) لا يختص هذا الفرع بالحائض ، بل يأتي في حق كلّ مكلّف إلتفت إلى بقاء صلاته في ذمّته ولم يبق من الوقت إلاّ مقدار صلاة واحدة مع إشتباه القبلة .

   والوجه فيما أفاده الماتن (قدس سره) ظاهر بناءً على ما بنينا عليه من أنّ القبلة إذا إشتبهت لا يجب على المكلّف الصّلاة إلى القبلة حتّى مع التمكّن من الصّلاة إلى أربع جهات وفاقاً لجملة من المحقّقين ، لقوله (عليه السلام) «يجزئ المتحيّر أبداً أينما توجّه إذا لم يعلم أين وجه القبلة»(2) ، فإنّ المكلّف لا يجب عليه الصّلاة إلى أربع جهات مع التمكّن منها فضلاً عما إذا لم يتمكّن من الصّلاة إلى أربع جهات ، فيجزئ الحائض إذا طهرت في آخر الوقت أن تصلِّي إلى أيّ جهة شاءت من الجهات .

   وأمّاء بناءً على ما سلكه المشهور من أنّ المكلّف إذا إشتبهت عليه القبلة وجب عليه الصّلاة إلى أربع جهات فإن قلنا إنّ إشتراط الإستقبال كباقي الأجزاء والشروط سوى الطهور من الشروط الإختياريّة الّتي تسقط مع العجز عنها ، وذلك لأنّ ما دلّ على سقوط شرطيّة بقيّة الشروط عند العجز عنها هو الّذي يدلّ على سقوط شرطيّة الإستقبال مع العجز ، وهو الجملة المعروفة «الصلاة لا تسقط بحال» الّتي ادّعي عليها الإجماع وإن لم يرد في الرّوايات عين تلك الألفاظ ، ويدلّ عليه ما ورد في صحيحة زرارة من قوله (عليه السلام) للمسـتحاضة «لا تدع الصّلاة على حال» (3) . ومن الإجماع والرّواية استكشفنا أنّ الصّلاة لا تسقط بتعذر جزء أو شرط منها بل لا بدّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد التخيير حتّى مع التمكّن من الصّلاة إلى الجهات الأربع .

(2) الوسائل 4 : 311 / أبواب القبله ب 8 ح 2 .

(3) الوسائل 2 : 373 / أبواب الإستحاضة ب 1 ح 5 .

ــ[462]ــ

من اتيانها ، والمتعذّر إمّا أن يسقط من الإعتبار أو ينتقل إلى بدله ، كالقيام المتبدل إلى الجلوس المتبدل إلى النوم على طرف الأيمن فالأيسر مع العجز عن المرتّبة السابقة .

   وعليه فالوجه فيما أفاده (قدس سره) واضح أيضاً، ويكفي المكلّف أن يأتي بالصلاة مرّة واحدة إلى أ يّة جهة شاء ، وذلك لعدم تمكّن المكلّف من الإستقبال فتسقط شرطيّته لا محالة ، وفي المقام يكفي الحائض إذا طهرت أن تأتي بصلاة واحدة إلى أيّة جهة شاءت .

   ثمّ على تقدير التنزل والقول بأنّ شرطيّة القبلة من الشرائط الواقعيّة كالطهور ولا يسقط بالتعذر بوجه ، لا مناص من الحكم بوجوب صلاة واحدة على المرأة إلى أيّ جهة شاءت .

   والوجه في ذلك : أنّ الامتثال الجزمي إذا كان متعذراً وجب التنزّل إلى الامتثال الاحتمالي لا محالة ، لما ذكرناه في بحوث العلم الإجمالي من أنّ وجوب الموافقة القطعيّة في أطراف العلم الإجمالي بمناط ، وحرمة المخالفة القطعيّة بمناط آخر ، وإذا تعذرت الموافقة القطعيّة وسقطت عن الوجوب لا تسقط حرمة المخالفة القطعيّة بوجه بل لا بدّ للمكلّف من أن يمتثل بالموافقة الإحتماليّة .

   وحيث إنّ المكلّف في المقام لا يتمكّن من الموافقة القطعيّة بالصلاة إلى أربع جهات فلا تجب عليه للتعذّر إلاّ أ نّه لا يقتضي جواز المخالفة القطعيّة عليه بتركها الصّلاة رأساً ، بل لا بدّ من الامتثال احتمالاً بإتيان صلاة واحدة إلى أ يّة جهة شاء .

   إذن على جميع المباني والمسالك في المسألة لا يجب على الحائض في مفروض الكلام إلاّ صلاة واحدة مخيّرة بين الجهات .

   ثمّ إنّ المكلّف إذا صلّى إلى جهة واحدة من الجهات هل يجب عليه القضاء خارج الوقت بعد تبيّن القبلة لعدم علمه بالإمتثال في الوقت ، وذلك لإحتمال أن لا تكون الصلاة إلى الجهة الّتي صلّى نحوها مأموراً بها واقعاً ، أو لا يجب عليه القضاء خارج الوقت ؟

   الظاهر هو الثّاني ، وذلك أمّا على ما بنينا عليه من عدم وجوب الصّلاة إلى أربع

ــ[463]ــ

جهات حتّى مع التمكّن منها للمتحيّر فواضح ، وعلى مسلك المشهور بناءً على أنّ شرط الإستقبال شرط إختياري فلأجل إحراز المكلّف الإمتثال والإتيان بالمأمور به بالوجدان ، ومع العلم بعدم الفوت لا وجه للقضاء .

   وأمّا بناءً على أنّ الإستقبال شرط واقعي فلأجل أنّ القضاء يجب بأمر جديد وموضوعه الفوت وهو غير محرز في المقام ، لأ نّه كما يحتمل عدم الإتيان بالمأمور به الواقعي كذلك يحتمل الإتيان به ، فالفوت غير محرز والقضاء غير واجب واستصحاب عدم الإتيان بوظيفة الوقت لا يثبت الفوت ، لأ نّه عنوان ينتزع من عدم الإتيان بالواجب في ظرفه ، لا أ نّه نفس عدم الإتيان .

   هذا وإذا كان قد بقي للحائض الّتي طهرت من الوقت مقدار صلاتين فتأتي بهما إلى أ يّة جهة شاءت فتصلّي الظهر مرّة واحدة إلى أ يّة جهة شاءت ثمّ تصلّي العصر كذلك مرّة واحدة .

   وذلك أمّا على ما بنينا عليه من عدم وجوب الصّلاة إلى أربع جهات عند إشتباه القبلة مع التمكّن منها فالحكم واضح .

   وأمّا بناءً على مسلك المشهور فلعدم تمكّنها من الإستقبال في كلّ واحدة من الصلاتين فتسقط شرطيّة الإستقبال ، كما أنّها لعدم تمكّنها من الموافقة القطعيّة تجب عليها الموافقة الإحتماليّة في كلتا الصلاتين ، فتأتي بالظهر مرّة واحدة إلى جهة ثمّ تأتي بالعصر مرّة واحدة إلى جهة .

   ثمّ إنّ هناك بحثاً آخر وهو أنّ المكلّف هل يجب أن يصلّي العصر إلى الجهة الّتي أختارها في صلاة الظهر أو يجوز له أن يصلّي العصر إلى غير تلك الجهة إلاّ أ نّه غير مرتبط بمحل الكلام ، ويأتي التعرّض إليه في وقته إن شاء الله تعالى .

   هذا كلّه إذا كان الوقت موسعاً بمقدار صلاتين ، وإذا كان الوقت متّسعاً لثلاث أو خمس أو ستّ أو سبع صلوات فهل يجب على المرأة أو غيرها أن تصلّي الظهر إلى أربع جهات وتأتي بالعصر إلى جهة واحدة أو جهتين أو ثلاث جهات بأن يدخل النقص على الصّلاة الثّانية ، وأمّا الصّلاة الاُولى فلا مناص من إتيانها إلى أربع جهات




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net