هل يجوز الأغسال الواجبة والمستحبّة للحائض ؟ 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 16607


ــ[476]ــ

   [ 786 ] مسألة 43 : يستحبّ لها الأغسال المندوبة كغسل الجمعة والإحرام والتّوبة ونحوها ، وأمّا الأغسال الواجبة فذكروا عدم صحّتها منها ، وعدم ارتفاع الحدث مع الحيض ، وكذا الوضوءات المندوبة ، وبعضهم قال بصحّة غسل الجنابة دون غيرها . والأقوى صحّة الجميع وارتفاع حدثها وإن كان حدث الحيض باقياً بل صحّة الوضوءات المندوبة لا لرفع الحدث (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهي محمولة على الكراهة ، لما ورد في قبالها من الأخبار المصرحة بالجواز ، كما في حسنة داود بن فَرقَد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض ، قال : نعم ، لا بأس ، قال وقال : تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها» (1) مع أنّ التعليق يستلزم مسّ الجلد والورق عادة . على أنّ جواز مسّ الحائض والجنب غير كتابة القرآن ممّا نقطع بجوازه .

    استحباب الأغسال المندوبة

   (1) هل يجوز للحائض أن تأتي بالأغسال المستحبّة أو الواجبة غير غسل الحيض والوضوءات المستحبّة أو لا يجوز ؟

   الصحيح جواز ذلك، لإطلاق ما دلّ على استحباب الأغسال والوضوءات المستحبّة وما دلّ على وجوب الأغسال الواجبة، فإنّ مقتضاها الجواز والصحّة حتّى من الحائض.

   نعم ، ورد في ما رواه سعيد بن يسار «أ نّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة ترى الدم وهي جنب أتغتسل من الجنابة أو غسل الجنابة والحيض واحد ؟ قال قد أتاها ما هو أعظم من ذلك»(2) .

   وفي موثقة الكاهلي ، قال «سألته عن المـرأة يجـامعها زوجها فتحـيض وهي في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 342 / أبواب الحيض ب 37 ح 1 .

(2) الوسائل 2 : 314 / أبواب الحيض ب 22 ح 2 .

ــ[477]ــ

المغتسل تغتسل أو لا تغتسل ؟ قال : قد جاءها ما يفسد الصّلاة فلا تغتسل» (1) .

   وفي صحيحة محمّد بن مسلم قال «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الحائض تطّهّر يوم الجمعة وتذكر الله ؟ قال : أمّا الطّهر فلا ، ولكنّها تتوضأ في وقت الصّلاة» (2) .

   إلاّ أنّها لا تدلّ على عدم جواز غسل الجنابة من الحائض ، وذلك لأنّها معارضة بما هو صريح في الجواز ، وهو مثل موثقة عمّار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثمّ تحيض قبل أن تغتسل ، قال : إن شاءت أن تغتسل فعلت ، وإن لم تفعل فليس عليها شيء ، فإذا طهرت اغتسلت غسلاً واحداً للحيض والجنابة» (3) .

   وتدلّنا هذه الموثقة على أنّ الوجه في عدم وجوب الغسل من الجنابة على الحائض هو أنّ الغسل يجب مقدّمة للصلاة ، وحيث إنّ الصّلاة غير واجبة على الحائض فلا يجب الاغتسال عليها من الجنابة لا أ نّه غير مشروع في حقّها ، وبذلك يمكن الجمع بين الطائفتين ، وعلى تقدير المعارضة فتسقطان ونرجع إلى مقتضى العمومات والإطلاقات وهو الجواز .

   وأمّا صحيحة محمّد بن مسلم فدلالتها على عدم جواز غسل الجنابة على الحائض متوقّفة على أن يراد من الطّهر الإغتسال من غير الحيض ، مع إحتمال إرادة الاغتسال من الحيض وأ نّه هل يسوغ لها غسل الحيض والوضوء لتتطهّر وتشتغل بذكر الله تعالى في أوقات الصّلاة أو غيرها ، فكأ نّه نوع تطهّر كما هو الحال في المستحاضة تغتسل وتتوضّأ للصلوات أو لا يجوز ؟ فأجابه (عليه السلام) بعدم مشروعيّة غسل الحيض قبل انقطاع الدم .

   وكيف كان لا ينبغي الاشكال في جواز الوضوءات والأغسال المستحبّة والواجبة عليها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 314 / أبواب الحيض ب 22 ح 1 .

(2) الوسائل 2 : 314 / أبواب الحيض ب 22 ح 3 .

(3) الوسائل 2 : 264 / أبواب الجنابة ب 43 ح 7 .

ــ[478]ــ

   نعم ، الإلزام بتلك الأغسال غير ثابت في حقّها ، لما قدّمناه من إجزاء كلّ غسل عن غيره من الأغسال وإن لم يقصد من جهة التداخل ، فإنّ الحائض حينئذ يجوز لها أن تترك غسل المسّ مثلاً إلى أن تغتسل من الحيض ، ويرتفع جميع الأحداث بغسل الحيض .

   وأمّا ما عن المحـقّق (1) من أنّ الطّـهارة ضدّ الحـدث ، ومع الحدث ـ الحـيض ـ لا يتحقّق الطّهارة ، لعدم اجتماع الضدّين ، فمندفع بأ نّه وجه استحساني غير قابل للإستدلال به على الأحكام الشرعيّة بوجه .

    إسـتدارك

   ذكرنا أنّ المراد بالطّهر في صحيحة محمّد بن مسلم يحتمل أن يكون إغتسال المرأة من الحيض ، بأن يكون السائل ـ وهو محمّد بن مسلم ـ قد إحتمل كون الحائض كالمستحاضة مشروعاً في حقّها الاغتسال من حدثها لتحصيل الطّهارة الوقتيّة للذكر ونحوه ، وإن كان يجب عليها أن تغتسل عن الحيض بعد انقطاع دمها أيضاً ، وأجابه الإمام (عليه السلام) بأنّ الاغتسال من الحيض لا يشرع في حقّ الحائض قبل أن ينقطع دمها ، وعليه فلا دلالة للصحيحة على أنّ الغسل لا يجوز للحائض واجباً  كان الغسل أم مندوباً .

   ويحتمل أن يراد من الطّهر غسل الجمعة المستحب ، وذلك لما سبق من أنّ كلّ غسل واجب أو مندوب يجزئ عن غيره من الأغسال الواجبة والمستحبّة أو لا أقل من أ نّه يجزئ عن الوضوء فقط كما عرفت تفصيله ، فكأنّ السّائل علم بذلك أو إحتمله فسأل الإمام (عليه السلام) عن أنّ الحائض هل لها أن تحصل الطّهارة لأجل ذكرها بإغتسالها للجمعة ، وعليه فيكون جواب الإمام (عليه السلام) بقوله «أمّا الطّهر فلا» بمعنى أنّ الطّهارة لا تحصل للحائض باغتسالها عن الجمعة ، لا أ نّه غير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المعتبر 1 : 221 / أحكام الحائض ، الشرائع 1 : 36 / أحكام الحائض .

ــ[479]ــ

مشروع في حقّها وإنّما طهارتها منحصرة بالوضوء وحسب .

   وعليه فالصحيحة أجنبيّة عمّا نحن فيه من أنّ الوضوءات المستحبّة والأغسال المسنونة والمفروضة جائزة للحائض أو ليست بجائزة كما هو ظاهر .

 هذا تمام الكلام في الحيض وأحكامه

والحمد لله أوّلاً وآخراً

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net