توجيه الميت إلى القبلة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 19168


ــ[268]ــ

 فصل

فيما يتعلّق بالمحتضر ممّا هو وظيفة الغير

    وهي أُمور :

   الأوّل : توجيهه إلى القبلة بوضعه على وجه لو جلس كان وجهه إلى القبلة ووجوبه لا يخلو عن قوّة ((1)) (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل :  فيما يتعلّق بالمحتضر

    توجيه الميِّت إلى القبلة

   (1) الكلام في هذه المسألة تارة يقع في كيفية توجيه الميِّت نحو القبلة ، واُخرى في وجوب استقبال القبلة حال الاحتضار .

   أمّا كيفية التوجيه نحو القبلة فقد ذهب أصحابنا إلى أن توجيهه نحوها بجعل قدميه إلى القبلة على نحو لو قعد لكان مستقبل القبلة ، خلافاً للعامة حيث ذهبوا إلى أن استقباله كجعله حال الصلاة عليه(2).

   والدليل على ذلك ما ورد في جملة من النصوص الدالّة على أنّ الميِّت حال الاحتضار تجعل قدماه نحو القبلة (3) .

   وأمّا الكلام في وجوب الاستقبال بالمعنى المذكور وأنّ الميِّت يجب أن يوجّه نحو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في وجوبه على الغير فضلاً عن وجوبه على نفس المحتضر إشكال، نعم هو أحوط، والأحوط أيضاً أن يكون ذلك بإذن الوليّ .

(2) المجموع 5 : 116 ، الفقه على المذاهب الأربعة 1 : 500 .

(3) الوسائل 2 : 452 /  أبواب الاحتضار ب 35 .

ــ[269]ــ

القبلة أو يوجّه هو نفسه إليها لو كان متمكّناً منه ولم يكن عنده أحد ، أو لا يجب ؟ فقد نسب القول بالوجوب إلى المشهور والأشهر ، واستدلّ عليه بوجوه :

   منها :  أنّ السيرة يداً بيد إلى زمان المعصومين (عليهم السلام) جرت على توجيه الميِّت حال الاحتضار نحو القبلة ، وحيث إنّها غير مردوعة ، فيستكشف أن توجيه الميِّت نحو القبلة أمر واجب حال الاحتضار .

   ويدفعه : أنّ السيرة قائمة على الفعل ، ولعلّها من أجل استحبابه فلا يستفاد  منها وجوبه .

   ومنها :  موثقة معاوية بن عمار : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الميِّت، فقال: استقبل بباطن قدميه القبلة» (1) وذلك لأنّ السؤال فيها عن نفس الميِّت لا عن كيفية توجيهه ، فتدل على أنّ الميِّت يجب أن يوجّه نحو القبلة حال الاحتضار ، إذ المراد به هو من يقرب من الموت ، لعدم وجوب التوجيه بعد الموت .

   ويندفع بأن ظاهر المشـتق إرادة المتلبس بالمبدأ منه فعلاً ، لأ نّه وإن صح أن يستعمل في من يتلبس به بعد ذلك إلاّ أ نّه على نحو المجاز وتحتاج إرادته إلى القرينة لا محالة كما في قوله : من قتل قتيلاً ، لوضوح أنّ القتل لا يقع على المقتول بالقتل . وعليه فالموثقة تدل على أنّ الميِّت بعد موته يوجه نحو القبلة وأ نّه أمر راجح .

   ودعوى : أنّ الميِّت بعد موته يستحب أن يعجّل دفنه وكفنه فلا يبقى بعده حتّى يستحب توجيهه نحو القبلة .

   ساقطة جزماً : وذلك لأنّ المشاهد في الأموات أنّ الميِّت يبقى بعد موته ساعة أو ساعتين، ولو مات في أثناء اللّيل يبقى إلى الصبح حتّى يخبر الأقرباء والجيران والأصدقاء ولايؤخذ بدفنه وكفنه من غير فصل، فلا مانع من أن يكون توجيهه نحو القبلة مستحبّاً وعلى الجملة أنّ الرواية ناظرة إلى ما بعد الموت لا قبله .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 453 /  أبواب الاحتضار ب 35 ح 4 .

ــ[270]ــ

   ومنها :  صحيحة سليمان بن خالد : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : إذا مات لأحدكم ميت فسجّوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة ... » الحديث (1) لأنّ المراد بالميت فيها الميِّت المشرف على الموت ، إذ الميِّت لا يموت ، ومعه تدلّنا الرواية على لزوم توجيه المحتضر نحو القبلة .

   وفيه : أنّ المراد بالميت فيها هو الذات الّتي يطرأ عليها الموت بعد ذلك كالقتيل في قوله : من قتل قتيلاً ، وذلك لأ نّه وإن كان خلاف الظاهر من الميِّت لظهوره في تلبسه بالمبدأ فعلاً إلاّ أ نّه لقيام القرينة عليه ، لأنّ الميِّت كما أ نّه لا يموت كذلك لا يشرف على الموت . وعليه فتدل الموثقة على أنّ الذات الّتي يطرأ عليها الموت إذا ماتت توجّه نحو القبلة لا قبل موته . والّذي يدلّنا على ذلك قوله «فسجوه» فان التسجية بمعنى التغطية ومعنى «فسجوه» أي : فغطوه ، ومن الظاهر أنّ الميِّت إنّما يغطى وجهه بعد الموت لا حال الاحتضار .

   ومنها :  وهو العمدة ما رواه الصدوق مرسلاً تارة ومسنداً اُخرى كما في الوسائل عن الصادق (عليه السلام) «أ نّه سئل عن توجيه الميِّت فقال : استقبل بباطن قدميه القبلة . قال : وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على رجل من ولد عبدالمطلب وهو في السوق وقد وجّه إلى غير القبلة فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وجّهوه إلى القبلة فانّكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة وأقبل الله (عزّ وجلّ) عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتّى يقبض» (2) .

   وفيه : أن ما رواه عن الصادق (عليه السلام) ناظر إلى كيفية التوجيه والاستقبال حيث سئل فيه عن التوجيه لا عن حكمه من الوجوب أو الاستحباب فلا تعرض لها لشيء من ذلك ، وإنّما تدل على أنّ التوجيه لا بدّ أن يكون باستقبال باطن القدمين نحو القبلة على خلاف ما التزم به العامة ، وهذا من مختصات مذهبنا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 452 /  أبواب الاحتضار ب 35 ح 2 .

(2) الوسائل 2 : 453 /  أبواب الاحتضار ب 35 ح 5 ، 6 . الفقيه 1 : 79 /  352 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net