مراعاة مراتب الإرث في الولاية على التجهيز 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5648


ــ[294]ــ

   بل في بعض الروايات ـ كصحيحة حفص بن البختري ـ أنّ الأخ مقدم على الزوج حيث سأل عن امرأة تموت ومعها أخوها وزوجها أ يّهما يصلّي عليها ؟ قال (عليه السلام) أخوها أحق بالصلاة عليها (1) .

   نعم ، لا يمكننا الأخذ والاعتماد على هذه الصحيحة أيضاً ، للقطع بكونها على خلاف مذهب الشيعة ، لأنّ الأخ ليس بأولى من الزوج عند الأصحاب ، بل لا يرث مع وجود الطبقة المتقدمة كما هو واضح ، ومن هنا لا بدّ من حملها على التقيّة كما ذكره الشيخ (قدس سره) من أن هذا مذهب الحنفية (2) .

   وأمّا مراتب الارث فهي أيضاً كذلك ، لما عرفت من أن ما دلّ على أن أمر الميِّت إلى الولي وهو يصلّي عليه أو يأمر من يحب ، كلّها ضعاف .

   وأمّا الآية المباركة : (وَأُولُوا ا لاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ المُؤْمِنِـينَ وَالمُـهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَعْـرُوفاً  كَانَ ذلِكَ فِي ا لْكِتَابِ مَسْطُوراً )(3) فسواء قلنا إن مدلولها أن اُولي الأرحام أولى من الأجانب بقرينة قوله : (مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُهَاجِرِينَ ) أو قلنا إنّه يدل على أن بعض اُولي الأرحام أولى من بعض آخر منهم ومن الأجانب ، فهي راجعة إلى الارث كما يرشد إليه قوله تعالى (إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا ... ) أي إلاّ أن يوصي الميِّت إلى أحد أصدقائه وأوليائه وصية ، فانّ الوصية تخرج قبل الارث ، ومراتب الارث هي المذكورة في الكتاب ، فلا نظر لها إلى الصلاة على الميِّت وتغسيله وغير ذلك من الاُمور . مضافاً إلى الأخبار الدالّة على ذلك.

   والمتحصل : أن ما ذكره المشهور في المقام لا يمكن إثباته بدليل لفظي ومن ثمّ ذهب الأردبيلي(4) (قدس سره) وغيره إلى أن أولوية الزوج بزوجته استحبابية لا وجوبية .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 116 /  أبواب صلاة الجنازة ب 24 ح 4 .

(2) التهذيب 3 : 205 /  الرقم [ 486 ] ،  الاستبصار 1 : 487 /  الرقم [ 1885 ] لكن فيهما أنّ الرواية موافق لمذهب العامّة .

(3) الأحزاب 33 : 6 .

(4) مجمع الفائدة والبرهان 1 : 176 ، 2 : 458 .

ــ[295]ــ

   ومع ذلك لا بدّ من الالتزام بما ذكروه في المقام ، لأنّ المسألة متسالم عليها بينهم ولم ينقل فيها خلاف ، وإنّما خلافهم في أنّ الأولوية واجبة أو مستحبة ، والسيرة العملية أيضاً جارية على ذلك بين المتشرعة .

   بل السيرة العقلائية أيضاً كذلك ، لأنّها جرت على عدم مزاحمة الولي ومن له الأمر في الصلاة على الميِّت وتغسيله وتكفينه ودفنه .

   والقدر المتيقن من التسالم والسيرة ثبوت الولاية في ذلك على من يتصدّى لتلك الاُمور وله الزعامة فيها عرفاً وهو المعزّى والمسلى والمرجع فيها لدى العرف، فالسيرة جرت على عدم جواز مزاحمته في تلك الاُمور وأ نّه غصب لحقّه .

   وعليه فلا ولاية للنِّساء والصبي والمجنون ، إذ لم تجر العادة على تصدي النِّساء لتلك الاُمور وزعامتها ، والصبي والمجنون لا زعامة لهما ليتصديا لها .

    مَن له الولاية قد لا يكون هو الوارث

   ومن هنا يظهر أن مَن له الولاية قد لا يكون هو الوارث ، والوارث لا تثبت له الولاية أصلاً ، كما إذا كان له بنت أو اُم وأخ فانّ الأخ لا يرث الميِّت مع وجود الطبقة الاُولى ـ أعني الأولاد والأبوين ـ ومع ذلك الولاية إنّما هي للأخ بحسب السيرة وهو المعزّى والمتصدي لتلك الاُمور لدى العرف .

   ولعله لذلك ذهب بعضهم إلى أنّ الوارث إذا كان أباً وابناً فالولاية للأب وإن كانا مشتركين في الارث وفي مرتبة واحدة ، وذلك لأنّ الزعامة والمرجعية في ذلك هي للأب دون الابن .

   وكذلك الحال فيما إذا كان الوارث منحصراً بالجد والأخ ، فانّ الولاية حينئذ للجد وإن كان هو والأخ في مرتبة واحدة في الارث ، وذلك لأنّ الزعامة إلى الجد لا إلى الأخ ، فليس المدار في الولاية هو الارث .

ــ[296]ــ

   [ 851 ] مسألة 2 : في كل طبقة الذكور مقدّمون على الاناث ، والبالغون على غيرهم ، ومن مت إلى الميِّت بالأب والاُم أولى ممّن مت بأحدهما ، ومن انتسب إليه بالأب أولى ممّن انتسب إليه بالاُم ، وفي الطبقة الاُولى الأب مقدّم على الاُم والأولاد وهم مقدّمون على أولادهم ، وفي الطبقة الثانية الجد مقدّم على الاخوة وهم مقدّمون على أولادهم ، وفي الطبقة الثالثة العم مقدّم على الخال وهما على أولادهما .

   [ 852 ] مسألة 3 : إذا لم يكن في طبقة ذكور فالولاية للاُناث ، وكذا إذا لم يكونوا بالغين أو كانوا غائبين ، لكن الأحوط الاستئذان من الحاكم أيضاً في صورة كون الذكور غير بالغين أو غائبين .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   بل يمكن استفادة ذلك من الأخبار أيضاً (1) على تقدير تمامية سندها ، وذلك لأنّها دلّت على أن تلك الاُمور لمن هو أولى بالميت والولي ، ولم تقيد الأولوية فيها بالأولوية في الارث كما قيّده بذلك فيما دلّ على وجوب قضاء صلوات الميِّت (2) حيث دلّ على أ نّه يقضي صلواته الفائتة من هو أولى بالميت بارثه .

   فالمراد بالأولوية هو الأولوية العرفية ، أعني من يكون هو المرجع والمعزى وإليه الزعامة في تلك الاُمور عرفاً كما ذكرنا .

   بل يمكن أن يقال : إن قوله (عليه السلام) «يغسل الميِّت أولى الناس به» «أو يصلّي عليه أولى الناس به» أو «يأمر من يحب» يدل على أنّ الولاية والأولوية لمن يكون قابلاً للتصدِّي لتلك الاُمور بالمباشرة وبنفسه ، أو لأن يتصدى لها بالتسبيب ، ومن الظاهر أنّ المرأة ليس لها التصدي لتغسيل الميِّت بنفسها ، لاشتراط المماثلة بين الغاسل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 535 /  أبواب غسل الميِّت ب 26 ، 3 : 114 /  أبواب صلاة الجنازة ب 23 ، 10 : 331 /  أبواب أحكام شهر رمضـان  ب 23 ح 6 ،  8 : 278 /  أبواب قضاء الصّلوات ب 12 ح 6 .

(2) الوسائل 10 : 330 /  أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 5 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net