سقوط الغُسل عمّن قتل في حفظ بيضة الاسلام 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5891


ــ[376]ــ

 فصل

[  في موارد سقوط غسل الميِّت  ]

    قد عرفت سابقاً وجوب تغسيل كل مسلم لكن يستثنى من ذلك طائفتـان : إحداهما : الشهيد المقتول في المعركة عند الجهاد مع الإمام (عليه السلام) أو نائبه الخاص . ويلحق به كل من قتل في حفظ بيضة الإسلام في حال الغيبة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لزمته أحكامهم(1) ، أو ألزموهم بما التزموا به على أنفسهم(2) فان تلك القاعدة إنّما تجري فيما إذا كان المورد قابلاً للإلزام كما في الورثة إذا اعتقدوا الارث للعصبة وأعطوه للاثني عشري مثلاً لأ نّه من عصبتهم ، فانّه يجوز له أخذه إلزاماً لهم بما التزموا به على أنفسهم ، وقد ورد في الارث بخصوصه . أو أنّ المخالف إذا طلّق زوجته بما هو باطل عند الاثني عشري (3) .

    المستثنى الأوّل : مَن قُتل في حفظ البيضة

   (1) كما إذا هجم الكفّار على بلاد المسلمين ودافع المسلمون عن بلادهم حفظاً لبيضة الإسلام ، فانّ المقتول حينئذ مقتول في سبيل الله ولا يجب تغسيله وإن لم يكن ذلك في الجهاد ، لأنّه دفاع كما هو ظاهر .

   ثمّ إنّ الوجه في ذلك ليس هو الأخبار الواردة في الشهيد ، لاحتمال اختصاص ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 22 : 74 /  أبواب مقدمات الطلاق ب 30 ح 10 ، 11 .

(2) الوسائل 26 : 319 /  أبواب ميراث المجوس ب 3 ح 2 ، 22 : 73 /  أبواب مقدّمات الطلاق ب 30 ح 5 ، 6 وغيرها .

(3) قد سقط من العبارة الدليل على المطلب فلا تغفل .

ــ[377]ــ

بمن قتل في الجهاد ، ولا رواية أبي خالد قال : «اغسل كل الموتى : الغريق وأكيل السبع وكل شيء إلاّ ما قتل بين الصفين ، فان كان به رمق غسل وإلاّ فلا»(1) ، بدعوى أن اطلاق «من قتل بين الصفين» يشمل المقتول في الدفاع عن بيضة الإسلام أيضاً، وذلك لأنّها بحسب الدلالة وإن كانت ظاهرة إلاّ أنّها مقطوعة ، ويحتمل أنّها من أبي خالد نفسه .

   وليست الرواية مضمرة كما في كلام المحقق الهمداني(2) (قدس سره) ولعلّ التعبير به من جهة قوله «قال» فان مرجع الضمير فيه غير مذكور في الرواية .

   بل لصحيحة أبان بن تغلب وحسنته ، ففي الاُولى منهما قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الّذي يقتل في سبيل الله أيغسل ويكفّن ويحنّط ؟ قال : يدفن كما هو في ثيابه إلاّ أن يكون به رمق (فان كان به رمق) ثمّ مات فانّه يغسل ويكفن ويحنط ويصلّى عليه ، لأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى على حمزة وكفّنه وحنّطه ، لأ نّه كان قد جُرِّد» (3) .

   وفي الثانية منها قال : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : الّذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل إلاّ أن يدركه المسلمون وبه رمق ثمّ يموت بعد ، فانّه يغسل ويكفن ويحنط ، إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كفّن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلّى عليه» (4) .

   وصدر الروايتين وإن كان يشمل مطلق من قتل في سبيل الله كالمقتول في سبيل الأمر بالمعروف أو في الدفاع عن نفسه ، إلاّ أن ذيلهما يدلاّن على اختصاص الحكم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 506 /  أبواب غسل الميِّت ب 14 ح 3 وهي ضعيفة أيضاً بعلي بن معبد وعبدالله بن الدهقان وكذا بأبي خالد .

(2) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 367  السطر 21 .

(3) الوسائل 2 : 509 /  أبواب غسل الميِّت ب 14 ح 7 .

(4) الوسائل 2 : 510 /  أبواب غسل الميِّت ب 14 ح 9 .

ــ[378]ــ

من غير فرق بين الحر والعبد ، والمقتول بالحديد أو غيره عمداً أو خطأً ، رجلاً كان أو امرأة أو صبياً أو مجنوناً (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمن قتل بين الصـفوف وفي المعركة للجهاد أو للدفاع لقوله (عليه السلام) «إلاّ أن يدركه المسلمون وبه رمق» فانّه ظاهر في المعركة ، ولا سيما بملاحظة التعليل بأن رسول الله صلّى على حمزة ، لأ نّه كالصريح في الاختصاص .

 تعميم الحكم لجميع المقتولين

   (1) لاطلاق قوله (عليه السلام) «الّذي يقتل في سبيل الله» المؤيد ذلك في الأطفال بما ورد من قتل بعض الصبيان في بدر واُحد وكربلاء ، ولم ينقل عن أحد تغسيلهم هذا .

   وعن شيخنا الأنصاري (قدس سره) المناقشة في شمول الحكم لغير من كان الجهاد راجحاً في حقّه كالمجانين والصبيان حيث حكي عنه أنّ الظاهر من حسنة أبان وصحيحته المقتول في سبيل الله ، فيختص بمن كان الجهاد راجحاً في حقّه أو جوهد به كما إذا توقف دفع العدو على الاستعانة بالأطفال (1) .

   وهذه المناقشة وإن كانت موجهة ، لأنّ المكلّفين من الرّجال مأمورون بالجهاد والدفاع فالمقتول منهم قد قتل في سبيل الله، كما أنّ الأطفال أو النِّساء إذا استعين بهم في القتال كذلك ، حيث إنّ المقتول قد قتل في الجهاد المأمور به ، لقتلهم في الاعانة له . وأمّا إذا فرضنا أنّ الطفل أو المرأة أو المجنون خرج إلى المعركة من عنده من غير توقف الدفاع أو الجهاد على الاستعانة به فلا يصدق أ نّه مقتول في سبيل الله ، إذ لا أمر بدفاعه أو جهاده ، وإنّما قتل من غير أمر .

   إلاّ أ نّه يمكن القول بأن مقتضى الروايتين أن مجرد القتل في المعركة الّتي اُقيمت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الطّهارة : 304 السطر 25 /  في تكفين الأموات .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net