اعتبار التعدد في غُسل الميت - اعتبار الخليط في غُسل الميت 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6152

 

 بسم الله الرّحمن الرّحيم

    الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين .

   وبعد ، فهذا هو الجزء الثّامن من كتابنا « التنقيح » في شرح العروة الوثقى ، وقد وفّقنا الله للشروع في طبعه ، ونسأله تعالى أن يوفِّقنا لإتمامه وإكمال بقيّة أجزائه فإنّه خير موفِّق ومعين .

ــ[1]ــ

 فصل

في كيفيّة غسل الميِّت

    يجب تغسيله ثلاثة أغسال (1) :

   الأوّل : بماء السِّدر ، الثاني : بماء الكافور ، الثالث : بالماء القراح .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل في كيفيّة غسل الميِّت

    (1) الكلام في ذلك يقع من جهات أربعة :

   الجهة الاُولى :  في أن غسل الميِّت هل يعتبر فيه التعـدّد بأن يغسل ثلاثة أغسال أو أنّ الواجب فيه هو الغسل الواحد ؟

   المعروف والمتسالم عليه بين الأصحاب هو التعدّد وقد نسب إلى سلاّر القول بوجوب الغسل
الواحد(1) إلاّ أ نّه ـ مضافاً إلى شذوذه وكونه خلاف المتسالم عليه بين الأصحاب ـ ممّا لا يمكن الالتزام به ، لأنّ الأخبار الواردة في الباب مصرحة بلزوم التعدّد في غسل الميِّت ، ومعه لا مجال لدعوى عدم اعتبار التعدّد أو إجراء البراءة عن وجوب الزائد على الواحد ، فانّه مع الأدلّة الاجتـهاديّة الدالّة على وجوب التعدّد لا  مجال للأصل العملي .

   وقد يستدل على ما ذهب إليه سلاّر بما ورد في الباب الواحد والثلاثين من أبواب غسل الميِّت (2) من أنّ الميِّت إذا كان جنباً يغسل غسلاً واحداً ، بدعوى أنّ الميِّت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نسبه إليه في المعتبر 1 : 265 وراجع المراسم : 47 .

(2) الوسائل 2 : 539 /  أبواب غسل الميِّت ب 31 .

ــ[2]ــ

المجنب إذا وجب فيه الغسل الواحد فيكفي الواحد في الميِّت غير المجنب بطريق أولى فلا يعتبر في تغسيله شيء زائد عليه .

   وفيه : أنّ الظاهر من الرواية أن غسل الجنابة وغسل الميِّت يتداخلان في الميِّت المجنب ولا يجب أن يغسل مرّة للجنابة ومرّة للموت ، وليست فيها دلالة على أنّ الواجب في غسل الميِّت هو الغسل الواحد لا المتعدّد، وهذا ظاهر من الرواية بوضوح.

   واُخرى يستدل له بما ورد في الباب الثالث من أبواب غسل الميِّت من أن غسل الميِّت كغسل الجنابة فكما أ نّه واحد فكذلك غسل الميِّت أيضاً واحد (1) .

   ويدفعه : أنّ الظاهر من التشبيه إنّما هو التشبيه في الكيفيّة ، وأ نّه كما يعتبر في غسل الجنابة غسل الرأس أوّلاً ثمّ الجانب الأيمن ثمّ الأيسر ، فكذلك الحال في غسل الميِّت وليست دالّة على التشبيه في الكميّة والعدد ، هذا .

   ثمّ لو سلمنا دلالة الروايتين على ما ادّعاه سلاّر فلا كلام في أن دلالتهما بالاطلاق فلا بدّ من تقييدهما بالأخبار المصرّحة بلزوم التعدّد .

    اعتبار الخليط وعدمه

الجهة الثانية :  في اعتبار الخليط وعدمه ، المعروف بين الأصحاب (قدس سرهم) هو اعتبار المزج بالسدر والكافور ، وأنّ الميِّت يغسل أوّلاً بماء السدر واُخرى بماء الكافور وثالثة بالماء القراح .

   وعن ابني حمزة (2) وسعيد (3) : عدم اعتبار الخليطين ، إلاّ أ نّه ممّا لا يمكن المصير إليه ، لدلالة الأخـبار المعتبرة على الخلط بالسدر في الغسلة الاُولى وبالكافور في الثانية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 486 /  أبواب غسل الميِّت ب 3 .

(2) الوسيلة : 64 .

(3) الجامع للشرائع : 51 .

ــ[3]ــ

   نعم ، ورد في بعض الأخبار أنّ الميِّت يغسل بالماء والحُرُض ـ أي الأشنان ـ ثمّ بماء وكافور ثمّ بالماء القراح ، ومقتضى إطلاقها وسكوتها عن اعتبار الغسل بالسدر في مقام البيان عدم اعتبار الخلط به ، إلاّ أ نّه لا بدّ من تقييده بما دلّ على اعتبار أن يكون الغسل في المرّة الاُولى بالسدر ، ففي صحيحة يعقوب بن يقطين قال : «سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن غسل الميِّت أفيه وضوء الصلاة أم لا ؟ فقال : غسل الميِّت تبدأ بمرافقه فيغسل بالحرض ثمّ يغسل وجهه ورأسه بالسدر ... » (1) ولا ينافي الأمر بتغسيل الميِّت بماء الحرض وجوب التغسيل بالسدر والكافور ، فهما ممّا لا بدّ منه في الخليط ، وليكن التغسيل بالحرض مأموراً به أيضاً .

   وفي موثقة عمار بن موسى الساباطي بعد الأمر بالتغسيل بالسدر «وإن غسلت رأسه ولحيته بالخطمي فلا بأس» (2) ولا يدل هذا على الغسل بالخطمي بدلاً عن الغسل بالسدر ، بل هو دفع لما قد يتوهّم من عدم جواز خلط الخطمي بالسدر في التغسـيل بماء السدر ـ كما هو المرسوم اليوم حيث يخلطون شيئاً من الخطمي في السدر ـ فدفعه (عليه السلام) بأ نّه لا بأس بخلط الخطمي في السدر أو بالتغسيل بالخطمي مستقلاًّ ، فلا يوجب هذا الكلام خللاً في وجوب الغسل بالسدر .

   وأمّا الغسل بالحرض فيحمل على الاستحباب ، وقد ورد ذلك في غير تلكم الروايات المتقدمة ففي بعضها : «تبدأ بمرافقه فيغسل بالحرض» وفي آخر : «أمرني أبو عبدالله (عليه السلام) أن أعصر بطنه ثمّ أوضيه بالأشنان» (3) وذلك لصراحة الأخبار الواردة في المقام في وجوب التغسيل بالسدر والكافور والماء القراح ، وهي مع كونها واردة في مقام البيان ساكتة عن اعتبار الغسل بالأشنان .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 483 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 7 .

(2) الوسائل 2 / 484 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 10 .

(3) الوسائل 2 : 484 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 8 ، والمنقول هنا في الوسائل موافق للاستبصار [ 1 : 207 / 729 ] ويأتي في 493 / ب 6 ح 6 وفيه : ثمّ أوضيه ثمّ أغسله بالأشنان ... ، وهو الموافق لما في التهذيب [ 1 : 303 / 882 ] .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net