الكلام في استحباب التغسيل مجرداً أو من وراء الثياب 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5995


ــ[58]ــ

   [ 888 ] مسألة 1 : يجوز تغسيل الميِّت من وراء الثياب ولو كان المغسل مماثلاً بل قيل : إنّه أفضل ، ولكن الظاهر ـ كما قيل ((1)) ـ أنّ الأفضل التجرّد في غير العورة مع المماثلة (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالاختيار ولا ينافي الاختيار ، لأن عجزه مستند إلى قدرته واختياره ، وحديث الرفع لا يقتضي رفعه حينئذ ، لأ نّه إنّما ورد للامتنان ولا امتنان في رفع الحرمة عن تصرفات الغاصب ، لأ نّه إتلاف لمال الناس وإضرار بهم ، بل لعل الأكثر في الغاصب ذلك ، حيث إنّه ينسى ما اغتصبه من أموال الناس بعد الغصب .

   وأمّا في موارد الجهل بالغصبية فلا يتم ما أفاده (قدس سره) ، وذلك لبقاء الحرمة الواقعية بحالها كما ذكرناه في بحث الوضوء(2) ، والمحرّم لا يكون مصداقاً للواجب والمبغوض لا يتقرّب به وإن كان المكلّف معذوراً في عمله ظاهراً .

   نعم ، هذا إنّما هو في الماء في الوضوء وسائر الأغسال، وكذا الخليطان في المقام، لأن حكمهما حكم الماء ، وأمّا في المكان والفضاء والسدة والاناء وغيرها فلا مانع من التغسيل بها عند الجهل بحرمتها ، والسر فيه : أنّ المأمور به هو الغسلتان والمسحتان أو صبّ الماء على البدن فقط، والمفروض إباحته لاباحة الماء على الفرض، وإنّما المحرم هو التصرّف في المكان والسدة والفضاء والاناء ونحوها وهي اُمور خارجة عن المأمور به. وإنّما لم نقل بصحّة الغسل والوضوء مع العلم بحرمة المذكورات للتزاحم بين الاتيان بالواجب وارتكاب الحرام ، فإذا جهلنا بحرمتها لم تكن مزاحمة بين وجوب الوضوء أو الغسل وحرمة تلك الاُمور ، لعدم فعليتها فيقع الغسل والوضوء صحيحاً لا محالة .

    تغسيل الميِّت من وراء الثياب

   (1) لا إشكال في جواز تغسيل الميِّت مجرّداً أو من وراء الثياب ، وإنّما الكلام في أنّ المستحب هو التغسيل مجرّداً والتغسيل من وراء الثوب أمر جائز كما ذهب إليه المشهور

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال بل منع .

(2) في شرح العروة 5 : 318 .

ــ[59]ــ

أو أنّ المستحب هو التغسيل من وراء الثياب والتغسيل مجرّداً جائز كما التزم به جماعة ، أو أ نّه لا هذا ولا ذاك بل يتخيّر بين الأمرين كما عن المحقق الثاني (1) ؟

   ومنشأ الخلاف بينهم في المسألة أ نّه ورد في رواية يونس المتقدمة الأمر بالتغسيل مجرداً حيث قال : «فان كان عليه قميص فأخرج يده من القميص واجمع قميصه على عورته» (2) .

   وورد في جملة من الصحاح الأمر بتغسيله من فوق الثياب :

   منها : صحيحة يعقوب بن يقطين «ولا يغسلن إلاّ في قميص يدخل رجل يده ويصب عليه من فوقه» (3) .

   ومنها : صحيحة ابن مسكان (4) وصحيحة سليمان بن خالد (5) ، فوقع الكلام في أنّ الأمر بالتغسيل مجرّداً محمول على الاستحباب في رواية يونس والأمر بالتغسيل من وراء الثياب في تلك الصحاح محمول على الجواز ، أو أنّ الأمر بالعكس .

   قد يقال بأن رواية يونس لا يمكن أن تعارض الصحاح المتقدمة لضعفها بالارسال ، فيتعيّن القول باستحباب التغسيل من وراء الثياب .

   ويردّه : أنّ رواية يونس لا تندرج تحت المراسيل ، لأنّ إبراهيم بن هاشم إنّما يرويها عن رجاله ، وهو كرواية الكليني عن عدّة من أصحابنا أو الرواية عن غير واحد ، وقد مرّ غير مرّة أنّ مثل ذلك لا يعد من المراسيل ، لدلالة هذا التعبير على أنّ الرواية رواها الجميع أو عدّة منهم أو جماعة كثيرة ، ومن ثمة لم يسند الرواية إلى راو بخصوصه ، ومن المطمأن به أن رجال إبراهيم بن هاشم أو عدّة من أصحابنا أو غير واحد من الأصحاب مشتمل على الثقاة ، ولا يمكن عادة أن يكون الجميع غير موثقين فالرواية لا إشكال فيها من حيث السند ، إذن لا بدّ من تحقيق المستحب منهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جامع المقاصد 1 : 375 /  كيفيّة غسل الميِّت .

(2) الوسائل 2 : 480 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 3 .

(3) الوسائل 2 : 483 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 7 .

(4) الوسائل 2 : 479 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 1 .

(5) الوسائل 2 : 483 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 6 .

ــ[60]ــ

   والصحيح ـ كما التزم به صاحب الحدائق(1) (قدس سره) ـ أن نلتزم باستحباب التغسيل من وراء الثياب ، وذلك لأن معتبرة يونس الآمرة بالتغسيل مجرّداً وصحيحة يعقوب بن يقطين الآمرة بالتغسيل من وراء الثياب مطلقتان ، وصحيحتي ابن مسكان وسليمان بن خالد مقيّدتان بالاستطاعة حيث ورد فيهما «إن استطعت أن يكون عليه قميص فغسّله من تحته» (2) أو «فيغسل من تحت القميص» (3) .

   إذن يمكننا الجمع بين الصحيحة المتقدمة ومعتبرة يونس بهاتين الصحيحتين، فيكون المأمور به هو التغسيل من تحت الثياب على تقدير التمكّن منه وإلاّ فيغسل مجرّداً . فصحيحة ابن يقطين محمولة على صورة التمكّن ومعتبرة يونس على صورة عدم الاستطاعة من التغسيل وراء الثياب .

   والمراد بالاستطاعة هو التمكّن العرفي ، وكلا الأمرين كثير الوقوع ، فانّ الميِّت قد يكون مسبوقاً بالمرض وتطول مدّته ويكون بدنه وسخاً لا يمكن للغاسل تغسيله من وراء الثياب عرفاً فيغسله مجرّداً . وإذا أمكنه غسله من وراء الثياب فليس عدم الاستطاعة من التغسيل وراء الثياب أمراً نادراً ، ومعه يتعين القول باستحباب التغسيل من وراء الثياب لو أمكن دون العكس ودون التخيير ، للأمر به مع التمكّن منه فلا تخيير في البين .

   ثمّ إن ثوب الميِّت وإن كان يتنجس إذا كان على بدنه عند التغسيل إلاّ أ نّه يطهر بالتبع من دون حاجة إلى عصره أو غسله ثانياً ، وذلك للأمر بالتغسيل مع الثوب إمّا على تمام بدنه وإمّا على عورته من دون إشارة إلى لزوم غسل القميص أو الخرقة وعصرهما ، وإن كان العصر وإخراج الغسالة معتبراً في تطهيرهما على تقدير عدم كونهما على بدن الميِّت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 3 : 448 .

(2) الوسائل 2 : 479 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 1 .

(3) الوسائل 2 : 483 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 7 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net