إعادة الغسل لخروج الخبث والحدث 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6393


    إذا خرجت من الميِّت نجاسة خبثية

   الجهة الثانية :  إذا خرج من الميِّت شيء من النجاسات الخبثية كالدم ـ لا الحدثية من بول أو غائط أو مني ـ أو أصابه من الخارج فهل يجب إعادة الغسل عليه ؟ .

   الصحيح عدم وجوب إعادته ويكفينا أصالة البراءة عن وجوبها مع قطع النظر عن الدليل والمطلقات الدالّة على أنّ الميِّت يغسل أغسالاً ثلاثة ، لإطلاقها من حيث خروج شيء من النجاسات قبلها أو بعدها أو أثناءها .

   بل يمكن الاستدلال على عدم الوجوب بموثقة روح المتقدمة بالتقريب الآتي في الجهة الثالثة .

    إذا خرجت من الميِّت نجاسة حدثية

   الجهة الثالثة :  إذا خرج من الميِّت شيء من النجاسات الحدثية من بول أو غائط أو مني فهل يجب إعادة الغسل ؟

   قد يقال بوجوب الاعادة حينئذ ، إلاّ أنّ الصحيح وفاقاً للمشهور عدم وجوب الاعادة ، ويدل عليه موثقة روح بن عبدالرحيم (2) حيث دلّت على أنّ الميِّت إذا بدا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كمال الدين : 3 .

(2) الوسائل 2 : 542 /  أبواب غسل الميِّت ب 32 ح 1 .

ــ[73]ــ

منه شيء غسل الّذي بدا منه ولا يعاد الغسل ، مؤيّدة برواية الكاهلي والحسين بن المختار (1) .

   كما تقتضيه المطلقات الآمرة بالغسل ثلاثاً (2) فان مقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين خروج نجاسة منه بعد ذلك وعدمه .

   وقد يستدل عليه برواية يونس(3) وموثقة عمّار(4) المتقدِّمتين الدالّتين على أنّ الميِّت يغمز أو يمسح بطنه رفيقاً فان خرج منه شيء فانقه ثمّ اغسله ، حيث دلّتا على عدم وجوب الاعادة بخروج شيء من الميِّت حينئذ .

   والاسـتدلال بهاتين الروايتين إنّما يتم في مورد واحد ولا يتم على نحو الاطلاق لأن موردهما ما إذا خرج شيء من الميِّت بين الغسلين الأوّلين والثالث ، وأمّا لو خرج بين الأوّل والثاني أو في أثناء غسل واحد فلا دلالة لهما على عدم وجوب الاعادة بسببه ، فانّه (عليه السلام) بعد الأمر بتغسيله بالكافور قال « ... فان خرج منه شيء فانقه ثمّ اغسل ... » (5) وهذا كما ترى يختص بما ذكرناه .

   نعم ، لو بنينا على أنّ الواجب في غسل الميِّت شيء واحد وكل واحد من الأغسال جزء من المأمور به المركب كغسل الرأس بالاضافة إلى غسل الجنابة مثلاً كما قوّاه صاحب الجواهر (قدس سره) (6) لأمكن الاستدلال بهما على عدم وجوب الاعادة فيما لو خرجت النجاسة في أثناء الغسل لأ نّه موردهما حينئذ ، إلاّ أن إثبات ذلك مشكل كما تقدّم(7) ، لأن كل واحد من الأغسال واجب بحياله واستقلاله .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الواسئل 2 : 542 /  أبواب غسل الميِّت ب 32 ح 2 .

(2) الوسائل 2 : 479 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 .

(3) الوسائل 2 : 480 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 3 .

(4) الوسائل 2 : 484 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 10 .

(5) الوسائل 2 : 480 /  أبواب غسل الميِّت ب 2 ح 3 .

(6) الجواهر 4 : 120 /  في اعتبار نيّة الغاسل .

(7) في ص 43 .

ــ[74]ــ

   ومعه يمكن الاستدلال بموثقة روح المتقدمة على عدم وجوب الاعادة لو خرجت نجاسة بين الأوّل والثاني أو بينه وبين الثالث إذ يصدق أ نّه بدا بعد الغسل ، لما تقدّم من أن كل واحد من الأغسال الثلاثة غسل ميت كما تقدم .

   وأمّا النجاسة الخارجة في أثناء الغسل الواحد فلا ، بل يمكن الاستدلال بموثقة روح على وجوب الاعادة فيما لو خرجت النجاسة قبل تمامية الغسل ، وذلك لأنّ الإمام (عليه السلام) قيّد الحكم بعدم وجوب الاعادة بما إذا خرج منه شيء بعد الغسل ، فانّ التقييد بالبعدية يدل ـ بمفهوم الوصف ـ على أن نفي الوجوب مختص بصورة خروج النجاسة بعد الغسل ، فلو خرجت قبله في أثنائه وجب إعادة الغسل وهذا استدلال بمفهوم الوصف كما عرفت .

   ولا يستدل بمفهوم الشرط فيها في قوله (عليه السلام) «إن بدا» لأن مفهومه إذا لم يبد منه شيء ، وهو سالبة بانتفاء موضوعها ، وأمّا مفهوم الوصف فقد قوينا في محلِّه(1) أنّ الاتيان به في الكلام يدل على اختصاص الحكم بواجد القيد والوصف وإلاّ لكان أخذه في الكلام لغواً لا محالة .

   ولا يمكن الجواب عن ذلك بأن موثقة عمار ورواية يونس المتقدمتين تدلاّن على عدم وجوب الاعادة ، فنخرج بهما عمّا يقتضيه مفهوم الوصف في موثقة روح ، وذلك لما تقدم من أن موردهما ما إذا خرجت النجاسة بين الغسل الثاني والثالث ، وكلامنا فيما لو خرجت في أثناء غسل واحد ، فالروايتان أجنبيتان عمّا يدل المفهوم على وجوب الاعادة فيه .

    ما هو الصحيح في الجواب

   والصحيح في الجواب عن هذا المفهوم : أنّ التقييد ببعد الغسل في الموثقة إنّما هو من جهة كون الحكم الوارد فيها خاصّاً به ، فانّ الحكم إنّما ترتب على عدم الاعـادة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع محاضرات في اُصول الفقه 5 : 133 .

ــ[75]ــ

والاعادة هي الوجود الثاني للشيء ، فلا مناص من أن يتحقق الغسل أوّلاً ثمّ يحكم بوجوب إعادته أو عدمه إذا خرجت نجاسة حينئذ ، إذ لا مورد لهذا الحكم قبل تحقق الغسل ، وليس التقييد من جهة وجوب الاعادة فيما لو خرجت في الأثناء ، نعم الاعادة في باب الصلاة تستعمل كثيراً في الوجود الأوّل أيضاً ، فترى أ نّه ورد : إذا تكلّم في صلاته أعادها (1) أو : لو أحدث في صلاته أعادها (2) إلاّ أ نّه في الحقيقة من الاستعمال في الوجود الثاني ، وذلك لما ذكرناه في بحث الصحيح والأعم(3) من أنّ الصلاة اسم للتكبيرة والطهور والركوع والسجود ، فقد تكون الركعة الواحدة مصداقاً للصلاة ، فلو صلّى بعد الاتيان بالركعة الواحدة كانت إعادة للصلاة ووجوداً ثانياً لها لا محالة .

   وعلى الجملة : قد تستعمل الاعادة في الوجود الأوّل إلاّ أن معناها هو الوجود الثاني للشيء ، وحيث إنّ الحكم مترتب على عدمها في الموثقة ، ولا معنى لها قبل الوجود فقد قيّد فيها بـ «بعد الغسل» إذ لا إعادة قبله ، لا أنّ النجاسة لو وقعت في أثنائه وجبت فيه الاعادة ، وعليه فلا دليل على وجوب الاعادة فيما لو خرجت في الاثناء ، ومقتضى أصالة البراءة عدم وجوب الغسل ثانياً ، كما أن مقتضى الاطلاقات أنّ الواجب هو الأغسال الثلاثة ، خرجت نجاسة في أثنائها أو بين الأوّل والثاني أو الثالث والثاني أم لم تخرج ، هذا .

   وقد يستدل على وجوب الاعادة فيما لو خرجت النجاسة في الأثناء بالأخبار المستفيضة الدالّة على أن غسل الميِّت كغسل الجنابة أو أ نّه غسل الجنابة (4) فكما أن خروج النجاسة الحدثية في أثناء الغسل ـ أي غسل الجنابة ـ موجب للاعادة كذلك في غسل الميِّت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 7 : 281 /  أبواب قواطع الصلاة ب 25 .

(2) الوسائل 7 : 233 /  أبواب قواطع الصلاة ب 1 .

(3) راجع محاضرات في اُصول الفقه  1 : 163 .

(4) الوسائل 2 : 486 /  أبواب غسل الميِّت ب 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net