تكبير المأموم قبل الإمام - التحاق المأموم في أثناء الصلاة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9067


   [ 960 ] مسألة 19 : إذا كبّر قبل الإمام في التكبير الأوّل له أن ينفرد وله أن يقطع (2) ويجدده مع الإمام ، وإذا كبّر قبله فيما عدا الأوّل له أن ينوي الانفراد وأن يصبر حتى يكبّر الإمام فيقرأ معه الدعاء ، لكن الأحوط إعادة التكبير بعد ما  كبّر الإمام ، لأنه لا يبعد اشتراط تأخّر المأموم عن الإمام في كل تكبيرة أو مقارنته معه وبطلان الجماعة مع التقدّم وإن لم تبطل الصلاة (3) .

ــــــــــــــــــــــــــ
    إذا  كبّر قبل الإمام

   (2) إذا كان هذا في التكبيرة الاُولى دار أمره بين أن يتمها منفردة وبين أن يقطع ويرفع يده عنها ثم يشرع جماعة أو فرادى ، ولا يمكن تتميمها جماعة إذ لا جماعة حينئذ ، لأنه لا معنى للجماعة مع عدم كون الإمام مصلياً ، والمفروض أن المأموم كبّر والإمام لم يدخل في الصلاة فهو منفرد . والعدول من الانفراد إلى الجماعة يحتاج إلى دليل يدل على مشروعيته ولا دليل عليه في المقام ، فليس له أن يصبر إلى أن يلحق الإمام فيتابعه في التكبير الثاني .

   وقياس ذلك بالعدول من جماعة إلى جماعة ممّا لم يظهر لنا وجهه ، فان المسألتين من واديين وإحداهما غير الاُخرى ، حيث إن هناك جماعة باقية بحالها وإنما الاختلاف في شخص الإمام ، وأما في المقام فلا جماعة ابتداء ليجوز له العدول إلى الجماعة ، وإنما كانت صلاته فرادى لعدم دخول الإمام في الصلاة ، فالمقايسة في غير محلّها .

    لو كبّر قبل الإمام فيما عدا الأوّل

   (3) قد يكون تكبيره فيما عدا الأوّل قبل الإمام ناشئاً عن سهو وقد يكون مستنداً

ــ[220]ــ

إلى العمد والاختيار .

   أمّا إذا كبّر قبله سهواً فالصحيح عدم بطلان صلاته بل ولا جماعته بذلك ، لعدم الدليل على كونه موجباً للبطلان ، والأصل عدم بطلانها به فوجوده كالعدم لا يترتب عليه أثر . ويؤيده أن المأموم لو ركع قبل الإمام سهواً لم تبطل بذلك صلاته ولا جماعته بل وجوده كالعدم فيرفع رأسه ثم يركع مع الإمام ، فاذا لم يكن الركوع الذي أتى به سهواً موجباً لبطلان الصلاة والجماعة فلا تكون التكبيرة المأتي بها سهواً مبطلة للصلاة والجماعة بطريق أولى .

   وأمّا إذا كبّر قبله عمداً فالصحيح أنه ينفرد بذلك عن الجماعة وترتفع جماعتـه وذلك لما دلّت عليه الأدلة الواردة في المقام من أن صلاة الميِّت تشتمل على خمس تكبيرات ، فلو فرضنا في المقام عدم بطلان جماعته ووجب أن يكبّر مع الإمام بعد ذلك كانت تكبيراته ستة ، وعدم احتساب التكبيرة المأتي بها عمداً من التكبيرات يحتاج إلى دليل ، لعدم قصورها عن كونها فرداً للمأمور به ، وحصول الامتثال بها قهري فلا وجه لعدم سقوط الأمر به .

   وأمّا ما رواه الحميري عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه (عليه السلام) عن الرجل يصلِّي له أن يكبّر قبل الإمام ؟ قال (عليه السلام) : «لا يكبِّر إلاّ مع الإمام ، فان كبّر قبله أعاد التكبير»(1) وقد أوردها في صلاة الجنائز ، وذكر صاحب الوسائل (قدس سره) أن الظاهر أن علي بن جعفر أوردها في صلاة الجنائز(2) فلا يمكن الاستدلال بها لضعف سندها ودلالتها :

   أمّا في سندها فالضعف لوجود عبدالله بن الحسن فيها ، وهو وإن كان شريفاً بحسب النسب إلاّ أ نّا لم نعثر له على توثيق في الرجال ، فلا يمكننا الاعتماد على روايته .

   وأمّا بحسب الدلالة فلقوله : عن الرجل يصلِّي ... ، فانها واردة في الصلاة ، وليست صلاة الأموات صلاة حقيقة، إذ لا صلاة إلاّ بطهور ولايعتبر الطهور في صلاة الأموات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 101 /  أبواب صلاة الجنازة ب 16 ح 1 .  قرب الاسناد : 218 .

(2) لم يذكر كلام صاحب الوسائل هذا في الطبعة الجديدة .

 
 

ــ[221]ــ

   [ 961 ] مسألة 20 : إذا حضر الشخص في أثناء صلاة الإمام له أن يدخل في الجماعة فيكبِّر بعد تكبير الإمام الثاني أو الثالث مثلاً ويجعله أوّل صلاته وأوّل تكبيراته فيأتي بعده بالشهادتين (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهي غير شاملة لصلاة الأموات .

   وأما إيراد علي بن جعفر أو الحميري للرواية في صلاة الجنائز فهو مبني على استنباطه ، بمعنى أنه اجتهاد منه ولو بتوهم شمولها للمقام بحسب الإطلاق .

    الحضور في أثناء صلاة الإمام

   (1) للبحث في المسألة جهات :

   الاُولى : لا إشكال في أن الجماعة في صلاة الأموات غير مشروطة بحضورها من الابتداء ، بل لو حضرها المكلف بعد تكبير الإمام الثاني أو الثالث أيضاً جاز له الدخول فيها ، وذلك لعدّة روايات فيها الصحاح وغيرها (1) .

   الثانية : في محل الدخول . هل لا بدّ من أن يصبر حتى يكبِّر الإمام فيدخل معه في الصلاة أو يجوز له الدخول فيها والإمام مشغول بالدعاء ؟

   الصحيح هو الثاني. وقد يقال: إن المدرك فيه الإجماع ولايستفاد ذلك من النصوص.

   وفيه : أن صحيحة العيص لا مانع من الاستدلال بها في المقام ، بل هي صريحة في ذلك ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يدرك من الصلاة على الميِّت تكبيرة ، قال (عليه السلام) : يتم ما بقي» (2) . لدلالتها على جواز الدخول في الجماعة فيما إذا أدرك الإمام بعد التكبيرة الرابعة وقبل الخامسة ، فلو فرضنا أن دخوله في الجماعة مشروط بتكبير الإمام لم يمكنه الدخول فيها في مفروض الرواية ، لأنه بعد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يأتي التعرّض لها في المسألة .

(2) الوسائل 3 : 102 / أبواب صلاة الجنازة ب 17 ح 2 .

ــ[222]ــ

التكبيرة الخامسة لا تبقى جماعة ولا صلاة ليدخل فيها المأموم ، فهي كالصريحة في جواز دخول المأموم فيها عند قراءة الإمام .

   الثالثة : هل يقتصر المصلي حينئذ بما أدركه مع الإمام أو يجب عليه قضاء ما فاته بعد إتمام الإمام ؟

   ورد في جملة كثيرة من الأخبار أنه يقضي ما فاته بعد الصلاة كصحيحة العيص المتقدِّمة وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين من الصلاة على الميِّت فليقض ما بقي متتابعاً» (1) .

   وورد في رواية إسحاق بن عمار الموثقة سنداً ـ  لاشتماله على غياث بن كلوب وهو ممّن وثّقه الشيخ في العدّة (2)  ـ عن أبي عبدالله عن أبيه (عليهما السلام) «أن عليّاً (عليه السلام) كان يقول : لا يقضى ما سبق من تكبير الجنائز» (3) وظاهرها نفي مشروعية القضاء .

   ولأجل تعارضهما يرفع اليد عن ظاهر الثانية بصراحة الطائفة الاُولى ويجمع بينهما بحمل الثانية على نفي القضاء وجوباً وحمل الاُولى على أنها تقضى جوازاً أو استحباباً .

   وأما لو ناقشنا في هذا الجمع نظراً إلى أن كلتيهما واردتان في القضاء وقد أثبتته إحداهما ونفته الاُخرى فلا يمكن الجمع بينهما بما ذكر ، فلا مناص من الأخذ بالطائفة الاُولى وحمل الثانية على التقيّة لموافقتها لما ذهب إليه ابن عمر(4) .

   الرابعة : بناء على وجوب القضـاء أو جوازه فهل يقضي ما فاته من الأدعية والتكبيرات معاً أو يقضي التكبيرات فقط ؟

   مقتضى النصوص الواردة في المقام أنه يقضي التكبيرات دون الأدعية ، لما تقدم في صحيحة الحلبي من قوله (عليه السلام) : «إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 102 / أبواب صلاة الجنازة ب 17 ح 1 .

(2) عدّة الاُصول  1 : 56  السطر 13 .

(3) الوسائل 3 : 103 / أبواب صلاة الجنازة ب 17 ح 6 .

(4) المغني لابن قدامة 2 : 373 ،  المجموع 5 : 243 ،  عمدة القاري 8 : 38 .

ــ[223]ــ

وهكذا على الترتيب بعد كل تكبيرة من الإمام يكبّر ويأتي بوظيفته من الدعاء وإذا فرغ الإمام يأتي بالبقيّة فرادى وإن كان مخفّفاً ، وإن لم يمهلوه أتى ببقيّة التكبيرات ولاء من غير دعاء ، ويجوز إتمامها خلف الجنازة إن أمكن الاستقبال وسائر الشرائط .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصلاة على الميِّت فليقض ما بقي متتابعاً» لظهورها في إرادة قضاء ما بقي من التكبيرات . مضافاً إلى قوله «متتابعاً» الظاهر فيما ذكرناه ، إذ مع الأدعية لا تقع التكبيرات متتابعة ، وقد صرح بالباقي من التكبيرات في بعضها .

   ولا ينافي ذلك ما ورد في صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) من أنه يتم ما بقي من التكبيرات مخففة ويبادر إلى رفع الجنازة (1) لأن ظاهر التخفيف في التكبيرات إرادة التكبيرات من دون الأدعية ، وإلاّ فلا معنى للتخفيف في نفس التكبيرة .

   الجهة الخامسة : إذا لم يتمكن المصلي من إتمام التكبيرات بعد فراغ الإمام لرفع الجنازة وعدم إمهاله ، فهل له أن يقضي التكبيرات خلف الجنازة ماشياً ؟

   ورد في روايتين إحداهما مرسل القلانسي أن «الرجل يدرك مع الإمام في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين ، فقال (عليه السلام) : يتم التكبير وهو يمشي معها ، فان لم يدرك التكبير كبّر عند القبر ، فان كان أدركهم وقد دفن كبّر على القبر» (2) .

   وثانيتهما رواية عمرو بن شمر(3) وهي قريبة من الاُولى ، إلاّ أنهما ضعيفتان بعمرو ابن شمر وبارسال الاُولى ، فلا يمكن الحكم بوجوب ذلك أو اسـتحبابه إلاّ بناء على التسامح في أدلّة السنن .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 104 / أبواب صلاة الجنازة ب 17 ح 7 .

(2) الوسائل 3 : 103 / أبواب صلاة الجنازة ب 17 ح 5 .

(3) الوسائل 3 : 103 / أبواب صلاة الجنازة ب 17 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net