حكم الزيادة في التكبير 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 11303


ــ[224]ــ

 فصل

في كيفيّة صلاة الميِّت

    وهي أن يأتي بخمس تكبيرات (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل في كيفية صلاة الميِّت

    (1) لا إشكال في أن صلاة الميِّت عندنا إنما هي بخمس تكبيرات ، وقد دلت على ذلك جملة من الروايات فيها الصحاح وغيرها ، كصحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «التكبير على الميِّت خمس تكبيرات»(1) وغيرها .

   وفي بعضها أن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كان يصلِّي بأربع تكبيرات تارة وبخمس اُخرى (2) .

   وورد شرح ذلك في بعض الأخبار الاُخر بمضمون أن كل تكبيرة رمز إلى أصل ومبدأ من المبادئ الإسلامية من الصوم والصلاة والزكاة والحج والولاية ، ولأجله كان يصلِّي بأربع تكبيرات على المنافقين المنكرين للولاية وبخمس تكبيرات على المؤمنين(3) . هذا كله في رواياتنا .

   وأما روايات العامة فقد اختلفت في ذلك ، ففي بعضها أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يصلِّي بست أو سبع تكبيرات(4) وفي بعضها الآخر أن عمر جمع أصحابه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 74 / أبواب صلاة الجنازة ب 5 ح 6 .

(2) الوسائل 3 : 72 / أبواب صلاة الجنازة ب 5 ح 1 وغيره .

(3) الوسائل 3 : 77 / أبواب صلاة الجنازة ب 5 ح 16 ، 17 ، 18 .

(4) راجع شرح صحيح مسلم للنووي بهامش إرشاد الساري 4 : 284 وبدائع الصنائع 1 : 312 وفي الأخير : أنّ الروايات اختلفت في فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فرُوي عنه الخمس والسبع والتسع ونحو من ذلك .

ــ[225]ــ

واستقرّ رأيه على أن يصلِّي على الميِّت بأربع تكبيرات (1) وكأنه لولايته على الإسلام والمسلمين .

   وكيف كان ، فكونها خمس تكبيرات مما لا إشكال فيه عندنا ، فلو نقص منها تكبيرة بطلت لانتفاء المركب بانتفاء بعض أجزائه . ولا يشـملها حديث لا تعاد لاختصاصه بصلاة ذات ركوع وسجود وطهور .

   وأمّا إذا زاد عليها فان كان سهواً فلا يكون موجباً لبطلانها ، لأنها زيادة بعد انتهاء العمل ، والزيادة بعد العمل لا توجب البطلان . وأمّا إذا كانت الزيادة عمدية فالصحيح أنها أيضاً لا توجب البطلان ، لكونها زيادة بعد العمل لانتهاء الصلاة بعد الخمس اللّهمّ إلاّ أن يرجع إلى التشريع في أصل العمل بأن يبني من الابتداء على أنها ست تكبيرات فيأتي بها بهذا البناء والتشريع ، وإلاّ فلو بنى على أن يأتي بالزائد بعد الخمس فهو لا يوجب بطلانها .

    الزيادة في التكبير

   وهل تستحب الزيادة في التكبير إذا كان الميِّت من أهل الفضل والسداد ؟ ربما يقال بالجواز ، وقد نسب ذلك إلى جماعة ، إلاّ أن الصحيح عدم جواز الزيادة ولو بعنوان الجزء الاستحبابي بأن يكون جزءاً ومعتبراً في التشخص لا في أصل العمل ، وذلك لأن ما استدل به على الجواز ضعيف إما سنداً وإما دلالة ، لكونه مبتلى بالمعارض أو لغيره من الوجوه ، وإما من كلتا الجهتين ، وإليك نصها :

   منها : صحيحة زرارة أو حسنته عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث : «إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى على حمزة سبعين صلاة وكبّر عليه سبعين تكبيرة» (2) .

   والمراد بسبعين صلاة ليس هو سبعين صلاة الميِّت بل المراد بها الدعاء ، إذ لا يعقل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع نفس المصدر .

(2) الوسائل 3 : 81 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 3 .

ــ[226]ــ

سبعون صلاة مع التكبير بسبعين تكبيرة ، لأن في كل صلاة يعتبر خمس تكبيرات ومضروب الخمس في سبعين ثلاثمائة وخمسون تكبيرة ، فلا يمكن سبعون صلاة بهذا المقدار من التكبيرات .

   ولا دلالة لها على جواز التكبير سبعين مرة ، وذلك لأن المراد بالرواية ليس هو أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كبّر سبعين مرّة في صلاة واحدة ، بل إنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى على حمزة بخمس تكبيرات ، ثم بعدها جاؤوا بشهيد ثان ولم ترفع جنازة حمزة وصلّى عليه بخمس أيضاً ، ثم جاؤوا بثالث وجنازة حمزة لم ترفع وهكذا إلى أن أصاب حمزة سبعين تكبيرة كما ورد في رواية عيون أخبار الرضا (عليه السلام) فراجع (1) .

   ونظيره ما صنعه علي (عليه السلام) في صلاته على سهل بن حنيف حيث ورد في رواية أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «كبّر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على حمزة سبعين تكبيرة وكبّر علي (عليه السلام) عندكم على سهل بن حنيف خمساً وعشرين تكبيرة ، قال : كبّر خمساً خمساً كلما أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل فيضعه فيكبّر عليه خمساً حتى انتهى إلى قبره خمس مرات» (2) .

   والجزم بذلك أو احتمال إرادته من الرواية يمنع عن الاستدلال بها على استحباب الزيادة في التكبير .

   ومنها : ما عن أمالي الصدوق عن ابن عباس «أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى على فاطمة بنت أسد اُم أمير المؤمنين (عليه السلام) صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ، ثم كبّر عليها أربعين تكبيرة فقال له عمار : لِمَ كبّرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله ؟ قال : نعم يا عمار التفتّ عن يميني فنظرت إلى أربعين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 82 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 7 ، عيون أخبار الرضا 2 : 45 / 167 .

(2) الوسائل 3 : 81 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 5 .

ــ[227]ــ

صفاً من الملائكة فكبّرت لكل صف تكبيرة» (1) .

   وهي ضعيفة السند بأبي الحسن العبدي لأنه مهمل ، وفي السند جعفر بن محمد بن سرور وهو أيضاً لم يوثق وإن كان من مشايخ الصدوق (قدس سره) . وعباية بن ربعي يمكن الاعتماد عليه لأنه ورد في حقه أنه من خواص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو موجب للاعتماد عليه ، وابن عباس مختلف فيه كما هو معروف . والسند مذكور في باب 26 من أبواب التكفين فليراجع (2) .

   ومنها : رواية الحسن بن زيد قال : «كبّر علي بن أبي طالب (عليه السلام) على سهل بن حنيف سبع تكبيرات وكان بدرياً وقال : لو كبّرت عليه سبعين لكان أهلاً» (3) .

   وهي ضعيفة السند بأحمد بن عبدالله العلوي وعلي بن الحسن الحسيني وحسن بن زيد ، ومعارضة بصحيحة أو حسنة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «كبّر أمير المؤمنين (عليه السلام) على سهل بن حنيف وكان بدرياً خمس تكبيرات» (4) .

   ومنها : رواية جابر قال : «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التكبير على الجنازة هل فيه شيء مؤقت ؟ فقال : لا ، كبّر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أحد عشر وتسعاً وسبعاً وخمساً وستاً وأربعاً» (5) وهي ضعيفة بعمرو بن شمر ومعارضة بما دلّ على وجوب التكبير بخمس .

   ومنها : رواية عقبة عن جعفر قال : «سئل جعفر (عليه السلام) عن التكبير على الجنائز ، فقال : ذلك إلى أهل الميِّت ما شاؤوا كبّروا ...» (6) وهي ضعيفة السند بعقبة .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 82 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 8 ، أمالي الصدوق : 258 / 14 .

(2) الوسائل 3 : 48 / أبواب التكفين ب 26 ح 2 .

(3) الوسائل 3 : 84 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 12 .

(4) الوسائل 3 : 80 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 1 .

(5) الوسائل 3 : 85 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 17 .

(6) الوسائل 3 : 86 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 18 .

ــ[228]ــ

   ومنها : رواية أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل : «إن آدم لما مات .... وقد كان يكبّر على أهل بدر تسعاً وسبعاً» (1) وهي ضعيفة بمحمد بن الفضيل ومعارضة بما دل على أنه (عليه السلام) صلّى على سهل بن حنيف بخمس وأنه كان بدرياً .

   ومنها : رواية على بن موسى بن طاووس عن عيسى بن المستفاد عن أبي الحسن موسى بن جعفر ... ثم قال : «يا علي كن أنت وفاطمة والحسن والحسين وكبّروا خمساً وسبعين تكبيرة وكبّر خمساً وانصرف» (2) .

   وهي ضعيفة السند بعيسى بن المستفاد وبمجهولية طريق ابن طاووس إليه لأن بينهما وسائط ، وباحتمال أن يكون ذلك من مختصات النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

   ومنها : رواية سعد بن هبة الله الراوندي في قصص الأنبياء عن أبي حمزة عن علي ابن الحسين (عليه السلام) في حديث وفاة آدم (عليه السلام) قال : «فخرج هبة الله وصلّى عليه وكبّر عليه خمساً وسبعين تكبيرة ، سبعين لآدم وخمسة لأولاده» (3) .

   وهي ضعيفة لمجهولية طريقه إلى ابن بابويه ، ولو صحت فانما كانت مختصة بتلك الشريعة ولا يمكن إسراؤها إلى شريعتنا ، وهي معارضة بما دل على أنه كبّر عليه ثلاثين تكبيرة وأن السنة فينا خمس تكبيرات كما ورد في رواية اُخرى لأبي حمزة .

   ومنها : رواية فضيل بن يسـار عن أبي جعفر (عليه السلام) وهي بمضمون سابقتها (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 81 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 4 .

(2) الوسائل 3 : 83 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 11 .

(3) الوسائل 3 : 84 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 14 . قصص الأنبياء : 59 / 34 .

(4) الوسائل 3 : 85 / أبواب صلاة الجنازة ب 6 ح 15 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net