الخوف على حياة الحامل وجنينها ودوران الأمر بين حياتيهما 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5832


ــ[316]ــ

فيشق جنبها الأيسر ((1)) (1) ويخرج الطفل ثم يخاط (2) وتدفن

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومنها : ما عن علي بن يقطين قال : «سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن المرأة تموت وولدها في بطنها ؟ قال : شق (يشق) بطنها ويخرج ولدها» (2) .

   ومنها : رواية وهب بن وهب المتقدمة حيث ورد في صدرها : «إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرّك يشق بطنها ويخرج الولد» وغير ذلك من الروايات التي أوردها في الوسائل (3) .

    كيفية إخراج الجنين

   (1) الأخبار الآمرة بالشق مطلقة ولا مقيد للشق بالجانب الأيسر ، ولا دليل عليه سوى الفقه الرضوي حيث صرح به فيه(4) ، إلاّ أنه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها .

   وكون الولد في الجانب الأيسر بحسب القواعد الطبّية ـ لو صح ذلك ـ أمر تكويني لا ربط له بالحكم الشرعي، فلا مانع من شق جنبها الأيمن مثلاً حسب إطلاق الروايات وإن كان الشق من الجانب الأيسر أحوط .

   (2) لم يرد الأمر بالخياطة إلاّ في مرسلة ابن أبي عمير المتقدّمة ، وهي لإرسالها غير قابلة للاعتماد عليها ، نعم يمكن القول بوجوبه لأنه مقدّمة لتغسيل المرأة ، إذ مع شق بطنها لا يمكن تغسيلها .

وعليه لو فرضنا عدم وجوب التغسيل في حقها لفقدان الماء مثلاً أو لغير ذلك من الوجوه لا تجب خياطة موضع الشق وإن كانت الخياطة أحوط .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا احتمل دخله في حياته وإلاّ فلا خصوصية له .

(2) الوسائل 2 : 470 / أبواب الاحتضار ب 46 ح 2 .

(3) الوسائل 2 : 470 / أبواب الاحتضار ب 46 ح 3 ـ 8 .

(4) المستدرك 2 : 140 / أبواب الاحتضار ب 35 ح 1 ، فقه الرضا : 174 .

ــ[317]ــ

ولا فرق في ذلك بين رجاء حياة الطفل بعد الإخراج وعدمه (1) ، ولو خيف مع حياتهما على كل منهما انتظر حتى يقضي (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) نسب الاشتراط بصورة رجاء الحياة في الطفل بعد إخراجه إلى أبي حنيفة (1) . ولكن الصحيح عدم الاشتراط ، لإطلاق الروايات ولأن حفظ النفس المحترمة واجب على نحو الإطلاق بلا فرق بين قصر حياته وطولها ، فان كل حي تنقضي حياته ، غاية الأمر تكون حياة بعضهم أطول من حياة الآخر .

    لو خيف على حياتهما

   (2) بأن علم أن كليهما لا يبقيان على قيد الحياة بل يموت أحدهما لا محالة إلاّ أنه لو اُخرج الولد خيف عليه من الموت ولو لم يخرج الولد خيف على اُمه ، فلا يمكن ترجيح إحدى النفسين المحترمتين على الاُخرى فلا بدّ من انتظار أمر الله سبحانه ، فاذا مات أحدهما وجب التحفظ على الآخر . هذا بالإضافة إلى الثالث الذي يريد إخراج الولد .

   وأما الاُم فهل يجوز لها أن تقتل ولدها في بطنها تحفظاً على حياتها أو لا يجوز ؟

   التحقيق أن المقام يدخل تحت كبرى التزاحم ، لوجوب حفظ النفس المحترمة على الاُم ، فيجب عليها أن تتحفظ على نفسها كما يجب عليها أن تحفظ ولدها ، وحيث لا تتمكّن الاُم من امتثال كلا الأمرين فيدخل بذلك تحت كبرى المتزاحمين ، وبما أن التحفّظ على ولدها وصبرها لموتها أمر عسري حرجي في حقها فيرتفع الأمر بالتحفّظ على حياة ولدها ، وبذلك لا يبعد أن يقال بجواز قتلها ولدها تحفّظاً على حياتها ، غاية الأمر أن امتثال هذا الواجب يتوقف على مقدّمة محرمة وهي قتلها لولدها ، فالمقام من التزاحم بين وجوب ذيها وحرمة المقدّمة فيتقدّم الوجوب في ذي المقدّمة على الحرمة في المقدّمة كما هو الحال في جملة من المقامات . وهذه المسألة لم أر مَن تعرّض لها في الرسائل العملية فضلاً عن الكتب الاستدلالية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المغني 2 : 414 .

ــ[318]ــ

    استدراك

   تقدّم أنه لو خيف مع حياتهما على كل منهما انتظر حتى يقضى ، وذلك لأن تركه ترجيح لأحدهما على الآخر مع حرمة كل منهما لكونهما مسلمين أو مؤمنين ، فلا يجوز لثالث أن يتحفظ على أحدهما باتلاف الآخر .

   لأن المقدّمة إذا كانت محرمة لم يمكن تقديم الوجوب في ذي المقدّمة على الحرمة في المقدّمة فانّ حفظ النفس الواجب في أحدهما يتوقف على المقدّمة المحرمة وهي إتلاف الآخر ، وهذا ليس بجائز إلاّ فيما إذا كان الوجوب في ذي المقدّمة من الأهمية بمرتبة أزال الحرمة عن المقدّمة الحرام ، كما هو كذلك في توقف إنقاذ النفس المحترمة على التصرّف في أرض الغير من دون إذنه .

   وأما في أمثال المقام ممّا لم تثبت الأهمية في ذي المقدّمة لتساوي الحكمين أو عدم كون الوجوب أهم ، كما إذا توقّف حفظ المال المحترم على إتلاف مال محترم آخر فلا مرخص في ارتكاب المقدّمة المحرمة لأجل امتثال الأمر بذي المقدّمة ، بل لا بدّ من انتظار قضاء الله سبحانه وأن الاُم تموت حتى يتحفّظ على الولد باخراجه من بطنها أو أن الولد يموت حتى يتحفّظ على الاُم باخراجه كما تقدّم ، هذا كله بالإضافة إلى الثالث .

   وأمّا وظيفة الاُم في نفسها وأنه هل يجوز لها أن تقتل ولدها تحفظاً على حياتها أو لا يجوز لها ذلك ؟ الظاهر أنه لا مانع للاُم من التحفظ على حياتها بأن تقتل ولدها والسر في ذلك ما ذكرناه في محلِّه من أن الضرر إذا توجّه إلى أحد شخصين لا يجب على أحدهما تحمّل الضّرر حتى لايتضرّر الآخر(1) ، لأن التحمّل عسر وحرج فلايكون مأموراً به ، وفي المقام لا يجب على الاُم أن تتحمّل الضرر بأن تصبر حتى تموت تحفّظاً على حياة ولدها ، لأنه عسر فلا يجب ذلك على الاُم ، ولعلّه من فروع قاعدة دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة ، فلا بأس في أن تتحفّظ الاُم على حياتها ولو بقتل ولدها ، هذا كلّه في الاستدراك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ مصباح الاُصول  2 : 563 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net