التيمم بما يشك في كونه تراباً أو غيره 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4064


ــ[241]ــ

   [ 1113 ] مسألة 5: لايجوز التيمّم بما يشك في كونه تراباً أو غيره ممّا لايتيمّم به كما مرّ ، فينتقل إلى المرتبة اللاّحقة إن كانت ، وإلاّ فالأحوط الجمع بين التيمّم به((1)) والصلاة ثمّ القضاء خارج الوقت أيضا (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لكونه طرفاً للعلم الإجمالي ، فمراد الماتن (قدس سره) ما إذا لم تجر فيه أصالة تقتضي طهارته إمّا لأن حالته السابقة هي النجاسة أو لأ نّه طرف للعلم الإجمالي ، فينحصر المقصـود بما إذا كان مشكوكاً بالشك البدوي من دون أن تكون حالته السابقة هي النجاسة .

    التيمّم بما يشك في كونه تراباً أو غيره

   (1) قد يفرض الكلام فيما إذا كانت الشبهة مفهومية، واُخرى فيما إذا كانت موضوعية.

   أمّا إذا شكّ من جهة الشبهة المفهومية فمقتضى القاعدة ـ على ما فصّلناه سابقاً ـ جواز الاكتفاء بما يشك في كونه تراباً ، وذلك للعلم بتعلّق التكليف بالجامع بينه وبين التراب، وإنّما الشك في توجّه التكليف بالأمر الزائد عن الجامع وهو خصوصية الترابية فالتكليف مردّد بين المطلق والمقيد فيؤخذ بالمطلق ويدفع احتمال الخصوصية والتقييد بالبراءة ، فينتج جواز الاكتفاء بما يشك في كونه تراباً من جهة الشبهة المفهومية .

   هذا فيما إذا كان هناك فرد آخر معلوم الترابية ، وأمّا إذا كان منحصراً بالمشكوك فيه فهل ينتقل أمره إلى المرتبة اللاّحقة ولو نظراً إلى أ نّه ليس هناك فرد آخر غير المشكوك فيه ليعلم تعلق التكليف بالجامع بينهما ويشك في الخصوصية الزائدة لتدفع بالبراءة ويؤخذ بالتكليف بالجامع ، أو أ نّه يكتفي بالتيمّم المشكوك فيه ؟

   الصحيح هو الثّاني ، وذلك لأنّ موضوع الحكم بالانتقال إلى المرتبة المتأخرة هو غير الواجد للمرتبة الاُولى ، والمشكوك ترابيته إذا حكمنا بكفاية التيمّم أو السجود

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط الأولى .

ــ[242]ــ

عليه وعدم الحاجة إلى التراب عند عدم الانحصار بالمشكوك فيه يكفي عند الانحصار به أيضاً ، ومع وجوده لا ينتقل إلى المرتبة اللاّحقة ، إذ لا يصدق حينئذ عدم وجدان ما يكفي في المرتبة الاُولى ، لأنّ المشكوك فيه ممّا يكفي في المرتبة الاُولى بحيث لم يكن معه احتياج إلى التيمّم بالتراب ، فلا يصدق مع وجوده أنّ المكلّف غير واجد لما يكفيه في المرتبة الاُولى فلا ينتقل الأمر إلى المرتبة اللاّحقة بوجه ، هذا .

   إلاّ أنّ الشبهة المفهومية غير مرادة للماتن (قدس سره) في المقام ، وإنّما غرضه الشبهة الموضوعية كما يأتي بيانها .

   وأمّا إذا كانت الشبهة موضوعية كما إذا شكّ في أنّ الموجود تراب أم رماد فإن كانت هناك مرتبة لاحقة لم يجز للمكلّف أن يكتفي بما يشك في كونه تراباً ، وذلك لأن من شرط صحّة التيمّم أن يقع على التراب في المرتبة السابقة .

   ومقتضى العلم بهذا التكليف الخروج عن عهدته بالامتثال القطعي ، ومع الشك في الترابية حيث لا يحرز صحّة التيمّم لا يمكن للمكلّف أن يقتنع بالتيمّم به ، ولما قدّمناه من أنّ التكليف بالوضوء والتيمّم قد اُخذ فيه الوجدان  ـ أي وجدان الماء أو وجدان التراب أو الغبار أو الطين على الترتيب ـ والوجدان قد اُخذ في مفهومه الإحراز، وهذا إنّما يتحقق فيما إذا أمكنه إحراز أن ما تيمّم به تراب ولا يتحقق مع الشك كما في المقام .

   على أنا لو سلمنا أنّ الحكم مترتب على وجود التراب لا على وجدانه كفانا في المقام استصحاب عدم وجود التراب على نحو مفاد كان التامة .

   وأمّا لو بنينا على أنّ الموضوع للحكم هو وجود التراب على نحو مفاد كان الناقصة كما هو الظاهر من الأخبار ـ أي أن يكون هناك شيء متصف بالترابية ـ فلا مناص من الرجوع إلى استصحاب عدم اتصاف الموجود بالترابية على نحو استصحاب العدم الأزلي ، فإذا لم يكن الموجود متصفاً بالترابية انتقل الأمر إلى المرتبة اللاّحقة لا محالة .

   وأمّا لو لم تكن هناك مرتبة لاحقة فهل يجب عليه أن يتيمّم بما يشك في ترابيته أو أ نّه مأمور بالصلاة خارج الوقت قضاءً لأ نّه فاقد الطهورين ، أو أ نّه يجب الجمع بين

ــ[243]ــ

الصلاة بالتيمّم بالمشكوك فيه في الوقت وبين الصلاة خارج الوقت قضاءً ؟

   ذكر المـاتن (قدس سره) أنّ الأحوط هو الجمع ، نظراً إلى العلم الإجمالي بأنّ الموجود إمّا أ نّه تراب أو غبار أو طين فالواجب عليه أن يصلِّي في الوقت بالتيمّم به أو أ نّه شيء غيرها فهو فاقد الطهورين والواجب عليه هو الصلاة خارج الوقت قضاء.

   وما أفاده (قدس سره) من الاحتياط أمر لا إشكال في حسنه ، إلاّ أنّ الظاهر عدم لزومه ووجوبه ، لما قدّمناه من استصحاب عدم وجود التراب أو استصحاب عدم اتصاف الموجود بالترابية ، وبهذا يثبت أ نّه فاقد الطهورين ولا بدّ أن يصلِّي خارج الوقت قضاءً وحسب .

   ودعوى أنّ مقتضى قاعدة الاشتغال وحكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالامتثال اليقيني إن أمكن وإلاّ فبالامتثال الاحتمالي هو الإتيان بالصلاة بالتيمّم بالمشكوك فيه في الوقت مع القضاء خارج الوقت ، مندفعة بأنّ حكم العقل بالتنزل إلى الامتثال الاحتمالي إنّما هو فيما إذا كان التكليف متنجزاً على المكلّف حينئذ ، كما إذا علم بغصبية أحد الماءين أو الترابين كما مرّ ، لأن كل واحد منهما إمّا أن يكون مباحاً فالتطهير به واجب أو يكون مغصوباً فالتصرف فيه حرام . وبما أ نّه متمكِّن من كل منهما في نفسه فكل واحد من التكليفين متنجز في حقّه ، وبما أ نّه ليس متمكّناً من الامتثال اليقيني يتنزل العقل إلى الامتثال الاحتمالي كما بيّناه .

   وهذا بخلاف المقام ، لأنّ التكليف بالتيمّم بالمشكوك فيه ليس محرزاً في نفسه لاحتمال عدم كونه تراباً أو غباراً أو طيناً وكونه فاقد الطهورين الّذي تجب الصلاة عليه في خارج الوقت. ومقتضى استصحاب عدم وجود  التراب أو عدم  اتّصاف الموجود بالترابية أ نّه فاقد الطهورين فلا يجب عليه التيمّم بالمشكوك فيه في الوقت بل تجب الصلاة عليه خارج الوقت قضاء .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net