البدار الى الصلاة بتيمم سابق لصلاة خرج وقتها 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4238


ــ[333]ــ

   [ 1142 ] مسألة 4 : إذا تيمّم لصلاة سابقة وصلّى ولم ينتقض تيممه حتّى دخل وقت صلاة اُخرى يجوز الإتيان بها ((1)) في أوّل وقتها وإن احتمل زوال العذر في آخر الوقت على المختار ، بل وعلى القول بوجوب التأخير في الصلاة الاُولى عند بعضهم(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويدفعه : أنّ الرواية غير قابلة الاعتماد عليها ، لأن محمّد بن حمران (2) مردد بين ابن أعين الّذي له كتاب يروي عن الصادق (عليه السلام) وهو لم يوثق ، وبين ابن النهدي الّذي له كتاب أيضاً يروي عن الصادق (عليه السلام) وهو موثق ، ولكل منهما رواة ولم يظهر أن محمّد بن سماعة يروي عن أ يّهما .

   على أن دلالتها على الاستحباب قابلة للمناقشة ، لأ نّا ذكرنا أن معنى «لا ينبغي» لا يتمكّن ولا يتيسر ، مثل قوله تعالى : (لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ ا لْقَمَرَ )(3) وغيره من موارد استعمالاته ، وليس هو بمعنى لا يناسب .

   ومن الظاهر أنّ المراد منها عدم التمكّن أو التيسر التشريعي لا التكويني ، فهو يدل على الحرمة وعدم الجواز ، ولا أقل من دلالته على عدم الرجحان الجامع بين الحرمة والكراهة كما ذكره صاحب الحدائق (قدس سره)(4) . فلا يتم الاستدلال بها على استحباب التأخير بوجه .

    المتيمم لصلاة سابقة هل يجوز له البدار إلى صلاة اُخرى بعد دخول وقتها

   (1) ما ذكرناه واخترناه من التفصيل بين الآيس والقاطع بعدم وجدان الماء حتّى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لكنّه إذا ارتفع العذر في أثناء الوقت أعاد الصلاة على الأحوط .

(2) استظهر السيِّد الاُستاذ (دام بقاؤه) في المعجم 17 : 48 أن محمّد بن حمران الوارد في الروايات هو النهدي الثقة .

(3) يس 36 : 40 .

(4) الحدائق 4 : 360 .

ــ[334]ــ

لكن الأحوط التأخير في الصلاة الثّانية أيضاً وإن لم يكن مثل الاحتياط السابق ، بل أمره أسهل ، نعم لو علم بزوال العذر يجب التأخير كما في الصلاة السابقة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ينقضي الوقت فيجوز له الصلاة بتيمم في أوّل الوقت ، وبين المحتمل الّذي يرجو وجدان الماء قبل انتهاء الوقت فلا يجوز البدار إلى التيمّم والصلاة أوّل الوقت إنّما هو بالإضافة إلى المحدث الّذي يريد أن يتيمّم ويصلِّي بعد دخول الوقت .

   وهل يسري الحكم بعدم جواز البدار إلى المكلّف الّذي تيمّم قبل الوقت بتيمم صحيح لغاية من غاياته كما لو تيمّم لقراءة القرآن أو لصلاة الظهرين ثمّ دخل وقت العشاءين وهو متطهر ، فهل له أن يصلِّي العشاءين في أوّل الوقت بذاك التيمّم أو يجب عليه التأخير فيكون حكمه حكم التيمّم بعد الوقت لأجل الصلاة ؟

   ذكر المحقق الهمداني (قدس سره) أنّ المنع مختص بالتيمّم بعد الوقت لغاية الصلاة الحاضرة ، وأمّا لو تيمّم بتيمم صحيح قبل الوقت بل بعد الوقت لغير الصلاة من غاياته فلا مانع من أن يصلِّي به لأ نّه متطهر (1) .

   ولعل ذلك من جهة التمسّك بإطلاق ما دلّ على أنّ المتيمم لو صلّى ثمّ وجد الماء في أثناء الوقت لم يعد صلاته ، فاطلاقها يشمل ما إذا كان المكلّف متطهراً قبل الوقت أو بعده لأجل غاية اُخرى .

   وذكر الماتن (قدس سره) أ نّه يجوز له أن يأتي بالصلاة في أوّل وقتها ، ولكن الأحوط التأخير وإن لم يكن مثل الاحتياط السابق ، بل أمره أسهل .

   والوجه في ذلك : أنّ الأخبار الآمرة بتأخير التيمّم موردها المكلّف المحدث الّذي يريد التيمّم لأجل الصلاة وقد اُمر بتأخير تيممه ، وهذا هو المأمور به في حقّه . وأمّا تأخير الصلاة إلى آخر الوقت فهو أمر طبيعي قهري عند تأخير التيمّم لا أ نّه بنفسه مأمور به ، وعليه لا تشمل هذه الأخبار المتطهر قبل الوقت أو بعده لأجل غاية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطّهارة) : 483 السطر 5 .

ــ[335]ــ

اُخرى فله أن يصلِّي بطهارته .

   وكذلك الطائفة الدالّة على أن من صلّى بتيمم لا يعيد صلاته ، لأ نّها ظاهرة الاختصاص بمن كان محدثاً فتيمّم بعد الوقت وصلّى ، فلا تشمل التطهير قبل الوقت أو بعده لأجل غير الصلاة من الغايات ، فالمورد خارج عن كلتا الطائفتين ، وبما أ نّه متطهر وقد صلّى بطهارة فيحكم بصحّتها ، هذا .

   والأمر وإن كان كما ذكرناه، فانّ الواجب تأخيره هو التيمّم دون الصلاة، وتأخيرها طبعي لا أ نّه مورد للأمر ، إلاّ أ نّه يوجد من الأخبار الدالّة على أن من صلّى بتيمم لم يعد صلاته ما يشمل المقام ، وهو روايتان صحيحتان :

   إحداهما :  صحيحة زرارة قال «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : فان أصاب الماء وقد صلّى بتيمم وهو في وقت ؟ قال : تمّت صلاته ولا إعادة عليه»(1) .

   وثانيتهما :  صحيحة العيص قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يأتي الماء وهو جنب وقد صلّى ، قال : يغتسل ولا يعيد الصلاة»(2) .

   فان قوله في الصحيحة الاُولى : «صلّى بتيمم» يشمل بإطلاقه ما إذا كان بتيمم قبل الوقت أو بعده لأجل غاية اُخرى . وكذا قوله في الثّانية : «وقد صلّى» أي صلّى بتيمم لوضوح أنّ الصلاة من دونه لا تحتاج إلى السؤال عن إعادتها ، فدلّتا بإطلاقهما على أن من صلّى بتيمم قبل الوقت أو بعده لأجل غاية اُخرى تمّت صلاته ولا يعيدها .

   نعم خرجنا عن إطلاقهما بالنسبة إلى من صلّى بتيمم بعد الوقت لأجل الصلاة الحاضرة إذا كان يرجو ويحتمل وجدان الماء قبل انقضاء الوقت فيبقى غيره تحت إطلاقهما .

   إلاّ أن دلالتهما على عدم وجوب الإعادة على من صلّى أوّل الوقت بالتيمّم السابق أو اللاّحق المأتي به لأجل سائر الغايات بالإطلاق لا أ نّه موردهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 368 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 9 .

(2) الوسائل 3 : 370 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 16 .

ــ[336]ــ

   وبازائهما صحيحة زرارة أو حسنته المتقدّمة من الطائفة الّتي تشمل بإطلاقها المقام ، حيث ورد فيها: «إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت ... » (1) ، فانّها شاملة للمقام من جهتين :

   إحداهما :  قوله : «وليصل في آخر الوقت» لدلالته على أن تأخير الصلاة كتأخير التيمّم مأمور به في حقّ المتيمم لا أن تأخيرها أمر طبعي والمأمور به هو تأخير التيمّم وحسب حتّى لا تشمل المقام .

   إذ لو كان الأمر كذلك لتمت الجملة بقوله : «فليتيمم في آخر الوقت» أو «إذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم» ولم تكن أية حاجة إلى قوله : «وليصل في آخر الوقت» فيصبح ذكرها لغواً لا ثمرة فيه ، فهذا يدلّنا على وجوب تأخير الصلاة على المتيمم سواء كان محدثاً فتيمّم للصلاة بعد الوقت أو كان متطهراً قبل الوقت أو تيمّم بعد الوقت لكن لأجل غاية اُخرى ، فتشمل المقام بإطلاقها .

   ثانيتهما :  قوله في صدرها: «إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت، فإذا خاف ... » فانّه شامل للمتطهر قبل الوقت أيضاً ، لأ نّه وإن كان متيمماً ومتطهراً على الفرض إلاّ أن مقتضى صدر الرواية أ نّه مأمور بطلب الماء إلى أن يخاف فوت الوقت .

   إذن تقع المعارضة بين هذه الرواية وبين الروايتين المتقدمتين ، وحيث إن تعارضهما بالإطلاق فيتساقطان فنبقى نحن ومقتضى القاعدة والأصل الجاري في المقام ، وهو يقتضي جواز الإتيان بالصلاة في أوّل وقتها إذا كان متطهراً قبل الوقت أو بعده لأجل غاية اُخرى .

   وليس هذا لأجل استصحاب طهارته السابقة ، إذ لا شك لنا في بقائها ، فان دخول الوقت ليس من نواقض التيمّم وإنّما الناقض له وجدان الماء أو الحدث ، بل لاستصحاب عدم وجدانه الماء حتّى آخر الوقت بناء على جريانه في الاُمور الاستقبالية كما هو الصحيح ، فانّه ببركته يدخل في كبرى من يقطع بعدم وجدان الماء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3 : 366 /  أبواب التيمّم ب 14 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net