حكم تعذر الطهارة المائية إلا بمس المنقوش إذا كان في غير مواضع التيمم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4137


ــ[431]ــ

   الاُولى : ما إذا كانت اللّفظة على مواضع التيمّم بحيث لا مناص له من مسّها اغتسل أو توضأ أو تيمّم .

   الثّانية : ما إذا كانت اللّفظة المنقوشة على غير مواضعه كما لو كانت فوق الزند بحيث لا يقع عليها المس لو تيمّم .

    الصورة الاُولى :

   ذكر الماتن (قدس سره) فيها أنّ الأمر لا ينتقل إلى التيمّم ، لأنّ الغرض منه أن لا يقع المس على اللّفظة ، فإذا فرضنا أ نّه واقع عليها لا محالة فلا موجب للانتقـال إليه بل ذكر أن حرمة المس ساقطة حينئذ فيتعيّن عليه أن يتوضأ أو يغتسل وإن استلزم ذلك المس .

   وما أفاده (قدس سره) من عدم انتقال الأمر إلى التيمّم وإن كان صحيحاً ، لأنّ المقصد منه هو الفرار عن المس ومع كونه في المس مثل الوضوء فلا مسوغ له ، إلاّ أن ما أفاده من سقوط حرمة المس حينئذ وتعين الغسل أو الوضوء عليه ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، بل الصحيح وجوب الاستنابة حينئذ ، لأنّ المباشرة في الطهارات إنّما هي معتبرة في حال التمكّن منها لا مطلقاً ، وحرمة المس كافية في المانعية وسلب قدرة المكلّف عن المباشرة شرعاً .

   نعم الأحوط حينئذ هو الجمع بين الاستنابة والغسل أو الوضوء بالمباشرة بعد التسبيب ، لأنّ المس فيهما متأخراً عن الطّهارة التسبيبية جائز قطعاً إمّا لأن وظيفته الاستنابة وقد حصلها فهو متطهر ، والمس بعدها يقع في حال الطّهارة دون الحدث وإمّا لأن وظيفته الغسل أو الوضوء بالمباشرة لسقوط حرمة المس حينئذ .

    الصورة الثّانية :

   وهي ما لو كان اسم الجلالة أو آيات الكتاب في غير مواضع التيمّم . فقد يحتمل فيها وجوب التيمّم ليكون متطهراً حتّى يغتسل أو يتوضأ بعد ذلك ، لعدم تمكّنه منهما من دون تيمّم ، لأ نّهما يستلزمان المس المحرم فيتيمم لأجل الطّهارة حتّى يتمكّن به منهما .

ــ[432]ــ

   وقد ذكروا نظيره في الجنب إذا كان اغتساله مستلزماً للمكث في المساجد أو الاجتياز من المسجدين فيما كان الماء في المسجدين أو المساجد ، حيث قالوا : إنّه يتيمّم لدخول المسجد أو المكث فيه فيكون متطهراً وبعد ذلك يدخل المسجدين أو يمكث في المساجد لكي يغتسل .

   ويدفعه : ما ذكرناه هناك من عدم جواز التيمّم حينئذ لاستلزام جوازه الدور(1) وكذلك الأمر في المقام ، لأنّ التيمّم إنّما يكون مشروعاً فيما إذا كان المكلّف مأموراً بالغسل أو الوضوء ، مع المس بالمباشرة ليقال إنّه إذا لم يتمكّن من الماء يتيمّم بدلاً عن الطّهارة المائية ، فلو توقّف جواز الطّهارة المائية على مشروعية التيمّم لدار .

   إذن لا يشرع له التيمّم حينئذ ولا سيما مع كونه واجداً للماء في نفسه وإن لم يكن واجداً له بالنسبة إليهما . فهذا الاحتمال ساقط .

   ثمّ إنّ المسألة تدور بين احتمالات ثلاثة :

   أحدها :  أن تكون هذه المسألة ملحقة بتلك المسألة ، فنقول بأ نّه يتيمّم للصلاة لفقدانه الماء وعدم تمكّنه من الطّهارة المائية لاستلزامها المس الحرام ، كما قلنا به في تلك المسألة .

   ثانيها :  أن يقال بوجوب الغسل والوضوء في حقّه وسقوط الحرمة عن المس كما ذهب إليه الماتن (قدس سره) .

   ثالثها :  أن تجب عليه الاستنابة فيغتسل أو يتوضأ من دون مباشرة .

   ومقتضى الاحتياط في المسألة هو الجمع بين تلكم الوجوه ، بأن يتيمّم أوّلاً ثمّ يتوضأ أو يغتسل بالتسبيب ثمّ يغتسل أو يتوضأ بالمباشرة ، لأ نّه يستلزم القطع بإباحة الصلاة في حقّه ، لأ نّه إمّا مأمور بالطّهارة الترابية لعدم تمكّنه من الماء لاستلزامه المس الحرام وقد أتى بالتيمّم ، وإمّا هو مأمور بالطّهارة المائية مع سقوط قيد المباشرة أو بقيدها وقد أتى بهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 6 : 342 .

ــ[433]ــ

   وإذا  كان ممّن وظيفته التيمّم وكان في بعض مواضعه وأراد الاحتياط جمع بين مسـحه بنفسه والجبيرة والاسـتنابة ، لكن الأقوى ـ كما عرفت ـ كفاية مسـحه وسقوط حرمة المس حينئذ .

تمّ كتاب الطّهارة

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إلاّ أنّ الأقوى ـ على ما ظهر ممّا قدّمناه ـ تعين الاستنابة عليه ، لأنّ المباشرة إنّما هي معتبرة في حال التمكّن منها ، وكفى بحرمة المس أن تكون مانعة عن المباشرة ، إذ بها تكون المباشرة ممتنعة شرعاً ، والممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً ، فتسقط شرطية المباشرة فيجب عليه الاغتسال والتوضي بالاستنابة .

   وهكذا الكلام في كل مورد دار الأمر فيه بين التيمّم والطّهارة المائية مع التسبيب .

   والسر فيه : أنّ مقتضى ما دلّ على حرمة المسّ على المحدث (1) ثبوت الحرمة على نحو الإطلاق ، إذ لا مخصص لها في المقام كي نلتزم بعدم حرمة المس حينئذ ، ومع ثبوت الحرمة لا يتمكّن المكلّف من الطّهارة المائية بالمباشرة ، وبهذا يظهر عدم وصول النوبة إلى التيمّم لتمكّن المكلّف من الطّهارة المائية مع الاستنابة فيتعيّن عليه ذلك حينئذ ، ولا يبقى لاحتمال وجوب التيمّم في حقّه مجال ، كالمسألة المتقدمة فيما إذا كان الماء في المسجد وكان المكلّف جنباً ويستلزم اغتساله المكث في المسجد .

   ولا يبقى لاحتمال سقوط الحرمة عن مسّ المحدث مجال كما ذهب إليه الماتن (قدس سره) ، هذا كلّه إذا كانت الاستنابة مقدورة له .

   وإذا لم تمكنه الاستنابة أو كانت حرجاً عليه في مورد فلا شبهة في انتقال الأمر إلى التيمّم ، لأنّ حرمة المس ثابتة على وجه الإطلاق ، ولا مخصص لها في المقام ، ومعها تمتنع عليه الطّهارة المائية بالمباشرة أو الاستنابة فينتقل أمره إلى التيمّم لا محالة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 383 /  أبواب الوضوء ب 12 ، 2 : 214 /  أبواب الجنابة ب 18 .

ــ[434]ــ

    هذا تمام الكلام في كتاب الطّهارة .

    ولله الحمد أوّلاً وآخراً وصلّى الله على محمّد وعترته الطاهرين ، وقد آل الأمر بنا إلى هنا يوم الأربعاء  18 شعبان ـ 1384 في زاوية المدرسـة الخـليلية الكبرى في النجف الأشرف على مشرفها آلاف التحيّة والثناء .

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net