نسيان الغصب لا يرفع المبغوضية والفساد لو كان هو الغاصب 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4468


   وأمّا الناسي فقد تقدّم في كتاب الطهارة ـ عند التكلم حول اعتبار الإباحة في ماء الوضوء(1)
والغسل(2) ـ أنّ المتجه هو التفصيل بين الغاصب وغيره ، فيبطل في الأوّل نظراً إلى أنّه في حال النسيان وإن لم يكن مكلفاً بشيء ، لامتناع توجيه الخطاب إليه ، إلا أنّه لما كان منتهياً إلى سوء اختياره وكان التكليف متنجزاً في حقه قبل نسيانه كان ذلك مصححاً لاستحقاق العقوبة ، لأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً وإن نافاه خطاباً ، فحيث إنّه كان مسبّباً عن تقصيره وسوء تصرّفه فلا جرم لم يكن معذوراً في عمله ، بل كان صادراً منه على صفة المبغوضية ، ومثله لا يكون مقرباً ، فلا يقع مصداقاً للواجب .

   وهذا بخلاف غير الغاصب ، فانّ مقتضى حديث الرفع ـ الذي هو رفع واقعي في غير «ما لا يعلمون» ـ تخصيص حرمة الغصب بغير الناسي فلا حرمة فيه ، كما لا مبغوضية حتى واقعاً لتكون مانعاً عن صلاحية التقرب وصيرورته مصداقاً للواجب ، فلا مانع من صحته .

   ومنه تعرف أنّه لا مجال للتمسّك بالحديث في القسم الأوّل ـ أعني الناسي الغاصب ـ إذ هو بمناط المنّة على نوع الاُمة ، ولا امتنان على النوع في الرفع عن الغاصب كما هو ظاهر .

   وبالجملة : فالتفصيل المزبور متّجه في ذاك المورد ونحوه مما يكون يتحد فيه الغصب مع العبادة وينطبق أحدهما على الآخر ، ولا يكاد ينسحب إلى المقام بعدما عرفت من عدم الاتحاد ، وتغاير متعلّق النهي مع ما تعلّق به الأمر .

   نعم ، ينسحب على مبنى من يرى اعتبار الإباحة في اللباس استناداً إلى اتحاد الحركات الصلاتية مع الحركات الغصبية كما هو أحد الوجوه في المسألة(3)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 5 : 321 .

(2) شرح العروة 6 : 412 ، وأيضاً ذكره في 9 : 57 .

(3) [وهو الوجه الخامس] .

ــ[136]ــ

   والظاهر عدم الفرق بين كون المصلي الناسي هو الغاصب أو غيره (1) لكن الأحوط الإعادة بالنسبة إلى الغاصب ، خصوصاً إذا كان بحيث لا يبالي على فرض تذكره أيضاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حسبما تقدم . وقد عرفت ما فيه .

   وعليه فالناسي للغصب إن لم يكن هو الغاصب فلم يصدر منه أىّ محرم حتى واقعاً بمقتضى حديث الرفع ، فلا خلل في صلاته بوجه ، وإن كان هو الغاصب فالفعل وإن صدر منه مبغوضاً ومستحقاً للعقاب إلا أنّ غاية ما في الباب الإخلال بالشرط ـ أعني الستر ـ فكأنّه صلّى عارياً ناسياً ، إذ لا يزيد عليه بشيء ، ومثله محكوم بالصحة بمقتضى حديث لا تعاد . فالأقوى ـ وفاقاً للمتن ـ هو الحكم بالصحة في كلتا الصورتين(1) بمناطين حسبما عرفت .

   (1) كما عرفت الحال في ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هكذا أفاده (دام ظله) في بحثه الشريف ، ولكنّه عدل عنه في الطبعة الأخيرة من تعليقته الأنيقة وحكم بالبطلان في الصورة الثانية [لاحظ التعليقة فانها موافقة لما ذكره هنا ]نظراً إلى أنّ الإخلال لو كان من ناحية الشرط فقط لتمّ ما اُفيد ، إلا أنّ هناك جهة اُخرى للفساد وهي الصدور على صفة المبغوضية الموجبة للالتحاق بالعالم العامد كالتحاق الجاهل المقصّر  به . ومن البيّن أنّ الحديث لا يتكفّل لرفع هذه النقيصة ، إذ لا يوجب قلب المبغوض إلى المحبوب ، ولا جعل الحرام الواقعي مصداقاً للواجب كما لا يخفى .

   وبعبارة اُخرى : الحديث ناظر إلى نسيان يكون المصلّي معذوراً فيه فلا يشمل المقام ، ومعه لا مناص من البطلان .

   أقول : هكذا أفاده (دام ظله) في وجه العدول ، ولقائل أن يقول : إما أنّ المبغوضية مانعة أو أنّ المقربية شرط زائداً على الستر ، ومهما كان الأمر فهذه اعتبارات ملحوظة في الصلاة  يكون الإخلال بها كغيرها مما عدا الخمسة مشمولاً لإطلاق الحديث المتكفّل للتصحيح  من كل خلل ما عداها ، وأمّا تقييد النسيان بما كان عن عذر فيدفعه إطلاق الحديث أيضاً .  وقياسه بالجاهل المقصر مع الفارق ، إذ الحديث غير قاصر الشمول له في حدّ نفسه ، وإنّما خرج عنه لقرينة خارجية مفقودة في المقام ، وهي لزوم حمل الإعادة في جواب أسئلة الرواة على الفرد النادر وهو العالم العامد حسبما أفاده (دام ظله) غير مرّة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net