التفصيل بين الوارد والمورود 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6870


   التفصيل بين الوارد والمورود

   (1) هذه هي الجهة السادسة من الكلام في المقام وتفصيل ذلك أن السيد المرتضى (قدس سره) فصّل في انفعال القليل بملاقاة النجس ، بين ورود الماء على النجس أو المتنجس فلا ينفعل وبين ورودهما عليه فينفعل (1) .

   وهذا التفصيل مبني على أن أدلّة انفعال القليل بالملاقاة لا يفهم منها عرفاً إلاّ سراية النجاسة من الملاقي إلى الماء القليل في خصوص ما إذا وردت النجاسة عليه دون ما إذا ورد الماء على النجس، وذلك لأن روايات اشتراط اعتصام الماء ببلوغه كراً لا تدل على انفعال القليل بكل فرد من أفراد النجاسات والمتنجسات كما مرّ، فضلاً عن أن يكون لها إطلاق أحوالي يقتضي انفعال القليل بالملاقاة بأي كيفية كانت . بل لو سلمنا دلالتها على الانفعال بكل فرد فرد من النجاسات والمتنجسات لم يكن لها إطلاق أحوالي كي تدل على نجاسة القليل حالة وروده على النجس .

   وأمّا الأخبار الخاصة الدالّة على انفعال القليل بمجرد الملاقاة فهي كلّها واردة في موارد ورود النجاسة على الماء ، فلا دلالة لها على انفعال القليل فيما إذا ورد الماء على النجس هذا .

   ولكن الانصاف أن العرف يستفيد من أدلّة انفعال القليل بملاقاة مثل الكلب والعذرة وغيرهما من المنجسـات ، أن الحكم بالنجاسة والانفعال مستند إلى ملاقاة النجس للماء ، بلا خصوصية في ذلك لوروده على النجس أو لورود النجس عليه ، فلا خصوصية للورود بحسب المتفاهم العرفي في التنجيس ، لأنه يرى الانفعال معلولاً للملاقاة خاصة ، كما هو الحال فيما إذا كان ملاقي النجس غير الماء كالثوب واليد ونحـوهما ، فانّه إذا دلّ دليل على أن الدم إذا لاقى ثوباً ينجس الثوب مثلاً فالعرف لا يفهم منه إلاّ أن ملاقاة الدم للثوب هي العلّة في تنجسه ، فهل ترى من نفسك أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الناصريات : 179 السطر 11 .

ــ[149]ــ

العرف يستفيد من مثله خصوصية لورود الدم على الثوب .

   ويؤيد ما ذكرناه اعتراف السيد المرتضى (قدس سره) بوجود المقتضي لتنجس الماء في كلتا الصورتين ، إلاّ أنه تشبث بابداء المانع من تنجسه فيما إذا كان الماء وارداً على النجس ، بتقريب أن الماء القليل لو كان منفعلاً بملاقاة النجس مطلقاً لما أمكننا تطهير شيء من المتنجسات به ، وهذا باطل بالضرورة .

   والجواب عنه ما أشرنا إليه سابقاً من أن الالتزام بالتخصيص ، أو دعوى حصول الطهارة به حينئذ وإن اتصف الماء بالنجاسة في نفسه ، يدفع المحذور برمته .

   ويؤيد ما ذكرناه أيضاً ويستأنس له بجملة من الروايات :

   منها : ما قدمناه من صحيحة البقباق (1) حيث علل فيها الإمام (عليه السلام) نجاسة سؤر الكلب بأنه رجس نجس ، دفعاً لما تخيله السائل من أنه من السباع ، فلو كان لورود النجاسة خصوصية في الانفعال لذكره الإمام (عليه السلام) لأنه في مقام البيان .

   ومنها : تعليله (عليه السلام) في رواية الأحول (2) طهارة ماء الاستنجاء بأن الماء أكثر بعد قوله (عليه السلام) : «أو تدري لم صار لا بأس به» ولم يعللها بورود الماء على النجس ، فلو كان بين الوارد والمورود فرق لكان التعليل بما هو العلّة منهما أولى .

   هذا كلّه مع وجود الاطلاق في بعض الروايات ، وفي ذلك كفاية فقد دلت رواية أبي بصير (3) على نجاسة الماء الملاقي لما يبلّ ميلاً من الخمر من غير تفصيل بين ورود الخمر على الماء وعكسه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net