السادس : أن لا يكون حريراً محضاً للرجال \ مانعية لبس الحرير في الصلاة وبطلانها به 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3839


   السادس : أن لا يكون حريراً محضاً للرجال (3) .

 ـــــــــــــــــــــ
   (3) يقع الكلام في الحرمة النفسية تارة والوضعية اُخرى ، ونقدّم الثاني تبعاً للمتن فنقول :

   يعتبر في صحة الصلاة عدم وقوعها في الحرير المحض للرجال ، فتبطل

ــ[327]ــ

صلاتهم به إجماعاً كما ادّعاه غير واحد ، وتشهد له طائفة من النصوص ، جملة منها صحيحة السند وهي أربعة :

   الاُولى : صحيحة محمد بن عبد الجبار قال : «كتبت إلى أبي محمد(عليه السلام) أسأله هل يصلّى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج ؟ فكتب (عليه السلام) : لا تحلّ الصلاة في حرير
محض»(1).

 الثانية : صحيحته الاُخرى قال : «كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه ، أو تكّة حرير محض أو تكّة من وبر الأرانب ؟ فكتب : لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض ، وإن كان الوبر ذكيّاً حلّت الصلاة فيه إن شاء الله تعالى»(2) .

   الثالثة : صحيحة إسماعيل بن سعد الاحوص ـ في حديث ـ قال : «سألت أباالحسن الرضا (عليه السلام) هل يصلّي الرجل في ثوب إبريسم ؟ فقال : لا»(3) والتعبير عنه بالخبر المشعر بالضعف كما عن الهمداني (قدس سره)(4) لا وجه له ، ولعلّه اغترّ من ظاهر عبارة الحدائق(5) مع أنّه (قدس سره) أيضاً وصفه بالصحة كما يظهر بالتأمّل فلاحظ .

   الرابعة : صحيحة أبي الحارث قال : «سألت الرضا (عليه السلام) هل يصلّي الرجل في ثوب إبريسم ؟ قال : لا»(6) .

   فالعمدة هي هذه الصحاح الأربع ، وباقي الأخبار مؤيّدة للمطلوب . ودلالتها على البطلان ظاهرة ، بل صريحة كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4  : 368 / أبواب لباس المصلي ب 11 ح 2 .

(2) الوسائل 4  : 377 / أبواب لباس المصلي ب 14 ح 4 .

(3) الوسائل 4  : 367 / أبواب لباس المصلي ب 11 ح 1.

(4) مصباح الفقيه (الصلاة) : 137 السطر 1 .

(5) الحدائق 7  : 89 .

(6) الوسائل 4  : 369 / أبواب لباس المصلي ب 11 ح 7 .

ــ[328]ــ

   نعم ، قد تعارض بصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : «سألت أباالحسن (عليه السلام) عن الصلاة في الثوب الديباج ، فقال : ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس»(1) . وقد حملها الشيخ (قدس سره) تارة على حال الحرب ولا يخفى بعده ، واُخرى على ما اذا كان الديباج سداه قطناً او كتاناً(2) ، وحملها صاحب الوسائل على التقية .

   أقول : يقع الكلام في المعارض تارة من حيث السند ، واُخرى من حيث الدلالة .

   أمّا السند : فلا ينبغي التشكيك في صحته ، فانّ سعداً المذكور فيه وإن كان يحتمل بدواً تردده بين سعد بن عبدالله الأشعري الذي طريق الشيخ إليه صحيح في المشيخة(3) والفهرست(4) ، وبين غيره ممن لم يصح كسعد بن أبي خلف ، أو سعد بن سعد الأحوص(5) ونحوهما . لكن المتعيّن هو الأوّل .

   أوّلاً : أنّه (قدس سره) لم يذكر في المشيخة غيره ، وفي التهذيب لم يرو إلا عنه ، بمعنى أنّه كثيراً ما يصرح باسمه واسم ابيه ، وإذا اُطلق احياناً فهو مسبوق أو ملحوق به ، فيطمأنّ عادة أنّه المراد به وقد حذف اسم أبيه اختصاراً اعتماداً على القرينة السابقة أو اللاحقة .

   وثانياً : مع الغضّ عمّا ذكر لا يحتمل عادة أن يراد به غيره ، لاختلاف الطبقة ، فانّ الرّاوي بعده هو أحمد بن محمد ، والمراد به إمّا أحمد بن محمد بن عيسى أو أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، وهذا ـ أعني سعد بن عبدالله ـ روى عنهما كثيراً ، فايّاً من كان تجوز روايته عنه لاتحاد الطبقة ، بخلاف ما لو اُريد به

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4  : 370 / أبواب لباس المصلي ب 11 ح 10 .

(2) الاستبصار 1  : 386 / ذيل ح 1465 ، 1466 .

(3) التهذيب 10 (المشيخة) : 73 .

(4) الفهرست : 75 / 316 .

(5) الفهرست : 76 / 320 ، 319 .

ــ[329]ــ

سعد بن أبي خلف ، فانّه من أصحاب الصادق أو الكاظم (عليهما السلام) فكيف يمكن روايته عن أحمد بن محمد بن عيسى أو ابن خالد المتأخرين عنه بكثير .

   وكذا سعد بن سعد الأحوص ، فانّ البرقي ـ أعني محمد بن خالد والد أحمد ـ يروي عنه فكيف يروي هو عن ابنه أحمد .

   وبالجملة : فاختلاف الطبقات يمنع عن إرادة غير سعد بن عبدالله ، فلا ينبغي التأمّل في صحة السند .

   وأمّا من حيث الدلالة فقد اختلفت كلمات اللغويين في تفسير الديباج ، فعن أقرب الموارد أنّه الثوب الذي سداه ولحمته حرير(1) فيتحد مع الحرير المحض وتستقر المعارضة حينئذ . لكن هذا لم يثبت ، بل يبعّده وقوع التقابل بينهما في بعض الأخبار ، وقد ظفرنا من ذلك على مواضع ثلاثة :

   أحدها : الصحيحة الاُولى لمحمد بن عبد الجبار المتقدمة(2) ، قال فيها : «هل يصلّى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج» .

   الثاني : مرسلة ابن بكير : «لا يلبس الرجل الحرير والديباج إلا في الحرب»(3) .

   الثالث : موثّقة سماعة قال : «سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن لباس الحرير والديباج. . .»الخ(4) ولعلّ المتتبّع يجد أكثر من ذلك ، ولا ريب أنّ هذه تكشف عن التعدّد وتغاير المعنى ، وإلاّ فلا وجه للمقابلة مع الاتحاد .

   وعليه فلعلّ الأقوى تفسيره بما عن لسان العرب من أنّه الحرير المنقوش(5) الشامل باطلاقه للخالص وغيره من دون دخل المحوضة في مفهومه .

   ويؤيّد هذا التفسير جواب الإمام (عليه السلام) في هذه الصحيحة ـ أعني

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أقرب الموارد 1  : 816 .

(2) في ص 327 .

(3) ، (4) الوسائل 4  : 372 / أبواب لباس المصلّي ب 12 ح 2 ، 3 .

(5) لسان العرب 2 : 262.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net