وأمّا إذا لم يتمكّن فاضطرّ إلى لبس أحد الممنوعات في الصلاة فقد ذكر في المتن أنّه يقدّم النجس أولاً ، ثم غير المأكول ، ثم الحرير والذهب مخيّراً بينهما ، ثم الميتة ثم المغصوب .
أقول : أمّا تقدّم النجس على الجميع فظاهر بناءً على ما عرفت من جواز الصلاة فيه حتى مع عدم الاضطرار إلى اللبس والتمكّن من الصلاة عارياً ، فمع الاضطرار بطريق أولى . وأمّا على المبنى الآخر فحكمه حكم الميتة وغير المأكول الذي ستعرفه .
وأمّا بقية المذكورات فصور الدوران بينها ثلاثة .
الاُولى : أن يدور الأمر بين ارتكاب أحد مانعين من دون حرمة نفسيّة في شيء منهما ، كما لو دار الأمر بين الصلاة في غير المأكول أو في الميتة بناءً على جواز الانتفاع بها في غير البيع كما هو الصحيح .
الثانية : أن يدور الأمر بين ارتكاب مانع وبين حرام نفسي من دون تضمّنه للمانعية ، أو لو كانت فهي تابعة للحرمة النفسية كما لو دار الأمر بين غير المأكول أو الميتة وبين المغصوب .
الثالثة : أن يدور بين محرّم نفساً ووضعاً وبين الحرام النفسي مع حرمته وضعاً أيضاً مستقلاً ، كما في الدوران بين الذهب والحرير ، أو تبعاً كما لو دار بين أحدهما وبين المغصوب ، أو مع عدم الحرمة الوضعية أصلاً كما في المثال لو قلنا بعدم السراية .
أمّا الصورة الاُولى : فقد عرفت اندراجها في باب التعارض ، وأنّه بعد سقوط الأمر المتعلّق بالمركّب ـ لمكان التعذّر واستكشاف أمر جديد متعلّق بالباقي بدليل عدم سقوط الصلاة بحال ـ يتردّد المجعول في هذه الحالة بين أن
ــ[385]ــ
يكون هو اعتبار المانعية لخصوص الميتة أو لخصوص غير المأكول ، وحيث لا علم إجمالي ـ غالباً ـ باحدى الخصوصيتين كي يستلزم التكرار فالمرجع أصالة البراءة عن كلّ منهما ، فيتخيّر في الصلاة في أيّ منهما شاء .
وبالجملة : فالمقام كغيره من سائر المركّبات التي يتعذّر الجمع بين جميع خصوصياتها ، خارج عن باب المزاحمة رأساً كما مرّ توضيحه في المسألة السابقة . فلا وجه لملاحظة الأهمّية ، بل هي من صغريات باب التعارض فلابدّ من إعمال قواعد هذا الباب ، ومقتضاها التخيير في المقام كما عرفت .
ومنه يظهر أنّه لا وجه لتأخير الميتة عن غير المأكول فضلاً عن الذهب والحرير ـ كما صنعه في المتن ـ بل هي وغير المأكول في عرض واحد .
ومن الغريب أنّه (قدس سره) مع اعترافه بجواز الانتفاع بالميتة ، وعدم حرمتها إلا وضعاً لا تكليفاً كغير المأكول كيف أخّرها عنه مع تساويهما من جميع الجهات ، وحديث الأهمّية قد عرفت أنّه لا موضوع لها في أمثال المقام .
|