لبس الحديد البارز حال الصلاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6324


ــ[428]ــ

   الحادي عشر : الخاتم الذي عليه صورة (1) . الثاني عشر : استصحاب الحديد البارز (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومقتضى الجمع العرفي بينها هو الحمل على الكراهة ، بعد وضوح عدم إمكان حمل نصوص الجواز الكثيرة على راكب الدابّة الذي هو فرد نادر ، بل إنّ مقتضى الرواية الأخيرة أفضلية ترك التلثّم وكراهته ، من غير فرق بين الرجل والمرأة . وكيف ما كان ، فالقول بالحرمة ضعيف غايته .

   (1) سيأتي البحث عنه في الأمر الثامن عشر ، أعني الثوب ذا التماثيل .

   (2) على المشهور ، خلافاً لما عن الشيخ في النهاية(1) وابن البراج(2) والكليني(3) والصدوق(4) وجماعة آخرين من القول بالحرمة استناداً إلى روايات :

   منها : ما رواه الشيخ باسناده عن موسى بن أكيل النميري عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في الحديد ، إنّه حلية أهل النار ـ إلى أن قال : ـ وجعل الله الحديد في الدنيا زينة الجنّ والشياطين ، فحرّم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلاة ، إلاّ أن يكون قبال عدوّ فلا بأس به . قال قلت : فالرجل يكون في السفر معه السكّين في خفّه لا يستغني عنها (عنه) أو في سراويله مشدوداً ومفتاح يخشى إن وضعه ضاع ، أو يكون في وسطه المنطقة من حديد ، قال : لا بأس بالسكّين والمنطقة للمسافر في وقت ضرورة ، وكذلك المفتاح إذا خاف الضيعة والنسيان ، ولا بأس بالسيف وكلّ آلة السلاح في الحرب ، وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة في شيء من الحديد ، فانّه نجس ممسوخ»(5) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النهاية : 98 .

(2) لاحظ المهذب 1 : 75.

(3) الكافي 3  : 404 [حيث نقل روايتين تدلاّن بظاهرهما على الحرمة ولم يناقش دلالتهما] .

(4) المقنع : 83 .

(5) الوسائل 4  : 419 / أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 6 ، التهذيب 2  : 227 / 894 .

ــ[429]ــ

   وفيه : أنّها ضعيفة السند بالإرسال فلا يعوّل عليها . على أنّها مطلقة فتشمل البارز والمستور ، ولا سيما بمقتضى عموم التعليل بكونه حلية أهل النار ، بل هي كالصريحة في الشمول للثاني بموجب التمثيل بالسكين والمفتاح المستورين غالباً بالوضع في الجيب ، ومع ذلك قد منع عنهما في غير مورد الضرورة .

   فالتخصيص بالبارز كما في كلمات القوم مناف للإطلاق المزبور ، وليس له وجه ظاهر عدا مرسلة الكليني قال : «وروي إذا كان المفتاح في غلاف فلا بأس»(1) . وما في التهذيب من قوله : وقد قدّمنا رواية عمار الساباطي أنّ الحديد متى كان في غلاف فانّه لا بأس بالصلاة فيه(2) .

   لكن الاُولى ضعيفة السند بالإرسال ، والثاني سهو من قلمه الشريف ظاهراً ، حيث لم يتقدّم منه ذلك .

   وبالجملة : فالرواية لضعفها لا تصلح لإثبات الحرمة ، نعم لا بأس في الاستناد إليها للقول بالكراهة بناءً على قاعدة التسامح ، لكن مقتضاها الكراهة مطلقاً ، من غير اختصاص بالبارز حسبما عرفت .

   ومنها : ما رواه الصدوق باسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) ـ في حديث المناهي ـ قال : «نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن التختّم بخاتم صفر أو حديد»(3) وما رواه أيضاً مرسلاً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : « لا يصلّي الرجل وفي يده خاتم حديد»(4) .

   لكن الاُولى ضعيفة السند ، لجهالة شعيب ، وإهمال ابن زيد . على أنّ فيها الصفر ، ولا قائل بكراهة لبسه . وكذا الثانية بالإرسال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4  : 418 / أبواب لباس المصلّي ب 32 ح 3 ، الكافي 3  : 404 / 35 .

(2) التهذيب 2  : 227 / ذيل ح 894 .

(3) الوسائل 4 : 419 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 7 ، الفقيه 4 : 5 / 1 .

(4) الوسائل 4  : 420 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 8 ، الفقيه 1  : 163 / 771 .

ــ[430]ــ

   ومنها : معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا يصلّي الرجل وفي يده خاتم حديد»(1) .

   وموثّقة عمار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في الرجل يصلّي وعليه خاتم حديد ، قال : لا ، ولا يتختّم به الرجل ، فانّه من لباس أهل النار» الحديث(2) .

   وهاتان المعتبرتان لا بأس بالاستدلال بهما على عدم جواز لبس الحديد في الصلاة ، بل الثانية تدلّ على عدم جواز اللبس في نفسه أيضاً .

   لكن العمل باطلاقهما غير ممكن ، لأنّ مقتضاه عدم الفرق بين البارز وغيره بل التعليل كالصريح في التعميم . مع أنّه لا قائل بالكراهة في غير البارز فضلاً عن الحرمة ، فينبغي إذن حملهما على الكراهة . على أنّهما معارضتان بما دلّ على جواز الصلاة في السيف كصحيحة عبدالله بن سنان : « . . . وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائماً»(3) .

   والجمع بينهما بحمل هذه على المستور وتلك على البارز ، فيه أنّه تبرّعي ، لا شاهد له بعد ما عرفت من ضعف الشاهد من مرسلة الكليني وغيرها .

   على أنّ التعليل في الموثّقة كالصريح في عدم الفرق كما سبق . مع أنّ السيف بارز غالباً . وعلى تقدير جعله في الغلاف فموضع اليد منه ـ وهو أيضاً من الحديد ـ بارز ظاهر .

   والمتحصّل ممّا تقدّم : أنّ ملاحظة النصوص تقضي بأنّ لبس الحديد في نفسه فضلاً عن حال الصلاة مرجوح ، من غير فرق بين البارز وغيره ، وترتفع الكراهة في السيف فيما إذا تقلّده بدلاً عن الثوب ، حيث إنّ لبسه زائداً على الإزار مستحب ، فاذا لم يكن له ثوب وجعل السيف بدله ارتفعت به الكراهة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4  : 417 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 1 .

(2) الوسائل 4  : 418 / أبواب لباس المصلي ب 32 ح 5 .

(3) الوسائل 4  : 452 / أبواب لباس المصلي ب 53 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net