اختصاص الحكم بصورة اشتغال المرأة بالصلاة - حكم الصلاة على سطح الكعبة وفي وجوفها 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 16237


ــ[124]ــ

   [1347] مسألة 29 : إذا كان الرجل يصلي وبحذائه أو قدّامه امرأة من غير أن تكون مشغولة بالصلاة ، لا كراهة ولا إشكال ، وكذا العكس ، فالاحتياط أو الكراهة مختص بصورة اشتغالهما بالصلاة(1) .

   [1348] مسألة 30 : الأحوط ترك الفريضة على سطح الكعبة وفي جوفها((1)) اختياراً ولا بأس بالنافلة . بل يستحب أن يصلي فيها قبال كل ركن ركعتين . وكذا لا بأس بالفريضة في حال الضرورة . وإذا صلى على سطحها فاللازم أن يكون قباله في جميع حالاته شيء من فضائها ويصلى قائماً((2)) والقول بأنه يصلي مستلقياً متوجهاً إلى البيت المعمور ، أو يصلي مضطجعاً ضعيف (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقت صحت صلاة المرأة بلا إشكال .

   مضافاً إلى التصريح بجواز تقديم المرأة في صحيحة ابن أبي يعفور قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : اُصلي والمرأة إلى جنبي (جانبي) وهي تصلي ، قال : لا ، إلاّ أن تقدّم هي أو أنت . . .» الخ(3) بعد وضوح إرادة التقدم بحسب الزمان دون المكان ، لمنعها عن المحاذاة في الموقف ، فضلاً عن التقدم ، فلا جرم تحمل الصحيحة المزبورة على الأولوية .

   (1) بلا إشكال فيه وفي عكسه ، وقد دلّ على الأول جملة من النصوص المتقدمة التي منها قوله (عليه السلام) في ذيل صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة آنفاً : « . . . ولا بأس أن تصلي وهي بحذاك جالسة أو قائمة»(4) .

وعلى الثاني بل عليهما معاً صحيحة ابن مسلم الواردة في المرأة تزامل الرجل في المحمل ، وقد تقدمت قبل ذلك .

   (2) يقع الكلام تارة في الصلاة على سطح الكعبة ، واُخرى في جوفها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) و إن كان الأظهر جواز فعلها في جو فها مع الركوع و السجود.

(2) والأولى أن يجمع بينها وبين الصلاة مستلقياً.

(3) ، (4) الوسائل 5 : 124 / أبواب مكان المصلي ب 5 ح 5 .

ــ[125]ــ

فهنا مقامان :

   أما المقام الأوّل : فالصواب ما صنعه في المتن من الاحتياط المطلق في التجنب عنه . وذلك لا لما رواه الصدوق في حديث المناهي : «قال : نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الصلاة على ظهر الكعبة»(1) لضعف طريق الصدوق إلى شعيب بن واقد الواقع في السند . مضافاً إلى جهالة شعيب نفسه . ولا لما رواه الكليني باسناده عن عبدالسلام بن صالح عن الرضا (عليه السلام) «في الذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة ، قال : إن قام لم يكن له قبلة ، ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ويعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور»(2) لضعف سندها أيضاً . مضافاً إلى شذوذها بل ودعوى الاجماع على خلافها .

   بل لأجل خروج هذا الموقف عن منصرف النصوص الآمرة بالتوجه نحو القبلة الشريفة الواردة في الكتاب والسنة ، فانّ المنسبق من التوجه المزبور مغايرة موقف المتوجه مع ما يتوجه إليه ، المنوط بكونه خارج البنية المشرّفة لكي يتمكن من التوجه نحوها والالتفات إليها ، فلا يصدق على الواقف على سطح الكعبة أنّه متوجه شطر المسجد الحرام إما جزماً أو لا أقل انصرافاً . ألا ترى أنّ من كان على سطح الغرفة وقيل له توجه إليها ، يرى نفسه عاجزاً عن الامتثال ما لم يخرج عنها ويستقبلها من مكان آخر . إذن يتعين عليه الخروج من الكعبة والصلاة في موضع آخر .

   نعم ، لو اضطر إلى الصلاة على سطحها ، كما لو لم يتمكن من النزول وقد ضاق الوقت صلى حينئذ قائماً راكعاً وساجداً ، فإنّ ذلك غاية وسعه ، وإن كان الأولى ضم صلاة اُخرى مستلقياً متّجها ً إلى البيت المعمور رعاية للنص المزبور .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 340 / أبواب القبلة ب 19 ح 1 ، الفقيه 4 : 5/1 .

(2) الوسائل 4 : 340 / أبواب القبلة ب 19 ح2 ، الكافي 3 : 392 / 21 .

ــ[126]ــ

   وأما المقام الثاني : فبالنظر إلى الاطلاقات يجري ما مرّ ، لمشاركة الجوف مع السطح في انصرافها عنه ، فكما لا يتحقق التوجه إلى القبلة بحسب الصدق العرفي لمن صلى على سطحها حسبما عرفت ، فكذلك لا يتحقق لدى من صلى في جوفها بمناط واحد .

   وأما بالنظر إلى الروايات ، فقد دلّ بعضها على المنع ، والبعض الآخر على الجواز ، ومقتضى الجمع العرفي الحمل على الكراهة .

   ففي صحيح محمد بن مسلم المروي في الكافي والتهذيب عن أحدهما (عليهما السلام) «قال : لا تصلّ المكتوبة في الكعبة»(1) .

   وفي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تصلّ المكتوبة في جوف الكعبة ، فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لم يدخل الكعبة في حج ولا عمرة ، ولكنه دخلها في الفتح فتح مكة وصلى ركعتين بين العمودين ومعه اُسامة بن زيد»(2) .

   وظاهرهما البطلان ، إلاّ أنّ بأزائهما موثق يونس بن يعقوب قال: «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) حضرت الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة أفاُصلي فيها ؟ قال : صلّ»(3) .

   وقد حملها الشيخ على الضرورة ، والاُوليين على غيرها(4) ، وبذلك جمع بينهما . ولكنه كماترى ، إذ مع أنه جمع تبرعي عار عن الشاهد بل من الحمل على الفرد النادر ، مخالف للظاهر جداً ، فإنّ المنسبق منها السؤال عن الصلاة جوف الكعبة أوّل الوقت ، وحينما حضرت المكتوبة ، فهي ناظرة إلى البدار حال الاختيار ، فالحمل على صورة الاضطرار كالمحبوس في تمام الوقت بعيد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 336 / أبواب القبلة ب 17 ح 1 ، الكافي 3 : 391 / 18 ، التهذيب 2 :  376/ 1564 .

(2) ، (3) الوسائل 4 : 337 / أبواب القبلة ب 17 ح 3 ، 6 .

(4) الاستبصار 1 : 299 .

ــ[127]ــ

عن سياقها غايته .

   فالانصاف : تعيّن الجمع بينهما بالحمل على الكراهة ، وحينئذ فان ثبتت الملازمة بين الجوف والسطح في الجواز وعدمه ، نظراً إلى عدم الانفكاك بين الفوق والتحت من حيثية الاستقبال كما ادعي ، حكم بجواز الصلاة على السطح أيضاً ، وإلاّ كما هو الأقوى لعدم نهوض برهان عليها ، ولا مانع من التفكيك(1) بعد مساعدة الدليل ، فلا جرم يفترق المقام عما سبق بالمنع هناك والالتزام بالجواز هنا عن كراهة حسبما عرفت .

   ثم إنّ في المقام روايات اُخر .

   منها : صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) «قال : لا تصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة»(2) فان قلنا بظهور «لا يصلح» في الكراهة ، كانت شاهدة للجمع الذي اخترناه . وإن قلنا بظهوره في الجامع بينها وبين الحرمة كما لعلّه الأظهر ، لحقت طبعاً بالنصوص المانعة وحملت على الكراهة ، فهي إمّا ظاهرة في الكراهة أو محمولة عليها .

  ومنها : روايته الاُخرى عن أحدهما (عليهما السلام): «تصلح الصلاة المكتوبة في جوف
الكعبة»(3) وهي لو تمّت سنداً لدلت على الجواز ، ولكنها لا تتم ، حيث إنّ المذكور في التهذيب(4) «أبي جميلة»(5) بدلاً عن «ابن جبلة»

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يخفى أنّ الترخيص في الصلاة في جوف الكعبة لم يكن تخصيصاً في أدلة اعتبار الاستقبال، بل بياناً لتحققه في هذا المضمار وكفايته بهذا المقدار ، وحيث إنّ الواجب استقبال الفضاء الذي حلّت فيه الكعبة الشريفة دون البنية نفسها، سواء أكان موقف المصلي مساوياً لها في العلوّ والانخفاض أم لا ، فمقتضاه الجواز على سطحها أيضاً بمناط واحد .

(2) الوسائل 4 : 337 / أبواب القبلة ب 17 ح4 .

(3) الوسائل 4 : 337 / أبواب القبلة ب 17 ح5 .

(4) التهذيب 2 : 383 / 1597 .

(5) ولكنه بقرينة الراوي والمروي عنه تحريف قطعاً ، فانّ الذي يروي عنه الطاطري ويروي هو عن العلاء ليس إلا عبدالله بن جبلة لا أبا جميلة ، فما في الوسائل هو المتعيّن .

ــ[128]ــ

كما في الوسائل ، وهو المفضل بن صالح الضعيف جداً .

   على أنّها رويت في بعض النسخ «لا تصلح» بدلاً عن «تصلح» ، وصاحب الوسائل وإن رجّح النسخة الخالية عن النفي ، نظراً لمطابقتها مع النسخة التي قوبلت بخط الشيخ ، لكن يؤيّد الاُخرى وجوده في روايته الاُولى كما عرفت ، ومن البعيد جداً رواية المتناقضين مع اتحاد الراوي والمروي عنه .

   وكيف ما كان فضعف سندها يغنينا عن البحث عن متنها .

   ومنها : رواية محمد بن عبدالله بن مروان قال : «رأيت يونس بمنى يسأل أباالحسن (عليه السلام) عن الرجل إذا حضرته صلاة الفريضة وهو في الكعبة فلم يمكنه الخروج من الكعبة ، قال : ليستلق على قفاه ويصلي إيماء»(1) ولكنها ضعيفة السند ، فانّ أحمد بن الحسين المذكور في السند مردد بين الضعيف وهو ابن سعيد بن عثمان وبين الثقة(2) ولكن طريق الشيخ إليه ضعيف ، فلا يمكن التعويل عليها على كل حال .

 ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 338 / أبواب القبلة ب 17 ح 7 .

(2) على أن الراوي بنفسه مجهول الحال .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net