وجوب الترجمة للعاجز عن التعلّم وعن أدائها ملحونةً - تكبير الأخرس 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4403


ــ[121]ــ

   وإن لم يقدر فترجمتها من غير العربية ((1)) (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المستدرك ، وإنّما هي مذكورة في كتب العامة ومروية بطرقهم فلا يعتمد عليها .

   ثم إنّ صاحب الجواهر(2) (قدس سره) استدلّ في المقام بفحوى ما ورد في الألثغ والألتغ ، والفأفاء ، والتمتام ، مع أ نّا لم نجد رواية وردت في هؤلاء ، وهو (قدس سره) أيضاً استند في الحكم لهم ـ في مبحث القراءة ـ بقاعدة الميسور(3) ولم يتعرض لرواية خاصة .

   (1) قال في المدارك(4) هذا مذهب علمائنا وأكثر العامّة ، ثم حكى عن بعضهم سقوط التكبير حينئذ ، واحتمله هو (قدس سره) عملاً بأصالة البراءة لعدم الدليل على وجوب الترجمة بعد سقوط التكبيرة بالعجز . وكيف كان ، فان كان هناك إجماع تعبدي يصلح للاستناد إليه ، وإلاّ فلا بدّ من إقامة الدليل .

   وعن شيخنا المرتضى (قدس سره)(5) الاستدلال له باطلاق الأمر بالتكبير في مثل قوله (عليه السلام) «تحريمها التكبير» ، بدعوى أنّ المراد به مطلق الثناء على الله تعالى بصفة الكبرياء ، والتقييد بالصورة الخاصة العربية إنّما هو من أجل الانصراف إلى المعهود والمتعارف ، أو غيره من سائر الأدلة الخارجية وكلها قاصرة عن إفادته إلاّ للقادر ، فيبقى العاجز مشمولاً للاطلاق .

   وفيه :  ما لا يخفى ، فانّ الظاهر أنّ التكبيرة المأمور بها من المصادر الجعلية كما في الحوقلة والحيعلة ، فلا يراد بها إلاّ التلفظ بالعبارة المخصوصة على النحو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) الجواهر 9 : 211 .

(3) الجواهر 9 : 311 .

(4) المدارك 3 : 320 .

(5) كتاب الصلاة 1 : 546 .

ــ[122]ــ

ولا يلزم أن يكون بلغته (1) ، وإن كان أحوط ، ولا يجزئ عن الترجمة غيرها من الأذكار والأدعية وإن كانت بالعربية . وإن أمكن له النطق بها بتلقين الغير حرفاً فحرفاً قدّم على الملحون والترجمة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتعارف العربي ، وإن كان ذلك مطلقاً من حيث الصحيح والملحون كما مرّ فلا يعمّ الترجمة أصلاً ، لعدم صدق التكبيرة عليها بوجه .

   وبعبارة اُخرى: دعوى الاطلاق على وجه يشمل الترجمة تتوقف على تمامية مقدماته التي منها كون المتكلم في مقام البيان ، حتى من ناحية اللفظ الذي يعبِّر به عن تكبير الله وثنائه حتى يشمل الترجمة بمقتضى الاطلاق بعد عدم التقييد بالعربية ، وليس كذلك ، بل التكبير فيها منصرف إلى المعهود المتعارف غير الصادق على الترجمة بوجه .

   نعم ، يصح الاستدلال لذلك بما كان عارياً عن لفظ التكبير ، كما ورد في ذيل موثقة عمار المتقدمة سابقاً من قوله (عليه السلام) «ولا صلاة بغير افتتاح» (1) فانّها دلت على لزوم الافتتاح من غير تقييد بالتكبيرة، فيعمّ الترجمة بعد وضوح صدقه عليها .

   وبالجملة :  المستفاد من هذه الموثقة بعد ضمّها إلى أدلة التكبير : أنّ الواجب هو الافتتاح بالتكبيرة مع القدرة عليها ، وأمّا مع العجز فلا بدّ من الافتتاح بشيء ولا يشرع الدخول في القراءة والركوع ابتداء كما هو مورد الموثقة، وحيث لا شيء أقرب إلى التكبيرة من الترجمة فتتعين ، فيقول مثلاً : خدا بزرگتر است ، إن كان التكبير متضمناً للتفضيل ، وإلاّ فيقول : خدا بزرگ است .

   (1) لعدم الدليل على التعيين ، فيرجع إلى إطلاق «لا صلاة بغير افتتاح»

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 14 /  أبواب تكبيرة الاحرام ب 2 ح 7 .

ــ[123]ــ

الشامل لمطلق الترجمة كما مرّ . ومع الغض فيرجع إلى أصالة البراءة عن التقييد بلغة خاصة بناءً على المختار من الرجوع إليها في الأقل والأكثر الارتباطي .

   وقد يقال :  بعد إنكار إطلاق يرجع إليه في بدلية الترجمة : إنّ المقام من الدوران بين التعيين والتخيير، وفي مثله يرجع إلى الاشتغال ويعمل على التعيين .

   قلت :  قد عرفت وجود الاطلاق ، وأمّا كون المقام من الدوران المزبور فقد مرّ قريباً أ نّه بعينه هو الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطي ، ولا فرق بينه وبين التعيين والتخيير إلاّ في مجرد التعبير وتغيير اللفظ ، فانّ التخيير هو الأقل وكلاهما هو الجامع المتيقن في البين ، والخصوصية الزائدة المشكوكة المدفوعة بأصالة البراءة هي التي يعبّر عنها بالتعيين تارة وبالأكثر اُخرى ، فلا وجه للتفكيك بين المسألتين بالرجوع إلى البراءة في الاُولى والاشتغال في الثانية .

   هذا ، وقد يقال :  بلزوم مراعاة الترتيب بين اللغات ، فيكبّر أوّلاً بالعربية وإلاّ فبالسريانية ، وإلاّ فبالفارسية ، فانّ الأوّل لغة القرآن الكريم ، والثاني لغة أغلب الكتب السماوية ، والثالث لغة كتاب المجوس .

   وكان على هذا القائل إضافة العبرانية أيضاً ، فانّها لغة توراة موسى (عليه السلام) مع أنّ كتاب نبيّ المجوس لم يكن باللّغة الفارسية الدارجة اليوم ، وإنّما كان بلغة الفرس القديمة التي لا يعرف الفارسي منها اليوم ولا  كلمة واحدة . وكيف كان ، فمثل هذه الوجوه الاعتبارية الاستحسانية لا تصلح لأن تكون مدركاً لحكم شرعي كما لا يخفى .

   وقد تحصّل  من جميع ما مرّ : أنه لدى العجز عن التكبيرة ينتقل إلى الترجمة بأيّ لغة كانت ، ولا تجزئ غيرها من الأذكار والأدعية وإن كانت بالعربية ، لأنّ الترجمة أقرب إلى التكبيرة الواجبة من غيرها بعد تعذّرها .

ــ[124]ــ

[ 1451 ] مسألة 7 : الأخرس يأتي بها على قدر الإمكان ، وإن عجز عن النطق أصلاً أخطرها بقلبه وأشار إليها مع تحريك لسانه إن أمكنه ((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) المستند فيما ذكره (قدس سره) في وظيفة الأخرس العاجز عن النطق رأساً من الإخـطار بالقلب والاشارة إلى التكبيرة وتحريك اللسان هي موثقة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بأصبعه»(2) بعد القطع بعدم الاختصاص بالمذكورات في الخبر ، بل المراد عامة الأقوال الواجبة عليه فيشمل التكبير .

   لكن الموثقة لم تتضمّن الإخطار بالقلب ، كما أنّ الاشارة قيّدت فيها بالاصبع فيختلف مع ما في المتن الذي هو المشهور من ناحيتين ، لكنه لا يقدح .

   أمّا  عدم التعرض للإخطار ـ الذي هو بمعنى الالتفات نحو العمل وتصوّره والتوجه إليه ـ فلوضوح اعتباره المغني عن التعرّض له ، بداهة أنّ الصلاة حالها كسائر الأفعال الاختيارية باضافة قصد التقرب ، فكما أنّ كل فاعل مختار يتوجّه إلى ما يصدر منه من الأفعال الاختيارية كالأكل والشرب ومنها الصلاة ويتصوره ويلتفت إليه ولو بالتفات إجمالي ارتكازي حين صدور العمل ، وإلاّ فمع الغفلة والذهـول لا يكون اختيارياً فلا يقع عبادة في مثل الصلاة ونحـوها فكذا الأخرس إذ هو لا يشذّ عن غيره من هذه الجهة .

   وبعبارة اُخرى : الالتفات إلى أصل العمل المعبّر عنه بالإخطار بالقلب أمر يشترك فيه الأخرس وغيره ولا ميز بينهما في هذه المرحلة لوضوح قدرته عليه كغيره ، ومن هنا اُهمل ذكره في الخبر ، وإنّما يفترقان في مرحلة التلفظ والنطق حيث إنّ الأخرس عاجز عن أداء العبادات القولية باللفظ ، والموثقة إنّما هي في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ما ذكره مبني على الاحتياط .

(2) الوسائل 6 : 136 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 59 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net