عموم الحكم للإمام ولغيره - هل يعمّ الحكم للأخيرتين إذا قرأ فيهما الفاتحة ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3737


ــ[388]ــ

   ورواية أبي حمزة قال : قال علي بن الحسين (عليه السلام) «يا ثمالي إنّ الصلاة إذا اُقيمت جاء الشيطان إلى قرين الإمام فيقول هل ذكر ربه ؟ فان قال : نعم ذهب ، وإن قال : لا ، ركب على كتفيه فكان إمام القـوم حتى ينصرفوا . قال فقلت : جعلت فداك أليس يقرؤون القـرآن ؟ قال : بلى ، ليس حيث تذهب يا ثمالي إنّما هو الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (1) فانها ضعيفة بالارسال .

   ورواية هارون عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال لي : كتموا بسم الله الرّحمن الرّحيم فنعم والله الأسماء كتموها ، كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا دخل إلى منزله واجتمعت قريش يجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم ويرفع بها صوته فتولي قريش فراراً» (2) . وهذه الرواية صحيحة السـند فانّ المسمّى بـ  (هارون) ممّن له كتاب المنصرف إليه اللفظ عند الاطلاق مشترك بين عدّة أشخاص كلهم من أصحاب الصادق (عليه السلام) وكلهم ثقات ، فلا يهمّنا التصدي للتعيين ، لكنّها قاصرة الدلالة ، لعدم التعرّض فيها للصلاة الإخفاتية كي يستحب فيها بعنوانها. وبالجملة: فهذه النصوص كلّها تؤيد المطلوب. والعمدة في الاستدلال ما عرفت فلا ريب في ثبوت الاستحباب .

   ويقع الكلام في جهات .

   الجهة الاُولى :  مقتضى إطلاق الأدلة تعميم الحكم للإمـام ولغيره كما عليه المشهور . وعن ابن الجنيد (3) التخصيص بامام الجماعة ، استناداً إلى صحيحتي صفوان المتقدمتين (4) فانّهما ظاهرتان في ذلك .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 75 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 21 ح 4 .

(2) الوسائل 6 : 74 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 21 ح 2 .

(3) حكاه عنه في المختلف 2 : 172 .

(4) في ص 386 .

ــ[389]ــ

   وفيه :  أنّ الظاهر أنّ صفوان حكى ذلك عن الصادق (عليه السلام) بما أ نّه كان يصلي لا بما أ نّه كان إمام الجماعة(1) ، بل لم يعلم انعقاد الجماعة من الأوّل ولعلّه لحق الإمام (عليه السلام) وصلّى خلفه في الأثناء ، لا أ نّه ائتمّ به في افتتاح الصلاة .

   واستدل أيضاً : برواية أبي حمزة المتقدمة .

   وفيه :  أ نّها ضعيفة بالارسال كما عرفت . فالأقوى ثبوت الحكم للإمام وللمنفرد لاطلاق الأدلة .

   الجهة الثانية :  هل يعمّ الحكم للركعتين الأخيرتين لو اختار فيهما القراءة كما عليه المشهور تمسكاً باطلاق النصوص، أو يختص بالأوّلتين كما اختاره الحلِّي(2) وذكر أنّ الاخفات في الأخيرتين هو الأحوط ؟

   لا يخفى أنّ روايات الباب لم يتم شيء منها عدا صحيحتين لصفوان ، فانّ بقية الأخبار كصحيحة هارون وخبر الأعمش وابن شاذان ورجاء ورواية علائم المؤمن لم تخل عن النقاش سنداً ودلالة كما مرّ .

   فالعمدة هما الصحيحتان ، وهما قاصرتان عن الشمول للركعتين الأخيرتين فانهما حكاية فعل ، ومثله لا إطلاق له ، بل إنّ الظاهر هو عدم الشمول ، إذ الأفضل فيهما هو التسبيح(3) ، ومن البعيد جداً أنّ الإمام (عليه السلام) يترك الأفضل ويختار المفضول مداوماً عليه في أيام عديدة صلى فيها خلفه صفوان .

 بل إنّ الصحيحة الاُخرى(4) كالصريح في الأوّلتين لقوله «وكان يجهر في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا سبيل لنا ، بل ولا لصفوان إلى معرفة ذلك ما لم يخبر به الإمام (عليه السلام) ومجرد احتمال اللّحوق لا يكفي في احرازه كما لعلّه واضح .

(2) السرائر 1 : 218 .

(3) لكنك ستعرف أ نّه (دام ظله) يستشكل في الأفضلية وإن كان المشهور ذلك .

(4) الوسائل 6 : 74 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 21 ح 1 .

ــ[390]ــ

السورتين جميعاً» إذ ليست في الأخيرتين سورة .

   وبالجملة : فاثبات الاسـتحباب من الأخبار مشكل جداً ، فان بنينا على التسامح في أدلّة السنن وقلنا بشموله لفتوى الفقيه ثبت الاستحباب بقاعدة التسامح لفتوى المشهور بذلك كما عرفت ، وإلاّ كما هو الصحيح فالجزم به مشكل .

   والذي يهوّن الخطب : أنّ دليل الاخفات في الأخيرتين أيضاً قاصر الشمول للبسملة ، فانّ دليل وجوب الاخفات فيهما هو إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة المتقدمة(1) «رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه» المتضمنة للبطلان لو كان متعمداً ، والمتيقن ممّا لا ينبغي الاجهار فيه في الأخيرتين إنّما هو نفس القراءة بالسيرة القطعية وغيرها كما سيجيء إن شاء الله تعالى . وأمّا بسملتها فلم يعلم كونها مما لا ينبغي ، كيف وقد ذهب المشهور إلى استحباب الجهر فيها كما عرفت، ومعلوم أنّ الصحيحة لا تتكفل لحال الصغرى ولا تعيّن المصداق بل لا بدّ من إحراز ذلك من الخارج ولم يحرز ، فدليل الاخفات قاصر الشمول كدليل استحباب الجهر على ما عرفت ، فهو مخيّر بين الأمرين.
ـــــــــــــــ

(1) في ص 372 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net