جواز قراءة الحمد في الثالثة والتسبيح في الرابعة - وجوب الإخفات في الأخيرتين 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4165


ــ[481]ــ

   [ 1555 ] مسألة 3 : يجوز أن يقرأ في إحدى الأخيرتين الحمد وفي الاُخرى التسبيحات ، فلا يلزم اتحادهما في ذلك (1) .

   [ 1556 ] مسألة 4 : يجب فيهما الاخفات  سواء قرأ  الحمد أو التسبيحات (2).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فانّ التعبير بالإجـزاء يكشف عن أنّ الوظيفة الأوّلية إنّما هي القراءة وإن أجزأ عنها التسبيح ، ولا سيّما بملاحظة قوله (عليه السلام) في الذيل «أقرأ فاتحة الكتاب» فيعارض مضمونها الصحيحة الاُولى وبعد التساقط يرجع إلى إطلاق صحيحة عبيد وموثقة علي بن حنظلة الدال على التخيير بين الأمرين والتساوي بينهما كما عرفت .

   والمتحصّل من جميع ما قدمناه : أ نّه لم تثبت أفضلية شيء من التسبيح أو القراءة، بل الأقوى هو التخيير والمساواة بينهما، من غير فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد، ما عدا صورة واحدة وهي المأموم في الصلوات الجهرية ، فانّ الأحوط وجوباً اختياره التسبيح حينئذ كما عرفت وجهه (1) .

   (1) لاطلاق نصوص التخيير ، فانّ الموضوع فيها كل واحدة من الأخيرتين لا مجموعهما .

   (2) على المشهور المعروف ، بل عليه دعوى الاجماع ، وذهب بعض منهم صاحب الحدائق إلى التخيير(2) ، ولايخفى أ نّه لم يرد في شيء من الأخبار التعرّض لحكم الأخيرتين من حيث الجهر أو الاخفات ، وإنّما هي مسوقة لبيان حكم الأوّلتين أو سائر الأذكار من ذكر الركوع والسجود والتشهد ونحوها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 477 .

(2) الحدائق 8 : 437 .

ــ[482]ــ

   ومع ذلك فالأقوى ما عليه المشهور، للسيرة القائمة من الأئمة (عليهم السلام) وأصحابهم ، بل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكذا المتشرعة متصلة بهم على مراعاة الاخفات في الأخيرتين ، بحيث لم ينقل الجهر عن أحدهم ، وهذه السـيرة بمجرّدها وإن لم تدل على الوجوب ، لامكان قـيامها على أمر راجح كالقنوت الذي تلتزم به الخاصة مع استحبابه ، بل غايتها عدم وجوب الجهر وأنّ الاخفات مشروع إباحة أو ندباً ، لكنها تحقق صغرى لكبرى تضمنتها صحيحة زرارة من عدم جواز الاجهار متعمداً في كل ما لا ينبغي الاجهار فيه قال : (عليه السلام) «في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه ، فقال : أيّ ذلك فعل متعمداً فقد نقض صلاته وعليه الاعادة» (1) فبضم الصغرى الثابتة بالسيرة ـ وهي أنّ الاجهار في الأخيرتين ممّا لا ينبغي ـ إلى الكبرى المستفادة من الصحيحة وهي البطلان في صورة العمد ينتج المطلوب .

   فانّ المراد بكلمة «ينبغي» في هذه الصحيحة ليس هو الوجوب ولا الاستحباب قطعاً لوضوح الحكم على التقديرين ، وهو أنّ الاخلال بالجهر مع وجوبه يقتضي البطلان ، ومع استحبابه لا يقتضي ، فلا حاجة إلى السؤال ، بل المراد به في المقام ما هو اللائق بحال الصلاة والمناسب لها بحسب التداول والتعارف الخارجي ، وحيث إنّ الوظيفة المقررة في الأخيرتين من التسبيح أو القراءة ممّا يليق بها الاخفات كما كشفت عنه السيرة والتداول الخارجي على ما عرفت ، فكان هو ممّا ينبغي ، والاجهار فيها مما لا ينبغي فتشملها الصحيحة حينئذ من أنّ الاجهار في مثله موجب للاعادة .

   نعم ، في الصحيحة الاُخرى لزرارة تخصيص الحكم بالقراءة فلا تعم التسبيح

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 86 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 26 ح 1 .

ــ[483]ــ

لو اختاره في الأخيرتين(1) لكن المستند هي الصحيحة الاُولى المطلقة ، إذ لاتنافي بين المثبتين حتى تراعى صناعة الاطلاق والتقييد كما لا يخفى .

   وربما يسـتدل للحكم بصحيحة علي بن يقطـين قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به ؟ فقال : إن قرأت فلا بأس ، وإن سكتّ فلا بأس» (2) بناءً على إرادة الاخفات من الصمت ، إذ لا صمت للإمام في شيء من الركعات اجماعاً وإرادة الأخيرتين من الركعتين، فانّ توصيفهما بذلك يكشف عن معهودية الحكم كذلك ، وأنّ الخفت فيهما شيء مسلّم مفروغ عنه .

   لكنه كما ترى ، فانّ المراد بالركعتين الأولتان قطعاً ، بشهادة الجواب بتخيير المأموم بين القراءة والسكوت ، إذ لا سكوت في الأخيرتين ، لعدم تحمل الإمام هنالك بالضرورة ، وإنّما مورده الأولتان اللتان يتحمل فيهما الإمام . فالصحيحة ناظرة إلى حكم الأوّلتين من الصلوات الاخفاتية ، فتكون أجنبية عمّا نحن فيه بالكلية .

   ويؤيد ما ذكرناه : أنّ لابن يقطين صحيحة اُخرى بعين هذا السند عن أبي الحسن (عليه السلام) وقد سـأله عن حكم الأوّلتين في الصلوات الجهرية (3) فساله (عليه السلام) عن حكم المأموم في الركعتين الأوّلتين تارة في الجهرية واُخرى في الاخفاتية فأجاب (عليه السلام)  فيهما  بالتخيير   بين  القراءة والسكوت. فالعمدة في الاستدلال ما عرفت . وأمّا بقية الوجوه المذكورة في المقام فكلها ساقطة لا ينبغي الالتفات إليها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 86 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 26 ح 2 .

(2) الوسائل 8 : 358 /  أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 13 .

(3) الوسائل 8 : 358 /  أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 11 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net