الكلام في كفاية مطلق الظن أو اعتبار العلم في ثبوت النجاسة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6441


    طرق ثبوت النجاسة

   (3) قد وقع الخلاف بين الأعلام فيما تثبت به نجاسة الأشياء : فمنهم من اكتفى بمطلق الظن بالنجاسة ، ونسب ذلك إلى الحلبي (1) ، ومنهم من ذهب إلى أنها لا تثبت إلاّ بالعلم الوجداني ، ونسب ذلك إلى ابن البراج (2) ، وهذان القولان في طرفي النقيض حيث لم يعتمد ابن البراج على البيِّنة وخبر العادل فضلاً عن مطلق الظن بالنجاسة .

   والمشهور بين الأصحاب عدم ثبوت النجاسة بمطلق الظن وأنه لا ينحصر ثبوته بالعلم الوجداني ، ولعلّ القائل باعتبار العلم في ثبوت النجاسة يرى اعتبار العلم في حدوثها وتحققها لا في بقائها ، فان استصحاب النجاسة مما لا إشكال فيه بينهم ، وقد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي لأبي الصّلاح : 140 .

(2) المهذب 1 : 30 .

ــ[259]ــ

ادعى المحدث الأمين الاسترابادي (قدس سره) الاجماع على حجية الاستحصاب في الموضوعات(1).

   وتحقيق الحال أن الاكتفاء بمطلق الظن لا دليل عليه إلاّ ما توهّمه القائل باعتباره من أن أكثر الأحكام الشرعية ظني ، والنجاسة من جملتها فيكتفى فيها بالظن .

   وفيه : أنه إن اُريد بذلك أن الأحكام الشرعية لا يعتبر في ثبوتها العلم الوجداني فهو صحيح إلاّ أنه لا يثبت حجية مطلق الظن في الأحكام . وإن اُريد به أن مطلق الظن حجة في ثبوت الأحكام الشرعية ففساده أظهر من أن يخفى ، فانّه لا عبرة بالظن إلاّ فيما ثبت اعتباره فيه بالخصوص كالقبلة والصلاة ، اللّهم إلاّ أن نقول بتمامية مقدمات الانسداد ، فيكون الظن حجة حينئذ ، إلاّ أنها لو تمت فانّما تقتضي حجية الظن في الأحكام دون الموضوعات فهذا القول ساقط .

   كما أن اعتبار خصوص العلم الوجداني في ثبوتها لا دليل عليه ، ولعلّ الوجه في اعتباره تعليق الحكم بالنجاسة في بعض الأخبار على العلم بها كما في قوله (عليه السلام) : «كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر فاذا علمت فقد قذر ...» (2) . وقوله (عليه السلام) : «ما اُبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم» (3) .

   وفيه : أنه لا يقتضي اعتبار العلم الوجداني في ثبوت النجاسة ، فان العلم بالنجاسة غاية للحكم بالطهارة كأخذ العلم بالحرمة غاية للحكم بالحلية في قوله (عليه السلام) : «كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام ...» (4) ومن الظاهر أن المراد به ليس هو العلم الوجداني فحسب ، وإلاّ لا نسد باب الأحكام الشرعية لعدم العلم الوجداني في أكثرها ، بل المراد بالعلم فيها أعم من الوجداني والتعبدي .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفوائد المدنية : 143 .

(2) ، (3) الوسائل 3 : 467 / أبواب النجاسات ب 37 ح 4 ، 5 .

(4) ورد ذلك في روايات أربع : الاُولى والثانية صحيحة عبدالله بن سليمان ومرسلة معاوية بن عمار المرويتان في الوسائل 25 : 117 / أبواب الأطعمة المباحة ب 61 ح 1 ، 7 . والثالثة والرابعة موثقة مسعدة بن صدقة وصحيحة عبدالله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) المرويتان في الوسائل 17 : 89 / أبواب ما يكتسب به ب 4 ح 4 ، 1 .

ــ[260]ــ

وبالبيِّنة (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وتوضيحه : أن العلم المأخوذ غاية في تلك الأخبار طريقي محض وغير مأخوذ في الموضوع بوجه ، والعلم الطريقي يقوم مقامه ما ثبت اعتباره شرعاً كالبينة وخبر العادل واليد وغيرها ، فان أدلّة اعتبارها حاكمة على ما دلّ على اعتبار العلم في ثبوت النجاسة أو غيرها ، فهذا القول أيضاً ساقط ، فلا بدّ من ملاحظة الاُمور التي قيل بثبوت النجاسة بها . فان كان في أدلّة اعتبارها ما دلّ بعمومه على حجيتها حتى في مثل النجاسة فنأخذ بها ، وإلاّ فنرجع إلى استصحاب الطهارة أو قاعدتها . فمن جملة تلك الاُمور البيِّنة :




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net