ثبوت النجاسة بقول ذي اليد 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6400


    ثبوت النجاسة بقول ذي اليد

   (1) اعتبار قول ذي اليد في طهارة ما بيده ونجاسته على ما ذكره صاحب الحدائق (قدس سره) أمر اتفاقي بين الأصحاب ولا خلاف فيه عندهم(3) وإنما الكلام في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) موثقة زرعة عن سماعة قال : «سألته عن رجل تزوّج أمة (جارية) أو تمتع بها ، فحدثه رجل ثقة أو غير ثقة فقال : إن هذه
امرأتي وليست لي بيِّنة ، فقال : إن كان ثقة فلا يقربها وإن كان غير ثقة فلا يقبل منه» المروية في الوسائل 20 / 300 أبواب عقد النكاح ب 23 ح 2 .

(2) كما ورد في جملة من الأخبار وقد عقد لها في الوسائل باباً وفي بعضها : «المؤذن مؤتمن» وفي آخر : «المؤذنون اُمناء المؤمنين على صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم ...» المرويتين في الوسائل 5  :  378 / أبواب الأذان والإقامة ب 3 ح 2 ، 7 . ويستفاد اعتبار أذان الثقة أيضاً عما ورد في عيون الأخبار عن أحمد بن عبدالله القزويني (القروي) عن أبيه المروية في الوسائل 4  :  281 / أبواب المواقيت ب 59 ح 2 . وما رواه الفضل بن شاذان في العلل عن الرضا (عليه السلام) المروي في الوسائل 5 : 418 / أبواب الأذان والاقامة ب 19 ح 14 .

(3) الحدائق 5 : 252 .

ــ[267]ــ

مدركه، والمستند في ذلك هو السيرة العقلائية القطعية ، ولعلّ منشأها أن ذا اليد أعرف بطهارة ما في يده وأدرى بنجاسته ، هذا . على أنه يمكن أن يستدل على اعتبار إخباره بالطهارة بما علل به جواز الشهادة استناداً إلى اليد من أنه «لو لا ذلك لما بقي للمسلمين سوق»(1) وتقريب ذلك : أ نّا نعلم بنجاسة جملة من الأشياء بالوجدان كنجاسة يد زيد ولباسه ولا سيما في الذبايح ، للعلم القطعي بنجاستها بالدم الذي يخرج عنها بعد ذبحها ، فلو لم نعتمد على إخبار ذي اليد بطهارة تلك الأشياء بعد تنجسها للزم الحكم بنجاسة أكثر الأشياء وهو يوجب اختلال النظام ، ومعه لا يبقى للمسلمين سوق .

   وأمّا إخباره بالنجاسة فيمكن أن يستدل على اعتباره بالأخبار الناهية عن بيع الدهن المتنجس للمشتري إلاّ مع الاعلام بنجاسته ليستصبح به تحت السماء (2) لأنها دلت دلالة تامّة على أن إخبار البائع ـ وهو ذو اليد ـ بنجاسة المبيع حجة على المشتري ومعتبر في حقه ، ومعه لا يجوز للمشتري أكل الدهن المتنجس ، ولا غيره من التصرّفات المتوقفة على طهارته التي كانت جائزة في حقه لولا إعلام البايع بنجاسته فلو لم يكن إخباره حجة على المشتري لكان إخباره بها كعدمه ولم يكن لحرمة استعماله فيما يشترط فيه الطهارة وجه ، ولم أرَ من استدل بهذه الأخبار على اعتبار قول ذي اليد ، مع أنها هي التي ينبغي أن يعتمد عليها في المقام ، وأمّا غيرها من الأخبار التي استدل بها على اعتباره فلا يخلو عن قصور في سندها أو في دلالتها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهو رواية حفص بن غياث عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال له رجل : إذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنه له ؟ قال : نعم ، قال الرجل : أشهد أنه في يده ولا أشهد أنه له فلعلّه لغيره ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : أفيحل الشراء منه ؟ قال : نعم ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : فلعلّه لغيره ، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكاً لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه ، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك ثم قال أبو عبدالله (عليه السلام) لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق» المروية في الوسائل 27  :  292 / أبواب كيفية الحكم ب 25 ح 2 .

(2) ففي صحيحة معـاوية بن وهب : «والزيت يستصبح به» . وفي موثقتـه : «وبينه لمن اشتراه ليستصبح به» . وفي بعض الروايات : «فأسرج به» . وفي بعضـها الآخر : «فيبتاع للسراج» . المرويات في الوسائل 17 : 97 / أبواب ما يكتسب به ب 6 ح 1،  4 ، 3 ، 5 .

ــ[268]ــ

   منها : ما رواه عبدالله بن بكير قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أعار رجلاً ثوباً فصلى فيه وهو لا يصلي فيه قال : لا يُعلمه ، قال : قلت : فان أعلمه ؟ قال : يعيد» (1) حيث دلت على أن إخبار المعير ـ  أعني من بيده الثوب  ـ بأنه مما لا  يصلي فيه حجة في حق المستعير وأنه يوجب الاعادة في حقه ، إلاّ أنها قاصرة الدلالة على اعتبار قول ذي اليد ، إذ لا تجب إعادة الصلاة على من صلّى في النجس جاهلاً ثم علم بوقوعها فيه ، فضلاً عمّا إذا لم يعلم بذلك بل أخبر به ذو اليد .

   ومنها : غير ذلك من الروايات فليلاحظ . وعلى الجملة إن السيرة العقلائية ولزوم الاختلال ، والأخبار الواردة في وجوب إعلام المشتري بنجاسة الدهن ، تقتضي اعتبار قول ذي اليد مطلقاً .

   وقد استثني من ذلك مورد واحد وهو إخبار ذي اليد بذهاب ثلثي العصير بعد غليانه فيما إذا كان ممن يرى حلية شربه قبل ذهاب الثلثين أو كان يرتكبه لفسقه وذلك لأجل النص (2) . بل وفي بعض الأخبار اشتراط الايمان والورع أيضاً في اعتبار الإخبـار عن ذهاب ثلثي العصير (3) الذي هو إخبار عن حليته وعن طهارته أيضاً إذا قلنا بنجاسة العصير العنبي بالغليان، وهذه مسألة اُخرى سنتكلّم عليها في محلّها(4) إن شاء الله، والكلام فعلاً في اعتبار قول ذي اليد في غير ما قام الدليل فيه على عدم اعتباره.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 488 / أبواب النجاسات ب 47 ح 3 .

(2) صحيحة معاوية بن عمار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج ويقول قد طبخ على الثلث وأنا أعرف أنه يشربه على النصف أفأشربه بقوله وهو يشربه على النصف ؟ فقال : لا تشربه ، قلت : فرجل من غير أهل المعرفة ممن لا نعرفه يشربه على الثلث ولا يستحله على النصف ، يخبرنا أن عنده بختجاً على الثلث وقد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه يشرب منه ؟ قال : نعم . المروية في الوسائل 25 : 293 / أبواب الأشربة المحرمة ب  7 ح  4 .

(3) ففي موثقة عمار : «إن كان مسلماً ورعاً (مأموناً) فلا بأس» وفي رواية على بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) «لا يصدق إلاّ أن يكون مسلماً عارفاً» المرويتين في الوسائل 25 : 294 / أبواب الأشربة المحرمة ب 7 ح 6 ، 7 .

(4) ذيل المسألة [ 370 ] السادس : ذهاب الثلثين ...  .

ــ[269]ــ

ولا تثبت بالظن المطلق على الأقوى (1) .

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net