وجوب الوصية بالواجبات المالية وغيرها - إخراج الواجبات المالية من أصل التركة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4200


ــ[212]ــ

   [1815] مسألة 3: يجب على من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي به خصوصاً مثل الزكاة والخمس والمظالم والكفّارات((1)) من الواجبات الماليّة (1)، ويجب على الوصي إخراجها من أصل التركة في الوجبات الماليّة (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مدفوع بانتهاء الداعي المذكور بالأخرة إلى الخوف منه تعالى المؤكّد للعبادية كما عرفت كلّ ذلك بما لا مزيد عليه. فاندفع الإشكال في المسألة بحذافيره.

 وجوب الوصية:

   (1) بعد الفراغ عن صحّة النيابة وجواز الاستئجار عليها وتفريغ ذمّة المنوب عنه بعمل النائب كما مرّ كلّ ذلك، لا ينبغي الإشكال في وجوب التسبيب إليها بالوصية لدى اشتغال الذمّة وعدم التصدّي للتفريغ مباشرة عجزاً أو عصياناً لحكومة العقل بوجوب الخروج عن عهدة التكاليف وتفريغ الذمّة عنها بامتثالها مباشرة في زمان الحياة أو بالتسبيب إلى الإتيان بها بعد الوفاة، بعد وضوح عدم سقوط ما ثبت في الذمّة بالموت وإن انقطع به التكليف.

   إذ لا مانع من اعتبار شيء على الذمّة وبقائه إلى ما بعد الموت، كما هو الحال في اعتبار الملكيّة للميّت. فوجوب الوصية مطابق للقاعدة من غير حاجة إلى ورود نصّ يدلّ عليه.

   ولا فرق في ذلك بين الواجبات الماليّة كالديون والزكوات والأخماس والمظالم والكفّارات ونحوها، وبين الواجبات البدنيّة كالصوم والصلاة ونحوهما. فتجب الوصيّة في الكلّ بمناط واحد.

   (2) من الديون وما يلحق بها، بلا إشكال فيه كتاباً وسنة، قال الله تعالى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في خروج الكفارات عن أصل التركة إشكال بل منع، وكذلك الحج الواجب بالنذر ونحوه.

ــ[213]ــ

ومنها الحجّ الواجب (1) ولو بنذر ونحوه.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مِن بَعْدِ وَصِيَّة يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْن)(1) ، حيث قدّم فيها الدين - كالوصيّة - على الميراث. وقد دلّت النصوص المتظافرة على أنّه يبدأ أوّلا بتجهيز الميّت فانّه أولى بماله، ثمّ الدين، ثمّ الوصيّة، ثمّ الميراث(2).

   (1) بلا إشكال فيه أيضاً نصاً وفتوى، سواء أوصى به أم لم يوص، اُطلق عليه لفظ الدين أم لم يطلق، كما سيجيء البحث عنه في محلّه إن شاء الله تعالى(3).

   وأمّا الحجّ الواجب بالنذر ونحوه فهو ملحق بسائر الواجبات في عدم الخروج من الأصل، نعم قد يظهر من بعض النصوص خروجه منه، وهي صحيحة مسمع قال «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كانت لي جارية حبلى فنذرت لله عزّوجل إن ولدت غلاماً أن اُحِجَّه أو أحجّ عنه، فقال: إنّ رجلا نذر لله عزّوجل في ابن له إن هو أدرك أن يحجّ عنه أو يُحِجَّه، فمات الأب وأدرك الغلام بعد، فأتى رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) الغلامُ فسأله عن ذلك، فأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أن يُحَجَّ عنه ممّا ترك أبوه»(4).

   ويتوجّه عليه أولا: أنّ مورد الصحيحة هو نذر الإحجاج، بأن يحجّ بالغلام أو يبعث من يحجّ عنه إذا كان قوله: «أو اُحجّ عنه» بصيغة باب الإفعال، أو الجامع بين الإحجاج وبين حجّه بنفسه عنه لو كان من الثلاثي المجرّد، وعلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4: 11.

(2) الوسائل 19: 329 / كتاب الوصايا ب 28 ح 1 [والمذكور في النصوص نصاً هو الكفن، وأمّا غيره فلم يصرح به، راجع شرح العروة 9: 138].

(3) شرح المناسك 28: 91.

(4) الوسائل 23: 316 / أبواب النذر والعهد ب 16 ح 1.

ــ[214]ــ

التقديرين تكون الرواية أجنبية عن الحجّ الواجب على نفسه بسبب النذر الذي هو محلّ الكلام.

   وثانياً: أنّ الرواية معارضة في موردها بصحيحتين دلّتا على الإخراج من الثلث دون الأصل، وهما:

   صحيحة ضريس الكناسي قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل عليه حجّة الإسلام فنذر نذراً في شكر ليحجّنّ به رجلا، فمات الذي نذر قبل أن يحجّ حجّة الإسلام ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر، قال: إن ترك مالا يحجّ عنه حجّة الإسلام من جميع المال، واُخرج من ثلثه ما يحجّ به رجلا لنذره، وقد وفى بالنذر...»(1).

   وصحيحة عبدالله بن أبي يعفور قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): رجل نذر لله إن عافى الله ابنه من وجعه ليحجّنّه إلى بيت الله الحرام، فعافى الله الابن ومات الأب، فقال: الحجّة على الأب يؤدّيها عنه بعض ولده، قلت: هي واجبة على ابنه الذي نذر فيه ؟ فقال: هي واجبة على الأب من ثلثه أو يتطوّع ابنه فيحجّ عن أبيه»(2).

   وثالثاً: أنّ صحيحة مسمع غير صريحة في الخروج عن الأصل، بل غايته الإطلاق في قوله (عليه السلام): «ممّا ترك أبوه»، فيمكن تقييده بالثلث جمعاً بينها وبين الصحيحتين الصريحتين في ذلك، فانّ الثلث أيضاً مصداق لما ترك.

   ورابعاً: أنّ التصديق بمضمون الصحيحة مشكل جدّاً، لمخالفته للقواعد المقرّرة، إذ المفروض هو موت الناذر قبل حصول الشرط المعلّق عليه النذر وهو إدراك الغلام، المستلزم ذلك انحلال النذر، فلم يفت منه حال الحياة شيء كي يقضى عنه بعد موته ويقع الكلام في خروجه من الثلث أو الأصل. فعلى تقدير العمل بها لابدّ وأن يقتصر على موردها، جموداً في الحكم المخالف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11: 74 / أبواب وجوب الحجّ وشرائطه ب 29 ح 1.

(2) الوسائل 11: 75 / أبواب وجوب الحج وشرائطه ب 29 ح 3.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net