حكم ما لو حصل للأجير سهو أو شك في عمله - اختلاف النائب مع الميت في الفتوى 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3967


   [1826] مسألة 14: لو حصل للأجير سهو أو شكّ يعمل بأحكامه على وفق تقليده أو اجتهاده، ولا يجب عليه إعادة الصلاة(2).

   [1827] مسألة 15: يجب على الأجير أن يأتي بالصلاة على مقتضى تكليف الميّت اجتهاداً أو تقليداً، ولا يكفي الإتيان بها على مقتضى تكليف نفسه((2)).

ــــــــــــــــــــ
   (2) هذه من متفرّعات المسألة التالية، وهي أنّ العبرة في الصحّة وفي مراعاة

ــــــــــــ
(2) هذا إذا أوصى الميت بالاستئجار عنه أو كان الأجير مستنداً في عدم وجوب شرط أو جزء عليه إلى أصل عملي، وأمّا إذا كان مستنداً إلى أمارة معتبرة كاشفة عن عدم اشتغال ذمّة الميّت بأزيد مما يرى وجوبه فالاجتزاء به في فرض عدم الوصية لا يخلو من قوة.

ــ[242]ــ

فلو كان يجب عليه تكبير الركوع أو التسبيحات الأربع ثلاثاً أو جلسة الاستراحة اجتهاداً أو تقليداً، وكان في مذهب الأجير عدم وجوبها يجب عليه الإتيان بها. وأمّا لو انعكس فالأحوط الإتيان بها((1)) أيضاً، لعدم الصحّة عند الأجير على فرض الترك، ويحتمل الصحّة إذا رضي المستأجر بتركها. ولا ينافي ذلك البطلان في مذهب الأجير إذا كانت المسألة اجتهادية ظنّية، لعدم العلم بالبطلان، فيمكن قصد القربة الاحتمالية، نعم لو علم علماً وجدانياً بالبطلان لم يكف، لعدم إمكان قصد القربة حينئذ، ومع ذلك لا يترك الاحتياط (1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحكام الصلاة - ممّا يرجع إلى السهو والشك وغيرهما - هل هي بنظر الأجير أو الميت أو غيرهما، وليست بمسألة مستقلة، وسيأتي الكلام عنها مستقصى.

   (1) يقع الكلام تارة في المتبرّع، واُخرى في الأجير:

   أمّا المتبرّع: فلا ريب في كون المدار في تحقّق التبرّع هو الإتيان بصلاة يراها صحيحة وإن لم تكن كذلك بنظر الميت، إلاّ أنّه لا تبرأ بها ذمّة الميّت لو كانت فاسدة بنظره، فلا يكتفي الوصيّ بها لو أوصى الميّت بالاستئجار عنه، كما أنّه ليس للوليّ الاكتفاء بها أيضاً حيث لا يراها مفرّغة لذمّة الميّت وإن كانت صحيحة في نظر المتبرّع بها، إذ لا عبرة بنظر المتبرّع في التفريغ كما لا يخفى.

   ولو انعكس الأمر بأن كانت صحيحة بنظر الميّت فاسدة عند المتبرّع فان كان المتبرّع جازماً بالبطلان فلا إشكال في الفساد، لعدم تمشّي القربة منه حينئذ.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل هو الأقوى إذا كان الإيجار على تفريغ ذمّة الميّت، وأما إذا كان على نفس العمل فالأظهر صحّته فيما إذا احتملت صحّة العمل واقعاً، فيجب الإتيان به حينئذ رجاء، هذا بالإضافة إلى الأجير، وأمّا الولي فيجب عليه تفريغ ذمّة الميّت بما يراه صحيحاً ولو كان
   ذلك بالاستئجار ثانياً.

ــ[243]ــ

   وأمّا إذا استند في الحكم بالبطلان إلى اجتهاد أو تقليد مع احتمال الصحّة واقعاً، فأتى بها مع القربة ولو رجاءً صحّت وحكم حينئذ بفراغ ذمّة الميّت واكتفى الوصيّ بها أيضاً، بلا حاجة إلى الاستئجار لها، فانّ المكلّف بالعمل كان هو الميت، والمفروض صحّته عنده.

   وأمّا اكتفاء الوليّ فمشروط بصحّتها عنده، فانّه المخاطب بتفريغ ذمّة الميّت وكان اللازم عليه الإتيان بصلاة تكون مصداقاً للتفريغ بنظره، ولا عبرة حينئذ بنظر الميّت فضلا عن المتبرّع، فاذا كان يراها فاسدة وجب عليه الصلاة ثانياً أو الاستئجار لها.

   مثلا إذا فرضنا أنّ رأي الميت اجتهاداً أو تقليداً كان هو الاكتفاء بالتسبيحات الأربع مرّة واحدة فصلّى المتبرّع كذلك، ولكن الوليّ كان يرى - بأحدهما - أعتبار الثلاث، ليس له الاكتفاء بمثل هذه الصلاة، لانّه يرى عدم فراغ الذمّة بعد، والخطاب بالتفريغ كما عرفت متوجّه إليه، فلابدّ من تحصيله العلم بالفراغ على حسب اعتقاده، من دون أن يكون لنظر الميت فضلا عن المتبرّع أيّ أثر أصلا، هذا في المتبرع.

   وأمّا الأجير: فقد يكون أجيراً عن المتبرّع، واُخرى عن الوصيّ، وثالثة عن الولي:

   1 - الأجير عن المتبرّع: وحكمه حكم المتبرّع، فاذا كانت صلاته صحيحة بنظره أو المستأجر المتبرّع جاء الكلام المتقدّم فيه حرفاً بحرف.

   2 - الأجير عن الوصيّ: ولا ينبغي الشك في أنّ العبرة حينئذ بنظر الميّت فانّ الوصيّة بنفسها تكون قرينة على ذلك، حيث إنّ معناها هو أن يؤتى بعمل لو كان الموصي متمكّناً منه لكان قد أتى به، فيكون الموصى به هو الصحيح عند الموصي، ولهذه القرينة يجب على الوصيّ أن يستأجر من يراعي نظر الميّت.

   نعم، لابدّ من صحّة العمل عند الأجير ولو احتمالا، إذ مع اعتقاده الفساد

ــ[244]ــ

لا يتمشّى منه قصد القربة كما مرّ. وعلى الجملة: فالاعتبار بالصحّة في مورد الوصيّة بنظر الموصي، دون الوصيّ ودون الأجير.

   3 - الأجير عن الوليّ: ويقع الكلام فيه تارة في وظيفة الأجير، واُخرى في وظيفة الوليّ من حيث الاكتفاء بهذا العمل.

   أمّا وظيفة الأجير: فقد يفرض كونه أجيراً على مجرّد الصلاة عن الميّت واُخرى على تفريغ ذمّته.

   أمّا إذا كانت الإجارة على النحو الأوّل فلا ريب في استحقاقه الاُجرة إذا أتى بالصلاة الصحيحة بنظره وإن كانت فاسدة بنظر الميّت، فانّه إنّما استؤجر للصلاة الصحيحة، والألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية، فكلّ ما يراه الأجير مصداقاً للصحيح ينطبق عليه العمل المستأجرعليه فيستحقّ الاُجرة بذلك
سواء أكان مطابقاً لمذهب الميّت أم لم يكن.

   فالعبرة في الوفاء بعقد الإجارة بمراعاة نظره بالإتيان بما يعتقده صحيحاً، لا نظر الميت. ولا إشكال حينئذ من ناحية الإجارة. وأمّا وظيفة الولي من حيث الاكتفاء بذلك وعدمه فستعرفها.

   وإذا كانت الإجارة على النحو الثاني، بأن كان المستأجر عليه هو عنوان تفريغ الذمّة، فلا مناص له إذن من الإتيان بعمل يراه مبرئاً لذمّة الميّت، فان توافق مذهباهما في ذلك فلا كلام، وإن تخالفا كما لو اعتقد الأجير كفاية التسبيحات الأربع مرّة واحدة وكان الميت يرى اعتبار الثلاث.

   فان استند الأجير في اعتقاده إلى الدليل الاجتهادي اجتهاداً أو تقليداً جاز له التعويل على رأيه في الحكم بالتفريغ، فانّ مفاد الدليل الاجتهادي إنّما هو كون مؤداه هو الحكم الواقعي الثابت في الشريعة على كلّ أحد ومنهم الميت. فيكون من قام عنده مثل ذلك - وهو الأجير على الفرض - يرى عدم اشتغال ذمّة الميّت بأكثر من التسبيحات الأربع مرّة واحدة، وأنّها تكون مبرئة لذمّته
فلا يكون ملزماً بمراعاة نظر الميّت وهو يرى خطأه في ذلك، بل يكتفي بالواحدة المحقّقة لعنوان التفريغ.

ــ[245]ــ

   وأمّا إذا كان مستنده في ذلك هو الأصل العملي بأن كان نفي الثلاث عنده بأصالة البراءة عنه، بناءً منه على جريانها في الأقل والأكثر الارتباطيين، لا لدليل اجتهادي على النفي، ولكن الميت كان يذهب إلى الثلاث للدليل الاجتهادي أو للأصل العملي وهو أصالة الاشتغال، لبنائه على كون المرجع في الأقّل والأكثر الارتباطيين هو ذلك، فمن الواضح حينئذ أنّ الأصل المعتبر عند الأجير ممّا لا يترتب عليه فراغ ذ مّة الميّت.

   فانّ غاية ما يترتّب على أصالة البراءة إنّما هو نفي التنجيز عمّن جرت في حقّه وهو الأجير، لا مطلقاً، وحيث إنّ الميّت لم يكن يرى ذلك كان التكليف الواقعي متنجّزاً في حقّه، وعليه فلا قطع بالفراغ إلاّ بمراعاة ما هو الصحيح عند الميّت، فلا تكفي الصحّة بنظر الأجير، هذا كله في وظيفة الأجير.

   وأمّا وظيفة الوليّ: فان كان يرى صحّة العمل الصادر من الأجير اكتفى به وإن لم يكن صحيحاً عند الميت، بل ولا عند الأجير أيضاً كما إذا كان الأجير قد أتى به رجاء مع عدم اعتقاده بصحّته، وإلاّ لزمه الإتيان بما يعتقد صحّته أو الاستئجار لذلك.

   والوجه فيه: ما عرفت من توجيه الخطاب بالتفريغ إلى الوليّ نفسه، فانّه المأمور بالقضاء عن والده، فتكون العبرة بما يراه مصداقاً للصحيح ومحقّقاً لعنوان التفريغ، ولا أثر حينئذ لنظر الميّت ولا الأجير.

   نعم، لا يجب عليه قضاء الصلوات التي أتى الميّت بها حال حياته إذا كانت فاقدة لشرط الصحّة بنظر الوليّ بأن كانت فاقدة للسورة، أو مع الاقتصار على التسبيحات الأربع مرّة واحدة، وذلك لحديث «لا تعاد الصلاة...»(1) ، وإنّما يختصّ ذلك بما فات الميّت من الصلوات، حيث يجب عليه قضاؤها على الوجه الصحيح عنده.

   وعلى الجملة: يختلف الحال في هذه الموارد حسبما عرفت، فلا مجال لإطلاق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1: 371 / أبواب الوضوء ب 3 ح 8.

ــ[246]ــ

القول بأنّ العبرة بنظر الأجير أو الميّت، إذ قد لا تكون العبرة بهذا ولا بذاك بل بنظر الوليّ فقط كما ذكرناه أخيراً. فاللازم هو التفصيل في المسألة على النحو الذي ذكرناه.

   هذا كلّه في فرض العلم باختلاف مذهب الأجير والميّت، وأمّا مع الشكّ في ذلك - كما هو الغالب - فلا يجب الفحص، كما هو المتعارف خارجاً في مقام الاستئجار، من دون سؤال عن نظر الأجير في الصلاة أو مقدّماتها وكونه مطابقاً لنظر الميّت أو لا، اعتماداً على أصالة الصحّة بعد فرض كون الأجير ثقة، فانّ الأصل مطابقة عمله لما هو الصحيح عند الله.

   وبما أنّ ذمّة الميّت تكون مشغولة بمثل ذلك أيضاً فيبني لا محالة على المطابقة حملا لفعل الأجير على الصحّة. فيختصّ محلّ الكلام في المسألة بصورة العلم باختلافهما، وأمّا مع الجهل به فضلا عن العلم بالاتفاق فلا كلام أصلا.

   وملخّص ما ذكرناه في المسألة هو: أنّ النائب إمّا أن يكون متبرّعاً، أو وصيّاً، أو أجيراً، أو ولياً.

   أمّا المتبرع فلا يعتبر في حقّه سوى الإتيان بالصحيح عنده قطعاً أو ما يكون محتمله رجاءً، لعدم ثبوت تكليفه بشيء، فيجوز له الاكتفاء بما يراه صحيحاً ولو رجاءً.

   وأمّا الوصيّ فتكليفه العمل على طبق الوصيّة، وهي ظاهرة في الإتيان بما هو وظيفة الميّت، فلا عبرة بنظر الوصيّ، إذ لا شأن له عدا الوساطة في تحقّق العمل على النحو الذي كان الموصي يحقّقه لو كان حياً.

   وأمّا الأجير فوظيفته الإتيان بما استؤجر عليه كيف ما كان، ويعتبر فيه أن لا يكون الأجير جازماً بفساده، لعدم تمشّي قصد القربة منه حينئذ فيبطل العمل، فلو كان صحيحاً عنده ولو رجاءً استحقّ الاُجرة، طابق نظر الوصيّ أو الميّت أم لا، فانّ العبرة في صحّة الإجارة بكون العمل قابلا للإيجار، فيكفي مجرّد احتمال الصحّة، إلاّ إذا اعتبر في الإجارة كيفيّة خاصة كمراعاة نظر الوصيّ أو الميّت أونحو ذلك فيجب حينئذ رعايتها عملا بالشرط.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net