شمول الحكم لما إذا كان الميت عبداً - ما يجب على الولي قضاؤه عن الميت 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3815


ــ[266]ــ

حرّاً كان أو عبداً (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِّنْ أَيَّام أُخَرَ)(1) ، وقد فرض موته قبل خروج الشهر.

   بل قد ورد المنع عنه في بعض النصوص معلّلا بأنّ الله لم يجعله، بعد الإصرار من السائل على القضاء بقوله: «فانّي أشتهي أن أقضي عنها، وقد أوصتني بذلك»، فأجابه (عليه السلام) قائلا: «كيف تقضي عنها شيئاً لم يجعله الله عليها؟ فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم»(2) .

   وعلى الجملة: مشروعية القضاء في مفروض المسألة ليست من الواضحات الغنيّة عن السؤال، وإنّما هي لأجل خفائها - كما عرفت - بحاجة إلى ذلك وعليه فلا مقتضي لحمل الصحيحة على السؤال عن الوجوب، بل ينبغي حملها على ظاهرها وهو السؤال عن الجواز وأصل المشروعيّة. فلا تدلّ على وجوب القضاء في موردها ليتعدّى منه إلى غيره بعدم القول بالفصل.

   والمتحصّل من جميع ما تقدّم: أنّ ما يستدلّ به للتعميم أمران:

   أحدهما: إطلاق رواية ابن سنان. وقد عرفت أنّها ضعيفة السند، وإن كانت الدلالة - على فرض صحّة السند - تامّة.

   والآخر: استفادة حكم المقام ممّا ورد في الصوم بضميمة عدم القول بالفصل. وقد عرفت أيضاً توقّف ذلك على استفادة الوجوب من النصوص في موردها، وهي غير ثابتة.

   فالأقوى ما هو المشهور من اختصاص الحكم بالرجل وعدم التعميم للمرأة، عملا بأصالة البراءة.

 (1) كما هو المشهور، ويقتضيه الإطلاق في صحيحة حفص المتقدّمة(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2: 184، 185.

(2) الوسائل 10: 332 / أبواب أحكام شهر رمضان ب 23 ح 12.

(3) في ص 264.

ــ[267]ــ

وعن بعضهم اختصاصه بالحرّ، نظراً إلى أنّ المستفاد من الصحيحة كون الموضوع من هو أولى بالميراث لقوله (عليه السلام): «يقضي عنه أولى الناس بميراثه»، وبما أنّ الأولى بالعبد هو مولاه، ولا يجب عليه القضاء عنه بالضرورة، إذ لم يعهد ذلك من أحد الأئمة (عليهم السلام) ولا من أصحابهم بالنسبة إلى عبيدهم، فلا محالة يحكم بالاختصاص بالحر.

   ويتوجّه عليه: أنّ الحكم لا يدور مدار عنوان الوارث بالفعل، فانّه لو كانت العبارة هكذا: يقضي عنه وارثه. لكان لهذه الدعوى وجه، فيلتزم حينئذ بخروج العبد تخصيصاً، للإجماع على عدم ثبوت القضاء على وارثه وهو المولى كما ذكر، لكن العبارة هكذا: «يقضي عنه أولى الناس بميراثه»، فلم يؤخذ فيها عنوان الوارث، بل عنوان الأولى بالميراث، على غرار قوله تعالى (وَأُولُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض)(1) .

   والمراد به من هو أمسّ الأشخاص بالميّت وأقربهم إليه نسباً ورحماً، المستتبع لكونه الأولى فعلا بالميراث من غيره، وهو الولد الأكبر كما سيأتي لانفراده بالحبوة ولزيادة نصيبه على سائر الورثة غالباً.

   فالعبرة بكون الأولوية فعلية لا بكون الإرث فعلياً، إذ قد لا يكون وارثاً إمّا لانتفاء المال رأساً، أو لأنّ بازائه ديناً مستوعباً، أو لكونه عبداً كما في المقام حيث إنّه بمنزلة من لا مال له ليورث، لكونه وما في يده لمولاه حيّاً وميّتاً.

   وعلى الجملة: لا يدور الحكم مدار الإرث الفعلي، لانتقاضه طرداً وعكساً فربما يثبت الإرث ولا قضاء كما لو انحصر الوارث في الإمام (عليه السلام) وربما يثبت القضاء ولا إرث كمن لا مال له، بل الاعتبار - كما عرفت - بكون الأولوية فعلية.

   إذن فالقضاء يجب على من هو أولى من غيره بميراث الميّت وأكثر نصيباً إن كان للميت مال، ومصداقه في المقام كغيره هو الولد الأكبر. وعدم إرثه من أبيه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأنفال 8: 75.

ــ[268]ــ

أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة لعذر((1)) من مرض أو سفر أو حيض فيما يجب فيه القضاء(1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرق إنّما هو لكونه بمنزلة من لا مال له كما اُشير إليه.

   فتحصّل: أنّ الصحيحة - كسائر النصوص - غير قاصرة الشمول للعبد فلامناص من الالتزام بالتعميم الذي عليه المشهور، عملا بالإطلاق.

 

ما يقضى عنه:

   (1) خصّ المصنّف (قدس سره) الحكم بما فات لعذر، ومثّل له بالمرض والسفر والحيض. والتمثيل بذلك لا يخلو عن مسامحة واضحة، فانّ السفر والمرض ليسا من الأعذار المسوّغة لترك الصلاة، غايته أنّ المريض يصلّي على حسب وظيفته من الجلوس أو الاضطجاع أو بالإيماء وهكذا، كما أنّ المسافر يصلّي قصراً.

   وأمّا الحيض فالمستوعب منه للوقت لا يوجب القضاء، نعم يتّجه التمثيل بالحيض غير المستوعب كما لو حاضت المرأة بعد مضيّ نصف ساعة من الوقت لكونها معذورة في تأخير الصلاة عن أوّل الوقت لترخيص الشارع إيّاها في ذلك، ولأجل هذا قيّده (قدس سره) بقوله: فيما يجب فيه القضاء. يريد بذلك اختصاص الحكم بما إذا فاجأها الحيض بعد دخول الوقت كما عرفت.

   ثمّ إنّ المحكي عن جماعة منهم المحقّق (قدس سره) في بعض رسائله(2) الاختصاص بالفائتة لعذر، فلا يجب القضاء في الترك العمدي، وتبعهم المصنّف (قدس سره).

   لكنّ الأقوى التعميم لمطلق الفوائت كما هو المشهور، لإطلاق النصوص.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل مطلقاً على الأحوط، ثم إنّ في عدّ المرض والسفر من العذر مسامحة واضحة.

(2) الرسائل التسع: 258 المسألة 32 من المسائل البغدادية.

ــ[269]ــ

ودعوى الانصراف إلى الفائتة لعذر، كما ترى، فانّ الفائتة لغير عذر ليست بأقلّ ممّا فات لعذر في زمن صدور الروايات، ولا سيما مع ملاحظة الفوت لأجل الخلل في بعض الأجزاء أو الشرائط. فلا موجب للانصراف أصلا.

   وما يقال من أنّ العامد يستحقّ العقاب فلا يجديه القضاء من الوليّ، لكونه بمثابة الكفّارة، وهي - بمناسبة الحكم والموضوع - تختصّ بالمعذور. فهو وجه استحساني لا يركن إليه لإثبات حكم شرعي، ولا يقاوم الإطلاق.

   كما أنّه لا وجه للاستناد في القول بالاختصاص إلى قوله تعالى: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)(1) لكونه ناظراً إلى العقاب في الآخرة، فهو أجنبي عن محلّ الكلام، فانّه لا مانع من كون فعل الغير الصادر منه بالاختيار ولو عصياناً موضوعاً لتكليف غيره كما في تنجيس المسجد، حيث يجب التطهير وإن كان التنجيس بفعل الغير عصياناً.

   ومقامنا من هذا القبيل، فانّ فوات الفريضة من الميّت موضوع لتكليف الوليّ بالقضاء عنه، وهذا لا يفرق فيه بين أن يكون الفوت منه لعذر أو عصياناً لإطلاق النصوص السليمة عمّا يصلح للتقييد.

   وعن الحلّي(2) وابن سعيد(3) (قدس سرهما) الاختصاص بما فات في مرض الموت. وليس له وجه ظاهر عدا دعوى انصراف النصوص إلى ذلك. وفيه: ما لايخفى، فانّ صحيحة حفص المتقدّمة(4) - وهي العمدة في المقام - مطلقة بالإضافة إلى مرض الموت وغيره.

   فالأقوى تعميم الحكم لمطلق الفوائت، من دون فرق بين ما فات لعذر وغيره، وبين مرض الموت وغيره، لإطلاق النصوص.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأنعام 6: 164.

(2) السرائر 1: 277.

(3) الجامع للشرائع: 89.

(4) في ص 264.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net