مناشئ الخلل ومتعلّقه - منافاة الجزئية مع الاستحباب 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4514

  

بسم الله الرّحمن الرّحيم
 

   الحمد لله ربّ العالمـين ، والصلاة والسلام على سـيِّدنا محمّد وآله الطيِّبين الطّاهرين الغرّ الميامين .

   وبعد ، لمّا انتهينا ـ ولله الحمد ـ من طبع كتاب الصوم من « مستند العروة الوثقى » في جزأين، وكتاب الخمس في جزء واحد عزمنا على طبع ما بقي من كتاب الصلاة الذي تمّ نشر بعض أجزائه منذ زمن غير بعيد .

   ويبتدأ هذا الجزء ـ وهو الجزء السادس ـ من مباحث الخَلل ، ونسأله تعالى أن يوفقنا لإنهاء بقيّة الأجزاء ، وأن يمنّ علينا بحسن القبول ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

ــ[1]ــ

فصل

في الخَلل الواقع في الصلاة

أي الإخلال بشيء ممّا يعتبر فيها وجوداً أو عدماً
 

   [ 2002 ] مسألة 1 : الخلل إمّا أن يكون عن عمد أو عن جهل أو سهو أو اضطرار أو إكراه أو بالشكّ(1)، ثمّ إمّا أن يكون بزيادة أو نقيصة، والزيادة إمّا بركن ، أو غيره ولو بجزء مستحبّ كالقنوت في غير الركعة الثانية أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  (1) قسّم (قدس سره) الخلل تقسيماً لا يخلو من نوع من التشويش ، فذكر أ نّه إمّا أن يكـون عن عمد أو جهل أو سهو أو اضـطرار أو إكراه أو بالشكّ وعلى التقادير فامّا أن يكون بزيادة جزء ركني، أو غيره ولو بجزء مستحبّ ، أو ركعة، أو بنقص جزء أو شرط ركن أو غير ركن ، أو بكيفية كالجهر والإخفات والترتيب والموالاة ، أو بركعة .

   وهذا التقسـيم كما ترى غير وجيه ، ضرورة أنّ الاضـطرار والإكراه ليسا قسيمين للعمد الذي معناه القصد إلى الفعل ، بل هما قسمان منه ، فانّ ما يصدر من العامد إمّا أن يكون باخـتياره ورضـاه ، أو باضـطرار أو إكراه . فالمضـطر والمكره أيضاً قاصدان إلى العنوان فعلاً أو تركاً ، فهما عامدان لا محالة كالمختار . كما أنّ الجاهل بالحكم أيضاً كذلك ، فانّه عامد إلى الموضـوع كما لا يخفى ، فلا يحسن عدّه قسيماً للعمد .

ــ[2]ــ

فيها في غير محلّها، أو بركعة . والنقيصة إمّا بشرط ركن كالطهارة من الحدث والقبلة ، أو بشرط غير ركن ، أو بجزء ركن أو غير ركن ، أو بكيفية كالجهر والإخفات والترتيب والموالاة أو بركعة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فالأولى أن يقال : إنّ الخلل الصادر من المكلف إمّا أن يكون عن عمد أو سهو ، أي عن قصد إلى العنوان أو بلا قصد ، لعدم خلوّ حالته بالإضافة إلى ما يصدر منه من أحد هذين . والعامد إمّا أن يكون مختاراً أو مضطرّاً أو مكرهاً أو جاهلاً بالحكم .

   ثمّ إنّ ما ذكره (قدس سره) في طرف النقيصة من أنّ الناقص إمّا أن يكون جزءاً أو شرطاً أو كيفية غير وجيه أيضاً ، لعدم خروج الكيفية التي ذكرها من الجهر والإخفات والترتيب والموالاة عن الجزء أو الشرط ، وليست قسماً ثالثاً في قبالهما .

   فانّ هذه الاُمور إن لوحظ التقيّد بها كانت من الشرائط ، غايته أ نّها شرط للجزء كالقراءة لا لنفس الصلاة ، وإن لوحظ أنّ الجزء من الصلاة هي القراءة الخاصّة وهي المتّصفة بالجهر مثلاً أو الترتيب والموالاة فهي من شؤون الجزء والإخلال بها إخلال بالجزء حقيقة . فليس الإخلال بتلك الكيفية إخلالاً بشيء آخر وراء الجزء أو الشرط . ثمّ إنّ في الجزء الاستحبابي كلاماً سيأتي التعرّض إليه .

   وكيف ما كان ، فهذا التقسيم وإن لم يكن خالـياً عن التشويش كما عرفت لكنّ الأمر سهل، والبحث عنه قليل الجدوى ، والعمدة إنّما هي التعرّض لما رتّب على هذه الأقسام من الأحكام في المسألة الآتية . وستعرف الحال فيها إن شاء الله تعالى .

ــ[3]ــ

   [ 2003 ] مسألة 2 : الخلل العمدي موجب لبطلان الصلاة بأقسامه ((1)) من الزيادة (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) أمّا في الجزء الاستحبابي فلا موضوع لهذا البحث ، إذ لا وجود له كي تتصوّر فيه الزيادة أو النقص ، لما عرفت مراراً من منافاة الجزئية للاستحباب إذ أنّ مقتضى الأوّل الدخل في الماهية وتقوّمها به لتركّبها منه ، ومقتضى الثاني عدم الدخل وجواز الترك .

   وهذا من غير فرق بين جزء الطبيعة وجزء الفرد ، إذ لا يزيد هو عليها إلاّ باضافة الوجود، ففرد الطبيعة ليس إلاّ الطبيعة الموجودة بعينها ، ولا يزيد عليها من حيث كونه فرداً لها بشيء أصلاً .

   وأمّا سائر الملابسات والخصوصيات التي تقترن بها الأفراد ممّا يوجب المزية أو النقيصة أو لا يوجب شيئاً منهما فهي خارجة عن حقيقة الفرد ، كخروجها عن نفس الطبيعة ، وإنّما هي من العوارض اللاّحقة للأفراد كقصر زيد وطوله وسواده وبياضه ونحو ذلك ، فانّها غير مقوّمة لفرديّته للإنسان ، كما أ نّها غير دخيلة في الطبيعة نفسها ، فلا يتصوّر التفكيك بفرض شيء جزءاً للفرد وعدم كونه جزءاً للطبيعة كما لا يخفى .

   وعلى الجملة : فالجزئية تساوق الوجوب ، ولا تكاد تجتمع مع الاستحباب . فالجزء الاستحبابي غير معقول ، وما يتراءى منه ذلك كالقنوت فليس هو من الجزء في شيء ، بل مستحبّ نفسيّ ظرفه الواجب ، فلا تتصوّر فيه الزيادة كي تشمله أدلّة قادحية الزيادة . نعم ، الإتيان به في غير مورد الأمر به بعنوان أ نّه مأمور به تشريع محرّم ، إلاّ أنّ حرمته لا تسري إلى الصلاة كما هو ظاهر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بطلانها بالزيادة العمدية في المستحبات أثناء الصلاة محلّ إشكال ، بل منع .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net