الشك بعد الصلاة في أنّ شكّه موجب للركعة أو الركعتين - العلم بعد الصلاة بعروض شك أثناءها يجهل كيفيته 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4159


ــ[239]ــ

   [ 2047 ] مسألة 11 : لو شكّ بعد الفراغ من الصلاة أنّ شكّه هل كان موجباً للركعة بأن كان بين الثلاث والأربع مثلاً ، أو موجباً للركعتين بأن كان بين الاثنتين والأربع ، فالأحوط الإتيان بهما ثمّ إعادة الصلاة ((1)) (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثنتين والثلاث ولم يدر أ نّه كان شكاً أم ظناً ـ على ما مرّت الإشارة إليه في المسألة السابقة ـ بنى بمقتضى أصالة عدم عروض المبطل على عدم كونه شكّاً فهو كما لو شكّ ابتداءً في حصول الشكّ المبطل قبل ذلك ، المحكوم بعدم الاعتناء .

   (1) أمّا وجوب الاحتياط بالإتيان بهما فلأجل العلم الإجمالي بوجوب إحدى الصلاتين المردّدة بين الركعة والركعـتين ، اللّتين هما من المتباينين كما لا يخفى . وأمّا الإعادة فلاحتمال كون الواجب ما يفعله ثانياً فتكون الاُولى فاصلة بينها وبين الصلاة الأصلية بناءً على قدح مثل هذا الفصل .

   أقول :  الجمع بين الإتيـان بهما وبين الإعـادة ممّا لا وجه له ، بل إمّا يجب الأوّل أو الثاني ، فانّا إذا بنينا على أنّ صلاة الاحـتياط صلاة مستقلّة غير مرتبطة بالصلاة الأصلية ـ وإن كانت الحكمة الداعية لإيجابها تدارك النقص المحتمل ، ومن هنا جاز بناءً على هذا القول تخلّل الفصل بينهما حتى اختياراً بمثل حدث ونحوه ، فيتوضّأ ثمّ يأتي بركعة الاحتياط ـ فلا موجب حينئذ للإعادة لعدم احتمال قدح الفصل المزبور حسب الفرض .

   وأمّا إذا بنينا على أ نّها جزء متمّم على تقدير النقص قد اُخّر ظرفه ومحلّه وزيادة السلام مغتفرة، كما أ نّها نافلة على التقدير الآخر ، فحيث إنّ تخلّل الفصل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) والأظهر جواز رفع اليد عن صلاة الاحتياط بابطالها في هذا الفرع وفيما بعده ثمّ إعادة الصلاة .

ــ[240]ــ

   [ 2048 ] مسألة 12 : لو علم بعد الفراغ من الصلاة أ نّه طرأ له الشكّ في الأثناء لكن لم يدر كيفيّته من رأس فان انحصر في الوجوه الصحيحة أتى بموجب الجميع وهو ركعتان من قيام وركعتان من جلوس وسجود السهو ثمّ الإعادة ، وإن لم ينحصر في الصحيح بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصلاة ، لأ نّه لم يدر كم صلّى (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قادح على هذا المبنى فصلاة الاحتياط غير نافعة حينئذ بطبيعة الحال ، إذ لا تتّصف الركعة بالجزئية على تقدير النقص بعد احتمال تخلّل الفصل بالأجنبي المانع عن صلاحية الانضمام بالصلاة الأصلية ، فلا يجوز الاقتصار عليها في مقام تفريغ الذمّة عن الركعة المشكوكة .

   وعليه فيجوز له رفع اليد عن صلاة الاحتياط بابطالها وعدم الإتيان بها رأساً ، بعد وضوح عدم شمول دليل حرمة القطع لمثل المقام ممّا لا يتمكّن معه من إتمامها صحيحة والاقتصار عليها في مقام الامتثال ، فانّ الحرمة على تقدير تسليمها غير شاملة لمثل ذلك قطعاً .

   فالمتعيّن حينئذ إعادة الصلاة عملاً بقاعدة الاشتغال ، ولا موجب للإتيان بركعة الاحتياط ، هذا .

   وحيث إنّ الأقوى عندنا هو المبنى الثاني كما سـيأتي (1) فلا تجب عليه إلاّ الإعادة .

   (1) قسّم (قدس سره) مفروض المسألة إلى ما إذا انحصرت أطراف الشبهة في الشكوك الصحيحة ، وما إذا احتمل معها لبعض الشكوك الباطلة أيضاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 277 وما بعدها .

 
 

ــ[241]ــ

   فعلى الأوّل :  أتى بموجب الجميع على النحو المقرّر في المتن ، رعاية للعلم الإجمالي بوجود أحد الموجبات ، ثمّ يعيد الصلاة لاحتمال كون الوظيفة ما يفعله متأخّراً ، المستلزم لحصول الفصل القادح فيما بينه وبين الصلاة الأصلية على ضوء ما مرّ في المسألة السابقة .

   وعلى الثاني :  حكم (قدس سره) بالبطلان ، وعلّله بأ نّه لم يدر كم صلّى .

   أقول :  أمّا الكلام في الصورة الاُولى فهو بعينـه الكلام المتقدّم في المسـألة السابقة حرفاً بحرف ، لاتحاد المسألتين وعدم الفرق إلاّ من حيث قلّة الأطراف وكثرتها ، فانّ الشكّ الصـحيح كان مردّداً هناك بين اثنـين وهما الشكّ بين الثلاث والأربع والشكّ بين الاثنتين والأربع ، وهنا بين الأكثر من ذلك ، وهذا لا يستوجب فرقاً بينهما في الحكم . وحيث عرفت ثمّة أنّ الأقوى كفاية الإعادة من غير حاجة إلى ضمّ صلاة الاحتياط فكذا في المقام بعين المناط .

   وأمّا في الصورة الثانية فقد يقال : إنّ مقتضى العلم الإجمالي بحدوث الشكّ الصحيح أو الفاسد الجمع بين الإتيان بموجب الشكوك الصحيحة وبين الإعادة .

   وربما يجاب عنه بانحلال العلم الإجمالي بقاعدة الاشـتغال المثبتة للإعادة وأصـالة البراءة النافية لموجب الشكّ الصحيح ، فينحلّ العلم بالأصـل المثبت والنافي ، فانّ الإعادة لو ثبتت فليست هي بأمر جديد ، وإنّما هي بمقتضى نفس الأمر الأوّل الذي يشكّ في سقوطه والخروج عن عهدته ، وهذا بخلاف موجب الشكّ الصحيح كصلاة الاحتياط فانّها بأمر جديد حادث بعد الصلاة ، وحيث إنّه مشكوك فيه فيدفع بأصل البراءة .

   وهذا الجواب جيّد بناءً على أن تكون ركعة الاحتياط صلاة مستقلّة، إذ عليه تكون الركعة المشكوكة ساقطة في ظرف الشكّ ، ويعوّض عنها أمر جديد متعلّق بصلاة الاحتياط بداعي تدارك النقص المحتمل ، ومقتضى الأصل البراءة كما ذكر .

ــ[242]ــ

   وأمّا بناءً على المسلك الآخر ـ وهو الصحيح ـ من كونها جزءاً متمّماً على تقدير النقص فليس الأمر بها أمراً جديداً حادثاً بعد الصلاة ليرجع الشكّ إلى الشكّ في التكليف ، وإنّما تجب بنفس الأمر الصلاتي المتعلّق بالركعة الرابعة ، فانّ هذه هي تلك الركعة حقيقـة ، غايته أنّ ظرفها ومحلّها قد تأخّر عن الصلاة . فالشكّ من هذه الناحية أيضاً راجع إلى مرحلة الامتثال والسقوط دون الجعل والثبوت ، وعليه فكلا طرفي العلم الإجمالي مورد لقاعدة الاشتغال ، فلا موجب للانحلال .

   نعم ، ينحلّ العلم بتقريب آخر مرّت الإشارة إليه في المسألة السابقة ، وهو عدم كون ركعة الاحتياط نافعة في مثل المقام ممّا كانت أطراف الشكوك الصحيحة متعدّدة ، من أجل تطرّق احتمال الفصل القادح بينها وبين الصلاة الأصلية ، المانع عن إحراز تدارك النقص المحتمل .

   وقد عرفت عدم شمول دليل حرمة القطع لمثل المقام ممّا لا يصحّ الاقتصار عليه في مقام الامتثـال ، وعليه فلا مانع من رفع اليد عن تلك الصلاة رأساً والاكتفاء بالاستئناف حسبما تقدّم .

   وأمّا التعليل الذي ذكره في المتن بقوله : لأ نّه لم يدر كم صلّى . فغير بعيد أن يريد به الإشارة إلى الأصل الموضوعي ، فانّ مقتضى إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحة صفوان : «إن كنت لا تدري كم صلّيت ولم يقع وهمك على شيء فأعد الصلاة» (1) أنّ كلّ من لم يدر كم صلّى فصلاته باطلة ، وبعد الخروج عنه في موارد الشكوك الصحيحة بمقتضى أدلّتها الموجبة لتقييد الإطلاق ، ينتج أنّ موضوع البطلان من لم يدر كم صلّى ولم يكن شكّه من الشكوك الصحيحة  .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 225 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 15 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net