انكشاف الخلاف فيما إذا لم يعتن كثير الشك بشكّه - اعتناء كثير الشك بشكّه 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4314


ــ[23]ــ

   [ 2118 ] مسألة 3 : إذا لم يلتفت إلى شكّه وظهر بعد ذلك خلاف ما بنى عليه وأنّ مع الشك في الفعل الّذي بنى على وقوعه لم يكن واقعاً أو أنّ ما بنى على عدم وقوعه كان واقعاً يعمل بمقتضى ما ظهر ، فان كان تاركاً لركن بطلت صلاته ، وإن كان تاركاً لغير ركن مع فوت محلّ تداركه وجب عليه القضاء فيما فيه القضاء وسجدتا السهو فيما فيه ذلك، وإن بنى على عدم الزيادة فبان أ نّه زاد يعمل بمقتضاه من البطلان أو غيره من سجود السهو (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ولذلك لم نتعدّ منها إلى الوضوء ، فلو كان كثير الشك في وضوئه بحيث لم تمرّ عليه وضوءات ثلاثة إلاّ ويشكّ في واحد منها ، يعتني بشكّه الحادث في المحل وإن كان مستنداً إلى الشيطان ما لم يبلغ حدّ الوسواس ، عملاً بقاعدة الشك في المحل ، أمّا الحادث بعده ففي جريان قاعدة التجاوز كلام مذكور في محلّه (1) .

   وكيف ما كان ، فسجود السهو واجب مستقل سببه نفس الشك في الصلاة بين الأربع والخمس ، لا أ نّه من متمّمات الصلاة ، ولا يكاد يستفاد من الأخبار سقوطه عن كثير الشك بوجه كما لا يخفى .

   (1) إذا لم يعتن كثير الشك بشكّه بمقتضى وظيفته من البناء على الوقوع أو العدم حسب اختلاف الموارد ومضى ثمّ انكشف الخلاف ، فقد يكون المنكشف نقصان شيء واُخرى زيادته .

   أمّا في النقص :  فان كان محل التدارك باقياً رجع وتدارك ، من غير فرق بين الركن وغيره ، كما لو شكّ في الركوع فبنى على الوقوع فانكشف الخلاف قبل الدخول في السجدة الثانية ، أو في التشهّد فبان العدم قبل الدخول في الركوع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 6 : 117 .

ــ[24]ــ

   [ 2119 ] مسألة 4 : لا يجوز له الاعتناء بشكّه ، فلو شكّ في أ نّه ركع أو لا ، لا يجوز له أن يركع (1) ، وإلاّ بطلت الصلاة ، نعم في الشك في القراءة أو الذكر إذا اعتنى بشكّه وأتى بالمشكوك فيه بقصد القربة لا بأس به ما لم يكن إلى حدّ الوسواس .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وإن لم يكن باقياً ، فان كان الناقص ركناً بطلت صلاته ، وإلاّ قضاه إن كان ممّا يقضى كالسجدة الواحـدة ، وأتى بسجدتي السهو إن كان ممّا فيه ذلك كالتشهّد ، ولا شيء عليه إن لم يكن منهما كالقراءة إلاّ بناءً على وجوب سجدتي السهو لكلّ زيادة ونقيصة .

   وأمّا في الزيادة : فان كان الزائد ركناً بطلت صلاته ، وإلاّ وجبت عليه سجدتا السهو إن قلنا بوجوبهما لكلّ زيادة ونقيصة ، وإلاّ فلا شيء عليه . ففي جميع هذه الفروض يعمل بمقتضى ما ظهر .

   والوجه في ذلك كلّه أنّ أدلّة كثرة الشك غير ناظرة إلى الأحكام الواقعية ولا توجب تخصيصاً فيها ، بل هي تنظر إلى أدلّة الشكوك التي هي أحكام ظاهرية وتوجب تخصيصها بغير كثير الشك .

   ومن المعلوم أنّ الحكم الظاهري مغيّى بعدم انكشاف الخلاف ، فمتى ظهر الحال وبان الخلاف فحيث إنّ الأحكام الواقعية الثابتة بالعناوين الأوّلية باقية على حالها فلا مناص من العمل بمقتضاها ، والجري على طبقها الّذي يختلف باختلاف الموارد حسبما فصّلناه .

   (1) لظهور النصوص في وجوب المضي ، وأنّ ترك الاعتناء هي الوظيفة الظاهرية التعينية المقرّرة في ظرف الكثرة ، فلو اعتنى وأتى بالمشكوك فيه بطلت صلاته ، للزوم الزيادة العمدية بمقتضى الوظيفة الظاهرية .

ــ[25]ــ

   هذا فيما كانت الزيادة قادحة حتّى الصورية كما في الركوع والسجود ، وأمّا ما لا تقدح إلاّ مع الإتيان بعنوان الجزئية كالقراءة والذكر فلا بأس باتيانه بقصد القربة المطلقة ما لم يبلغ حدّ الوسواس المنهي عنه .

   هذا هو المعروف والمشهور بين الأصـحاب ، ولكن نسب إلى الشهيد في الذكرى أ نّه احتمل التخيير بين المضي وبين الاعتناء بالشك (1) ، بل اختاره المحقّق الأردبيلي (قدس سره)(2) ، ويستدلّ له بوجهين :

   أحدهما :  أنّ هذا هو مقتضى الجمع بين صدر صحيحة زرارة وأبي بصير المتقدّمة (3) وذيلها ، فيحمل الأمر بالإعـادة في الأوّل وبالمضي في الثاني ـ  بعد تعلّقهما بموضوع واحد وهو كثير الشك  ـ على التخيير ، هذا .

   وقد أسلفنا البحث حول هذه الصحيحة مستقصى وقلنا : إنّ الكثرة والقلّة متضايفتان ، والمراد بها في السؤال الأوّل أوّل مرتبة سـمّاها السائل كثير الشك مع عدم بلوغها مرتبة الكثرة بالمعنى المصطلح الّذي هو المراد بها في السؤال الثاني ، فلم يردا على موضوع واحد ليجمع بما ذكر .

   مع أ نّه بعيد في حدّ نفسه ، إذ كيف يحتمل التخيير مع اقترانه بالتعليل بعدم تطميع الخبيث وتعويده من النفس ، فانّه إنّما يناسب الإلزام دون الجواز والتخيير. فنفس التعليل يشهد بأنّ الجملة الثانية ناظرة إلى موضوع آخر كما ذكرناه . فهذا الوجه ساقط جدّاً .

   ثانيهما : أنّ النصوص وإن تضمّنت الأمر بالمضي ولكنّـه غير ظاهر في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذكرى 4 : 56 .

(2) مجمع الفائدة والبرهان 3 : 146 .

(3) في ص 5 .

ــ[26]ــ

الوجوب ، لوروده مورد توهّم الحظر ، حيث إنّ المضي على الشك ممنوع بمقتضى قاعدة الاشتغال ، مضافاً إلى أدلّة الشكوك . فغايته الدلالة على الجواز دون الوجوب .

   وفيه أوّلاً : أنّ الأمر الواقع موقع توهّم الحظر وإن لم يكن ظاهراً في الوجوب في حدّ نفسه إلاّ أنّ اقترانه بالتعليل بأ نّه من الشيطان ، وبعدم تعويد الخبيث كما في صحيحتي محمّد بن مسلم وزرارة يأبى عن حمله على الرخصة ، إذ لا معنى للترخيص في إطاعة الشـيطان . فلا مجال للتشكيك في ظهوره بمقتضى هذه القرينة في الوجوب .

   وثانياً :  سلّمنا عدم ظهور هذه الأخبار في الوجوب لكن مجرّد الشك كاف في عدم جواز الاعتناء بالشك ، إذ بأي مستند يسوغ له الإتيان بالمشكوك فيه بعد فرض تخصيص أدلّة الشكوك بغير كثير الشك وخروجه عن إطلاقات تلك الأدلّة ، المانع عن صحّة الاستناد إليها .

   فلو شكّ في الركوع مثلاً وأتى بالمشكوك فيه يحتمل وجداناً تحقّق الزيادة وقتئذ ، ولا دافع لهذا الاحتمال إلاّ أصالة عدم الزيادة ، والمفروض عدم جريانها في حقّ كثير الشك ، لتخصيص دليل الاستصحاب أيضاً كأدلّة الشكوك . فلا حاجة إلى إثبات أنّ المستفاد من النصوص هو الوجوب ، بل لو كان المستفاد جواز المضي كفى في عدم جواز الطرف الآخر ، فانّه زيادة والزيادة مبطلة .

   وكذلك لو شكّ في الاُوليين فانّه يمضي بمقتضى هذه النصوص ، فلو فرضنا أ نّه لم يمض ماذا يصنع ؟ فانّ البناء على الأقل والإتيان بركعة اُخرى يحتاج إلى الدليل ، ومعه كان الشك في نفسه مبطلاً .

   والحاصل : أنّ العـبادة توقيفية يعتبر فيها عدم الزيادة ، ولا بدّ من إحراز




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net