الثانية والعشرون : العلم إجمالاً بزيادة ركن أو نقصه في الفريضة أو النافلة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3758


ــ[205]ــ

   [ 2155 ] المسألة الثانية والعشرون : لا إشكال في بطلان الفريضة إذا علم إجمالاً أ نّه إمّا زاد فيها ركناً أو نقص ركناً ، وأمّا في النافلة فلا تكون باطلة ، لأنّ زيادة الركن فيها مغتفرة (1) والنقصان مشكوك ، نعم لو علم أ نّه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التكليف والعقاب ، فلا يفرق الحال فيه بين تعلّقه بالحكم الإلزامي وعدمه ، بل العبرة في التنجيز بترتّب الأثر على كلّ تقدير .

   ومنه تعرف أ نّه لو علم إجمالاً بترك الاستعاذة أو القراءة لم يكن منجّزاً ، إذ لا أثر لترك الأوّل ، فيرجع إلى قاعدة التجاوز في الثاني لنفي سجود السهو إن قلنا بوجوبه لكلّ زيادة ونقيصة ، وإلاّ فلا أثر لشيء من الطرفين حتّى لو كانا معلومي الترك تفصيلاً .

   وأمّا القـنوت الّذي مثّل به في المـتن فهو كذلك إن لم نقل بترتّب أثر على تركه ، وأمّا إذا قلنا بثبوت الأثر وهو القضاء إمّا بعد الركوع أو بعد الصلاة كما قيل به وورد به النص أيضاً (1) ، فالعلم الإجمالي المتعلِّق بتركه أو ترك واجب آخر يوجب نقصه البطلان أو القضاء أو سجود السهو منجّز لا محالة ، لترتّب الأثر حينئذ على التقديرين الموجب لسقوط القاعدة من الطرفين .

   والمتلخّص من جميع ما ذكرناه :  أنّ الكبرى الكلِّيّة المذكورة في المتن من عدم تنجيز العلم الإجمالي المتعلِّق بترك جزء استحبابي أو وجوبي ممّا لا أساس لها ، مضافاً إلى ما عرفت من المناقشة في صغرى هذه الكبرى ، أعني التمثيل بالقنوت بناءً على ثبوت الأثر لتركه وهو استحباب القضاء .

   (1) فرّق (قدس سره) في العلم الإجمالي المتعلِّق بزيادة الركن أو نقيصته بين الفريضة والنافلة ، فانّه منجّز في الأوّل ، للعلم التفصـيلي بتحقّق ما يوجب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 286 /  أبواب القنوت ب 16 .

ــ[206]ــ

إمّا نقص فيها ركوعاً أو سجدتين بطلت ، ولو علم إجمالاً أ نّه إمّا نقص فيها ركوعاً مثلاً أو سجدة واحدة ، أو ركوعاً أو تشهّداً أو نحو ذلك ممّا ليس بركن لم يحكم باعادتها ، لأنّ نقصان ما عدا الركن فيها لا أثر له من بطلان أو قضاء أو سجود سهو ، فيكون احتمال نقص الركن كالشك البدوي .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البطلان ، بخلاف الثاني إذ لا أثر في طرف الزيادة بعد كونها مغتفرة في النافلة فيرجع من ناحية النقيصة إلى قاعدة التجاوز من غير معارض .

   وتفصيل الكلام في المقام : أنّ العلم الإجمالي المزبور قد يفرض مع بقاء المحل الشكّي ، واُخرى مع بقاء المحل الذكري ، وثالثة مع زوالهما وعدم إمكان التدارك بوجه .

   أمّا في الصورة الاُولى :  كما لو علم إجمالاً حال الجلوس وقبل أن يتشهّد أ نّه إمّا لم يأت بالسجدتين من هذه الركعة ، أو أ نّه زاد ركوعاً ، فلا ريب في عدم بطلان الصلاة ، بل يلزمه الإتيان بالسجدتين بمقتضى قاعدة الشك في المحل والرجوع في احتمال زيادة الركوع إلى أصالة عدم الزيادة ، لأنّ مرجع العلم الإجمالي إلى الشك في كلّ من الطرفين اللّذين هما مورد للأصلين ، فينحل العلم الإجمالي بالأصل المثبت والنافي ، وهذا من غير فرق فيه بين الفريضة والنافلة كما هو ظاهر . فلا يتفاوت الحال بينهما في هذه الصورة .

   وأمّا في الصورة الثانية :  كما لو حصل العلم المزبور بعد الدخول في التشهّد أو بعد القيام إلى الثالثة .

   ففي الفريضة لا يمكن الرجوع إلى قاعدة التجاوز بالنسـبة إلى السجدتين المحـتمل نسـيانهما ، لا وحدها ولا بضـميمة الرجـوع إلى أصالة عدم زيادة الركوع .

ــ[207]ــ

   أمّا الثاني فللزوم المخالفة العملية للمعلوم بالإجمال .

   وأمّا الأوّل فلأنّ الأثر المرغوب من إعمال القاعدة نفي العود والتدارك ، وهو متفرّع على إحراز صحّة الصلاة ، ولا سبيل إلى الإحراز من دون الاستناد إلى أصالة عدم الزيادة في الركوع ، والمفروض امتناع الجمع بينهما كما عرفت . فالقاعدة غير جارية هنا في نفسها ، لاندراجها تحت كبرى ما تقدّم (1) من أنّ جريان الأصل في أحد طرفي العلم الإجمالي لو كان منوطاً بجريانه في الطرف الآخر تعيّن الثاني لاختصاصه بالترجيح .

   وعليه فالمرجع في السجدتين بعد سقوط القاعدة أصالة عدم الإتيان ونتيجتها لزوم العود لتداركهما بعد إحراز الصحّة بأصالة عدم زيادة الركوع . ولا تعارض بين الأصلين كما هو ظاهر ، وبهما ينحل العلم الإجمالي بعد كون أحدهما مثبتاً للتكليف والآخر نافياً . هذا كلّه في الفريضة .

   وأمّا في النافلة :  كما لو علم وهو في التشهّد أ نّه إمّا نقص سجدتين ممّا بيده أو زاد ركوعاً في الركعة السابقة ، أو علم إجمالاً وهو في السجود أ نّه إمّا ترك الركوع أو زاد في تكبيرة الإحرام بناءً على كونها ركناً وأنّ زيادتها السهوية قادحة ، أو أ نّه إمّا ترك الركوع أو زاد سجدتين في الركعة السابقة وهكذا من الأمثلة ، فقاعدة التجاوز بالنسـبة إلى نقص الركن المحتمل جارية من غير معارض ، إذ لا أثر للطرف الآخر أعني زيادة الركن ، لكونها مغتفرة في النافلة حتّى ولو كانت معلومة تفصـيلاً ، فضلاً عن كونها متعلّقاً للعلم الإجمالي . فيمضي من غير حاجة إلى التدارك .

   وبهذا تفترق النافلة عن الفريضة في هذه الصورة ، فانّهما تشتركان في عدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 169 .

ــ[208]ــ

البطلان ، وتفترقان في لزوم العود لتدارك النقص المحتمل في الثاني دون الأوّل لاختصاصه بجريان قاعدة التجاوز التي لم تكن جارية في الفريضة في حدّ نفسها كما عرفت .

   ومنه يظهر الحال في الصورة الثالثة ، أعني ما لو حصل العلم بعد عدم إمكان التدارك لفوات المحل رأساً ، كما لو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة ، فانّه في الفريضة موجب للبطلان لا محالة للعلم بتحقّق موجبه من زيادة الركن أو نقيصته ، بخلاف النافلة إذ لا أثر من ناحية الزيادة بعد كونها مغتفرة ، فيرجع من ناحية النقص إلى قاعدة الفراغ أو التجاوز من غير معارض .

   فالفرق بين الفريضة والنافلة يظهر في الصورتين الأخيرتين ، وأساس الفرق اغتفار زيادة الركن في النافلة الموجب لعدم ترتّب الأثر على المعلوم بالإجمال على كلّ تقدير . فلا تتعارض الاُصول في الأطراف ، الّذي هو مناط التنجيز .

   هذا كلّه فيما لو علم بالنقص أو الزيادة .

   ومنه يظهر الحال فيما لو علم إجمالاً بنقصان أحد ركنين ، فانّه تجري فيه أيضاً الشقوق الثلاثة المتقدّمة .

   فان كان ذلك بعد فوات محل التدارك حكم بالبطلان ، للعلم التفصيلي بتحقّق الموجب ، من غير فرق بين الفريضة والنافلة ، لاشتراكهما في البطلان بنقصان الركن .

   وإن كان مع بقاء المحل الشكّي كما لو علم إجمالاً بترك السـجدتين إمّا من هذه الركعة أو من الركعة السابقة ولم يدخل بعد في شيء لزمه التدارك بالنسبة إلى ما يكون محلّه باقياً ، بمقتضى قاعدة الشك في المحل ، فيرجع بالإضافة إلى الطرف الآخر إلى قاعدة التجاوز السليمة عن المعارض ، من غير فرق أيضاً بين الفريضة والنافلة .

ــ[209]ــ

   وإن كان مع بقاء المحل السهوي كما لو كان ذلك بعد الدخول في التشهّد في المثال المزبور ، فقاعدة التجاوز بالنسبة إلى ما يمكن التدارك أعني السجدتين من هذه الركعة غير جارية في نفسها ولو مع قطع النظر عن المعارضة ، لعدم ترتّب الأثر عليها ، إذ الأثر المرغوب منها نفي العود والتدارك ، المتفرِّع على إحراز صحّة الصلاة من غير هذه الجهة ، ولا سبيل إلى الإحراز إلاّ بعد جريان القاعدة في الطرف الآخر الّذي أثر نقصه البطلان لكي تحرز بها الصحّة ، وإلاّ فهي بدونها مشكوكة ، بل مقتضى أصالة عدم الإتيان هو البطلان ، ولا معنى للتدارك أو عدمه في صلاة باطلة . ومن المعلوم أنّ الجمع بين القاعدتين مستلزم للمخالفة العملية .

   فالقاعدة في هذا الطرف غير جارية لا منفردة ولا منضمّة ، فتكون في ذاك الطرف سليمة عن المعارض ، لاندارجها في كبرى ما مرّ من أنّ جريان الأصل أو القاعدة في أحد طرفي العلم الإجمالي الّذي أثر نقصه شيء آخر غير البطلان لو كان موقوفاً على جريانه في الطرف الآخر الّذي أثر نقصه البطلان اختصّ الثاني بالجريان ، لاشتماله على الترجيح دون العكس . فبعد إجراء القاعدة في ذاك الطرف وإحراز الصحّة بها يرجع في هذا الطرف إلى أصالة عدم الإتيان ولازمه العود والتدارك .

   وهذا من غير فرق فيه أيضاً بين الفريضة والنافلة . فهما يشتركان في الحكم في هذا القسم بشقوقه الثلاثة .

   وملخّص الكلام :  أنّ الميزان الكلِّي لتنجيز العلم الإجمالي ترتّب الأثر على كلّ من الطرفين لتلزم المعارضة من جريان الأصلين أو القاعدتين ، وأمّا لو اختصّ بأحدهما بأن لم يكن الطرف الآخر مورداً للأثر رأساً كزيادة الركن في النافلة ، أو كان الأثر فيه متوقّفاً على الجريان في هذا الطرف فلا معارضة ولا تنجيز في مثل ذلك ، بل يرجع إلى الأصل فيما له الأثر .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net