حكم الأنفحة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8575


    الإنفحة وحكمها :

   (1) بكسر الهمزة وفتح الفاء ـ وقد تكسر ـ وتشديد الحاء وتخفيفها وهي المعروف عند العامة بالمجبنة ويقال لها في الفارسية (پنير مايه) ولا إشكال في طهارتها على ما  دلّ عليه غير واحد من الأخبار . وإنما الكلام في موضوعها ومعناها فهل هي عبارة عن المظروف فحسب وهو المائع المتمايل إلى الصفرة يخرج من بطن الجدي حال ارتضاعه كما هو ظاهر جماعة ، أو أنها اسم لخصوص الظرف وهو الذي يتكوّن في الجدي حال ارتضاعه ويصير كرشاً بعد أكله العلف ، أو أنها اسم لمجموع الظرف والمظروف ؟

   تظهر ثمرة الخلاف في الحكم بطهارة كل من الظرف والمظروف على الاحتمالين الأخيرين . أمّا إذا كانت عبارة عن المجموع فلدلالة الأخبار الواردة في طهارة الإنفحة . وأمّا إذا كانت عبارة عن الظرف فقط فلأن المتكوّن في جوفها ليس من أجزاء الميتة ولا هو لاقى شيئاً نجساً فلماذا يحكم بنجاسته . وهذا بخلاف ما إذا كانت عبارة عن المظروف فقط فانّه لا يحكم حينئذ بطهارة ظرفها وجلدها . نعم ، الأخبار الواردة في طهارة الإنفحة تدل بالدلالة الالتزامية على طهارة السطح الداخل من الجلد أيضاً لاتصاله بالإنفحة ، كما يمكن أن نلتزم بنجاسة داخل الجلد أيضاً ولا نقول

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 423 .

ــ[428]ــ

بنجاسة ملاقيه بمقتضى ما دلّ على طهارة المظروف .

   ودعوى : أ نّا لا نحتاج في إثبات طهارة المائع المظروف إلى التشبث بالأخبار ، لأنه أمر خارج عن الميتة وحاله حال البيضة فيحكم بطهارته حيث لا موجب لنجاسته .

   مدفوعة : بأن الأمر وإن كان كما ذكر إلاّ أن قياس المقام بالبيضة قياس مع الفارق فان المظروف من قبيل المائعات ولولا دلالة الروايات على طهارة ما يلاصقه من الجلد بالالتزام لتنجس بملاقاة الظرف لا محالة ، لأنه من أجزاء الميتة وهي نجسة بالذات ومع نجاسة المظروف لا يمكن الانتفاع به في شيء ، مع أن الروايات الواردة في المقام بظاهرها بل بصراحة بعضها (1) دلّت على أن الحكم بطهارة الإنفحة إنما هو لأجل أن ينتفع بها في الجبن .

   هذا والصحيح في المقام أن يقال : إنه لا يسعنا تحقيق مفهوم اللفظة المذكورة إلاّ على سبيل الظن والتخمين ، ونظن أنها اسم لمجموع الظرف والمظروف ، لأنها لو لم تكن موضوعة بازائهما وقلنا باختصاصها للمظروف فحسب ، فما هو اللفظ الذي وضع في لغة العرب بازاء ظرفه ؟ ومن البعيد جداً أن لا يكون للظرف في لغة العرب اسم موضوع عليه .

   وكيف كان إذا لم ندر بما وضعت عليه لفظة الإنفحة وشككنا في حكمها ، فلا مناص من الأخذ بالمقدار المتيقن منها وهو المظروف وما يلاصقه من داخل الجلدة فحسب دون خارجها وهو مشمول لأدلة نجاسة الميتة وأجزائها . والاستدلال على طهارة الجلد بقاعدة الطهارة من غرائب الكلام لأنه مع دلالة الدليل الاجتهادي على نجاسة الجلد لا يبقى مجال للتشبث بالأصل العملي .

   ومما ذكرناه في المقام يظهر اختصاص هذا الحكم بانفحة الحيوانات المحلّلة الأكل ، لأن الروايات بين ما ورد في خصوص ذلك وبين ما هو منصرف إليه ، وأمّا ما لايؤكل لحمه كانفحة الذئب ونحوه فلا دليل على طهارتها فلا محالة تبقى تحت عمومات نجاسة الميتة ، وبذلك يحكم بنجاسة مظروفها لأنه وإن كان خارجاً عن الميتة وأجزائها إلاّ أنه مائع قد لاقى الميتة فلا محالة يتنجس بها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهي رواية أبي حمزة الثمالي المرويّة في الوسائل 24 : 179 / أبواب الأطعمة المحرمة ب33 ح1.

ــ[429]ــ

وكذا اللّبن في الضرع (1) ولا ينجس بملاقاة الضرع النجس ، لكن الأحوط في اللّبن الاجتناب ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net