السابع : أن لا يكون ممّن اتّخذ السفر عملاً له 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4113


ــ[151]ــ

   السابع : أن لا يكون ممّن اتّخذ السفر عملاً وشغلاً له(1) كالمكاري والجمال والملاح والساعي والراعي ونحوهم ، فانّ هؤلاء يتمّون الصلاة والصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم وإن استعملوه لأنفسهم كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بيت متنقّل سيار فيه من الأثاث ما يحتاج إليه من خيم وفراش ومتاع ونحوها من لوازم البيت ، ويسير لغاية دنيوية أو اُخروية ، فهل يقصّر في هذه الصورة ، أو يتم نظراً للبيت الذي استصحبه ؟

   الظاهر وجوب القصر ، لصدق اسم المسافر عليه عرفاً ، غايته أ نّه مسافر متمكّن يأخذ معه جميع وسـائل الراحة ، ومثله لا يكون مشمولاً للموثّق ولا للمرسل ، لظهورهما في من يكون بيته ومنزله معه ، لا من يأخذ معه ما يحتاج إليه في سفره ، فليس هذا ممّن بيته معه ، فانّه منصرف عن ذلك كما لا يخفى .

   نعم ، لو كان لهذا الشخص بيتان بيت مستقر وآخر غير مستقر ، فله مقرّ في الشتاء مثلاً ، ورحلة في الصيف يطلب العشب والكلأ ولا يستقر في مكان ، فهذا في حكم ذي الوطنين، وهو في الحقيقة مورد لانطباق عنوانين ، عنوان المتوطِّن وعنوان من بيته معه حسب اختلاف الزمانين ، فيتم أيضاً إذا ارتحل من مقرّه فانّه بعدُ في بيته ولكن في بيته الآخر ، ولأجله يجب التمام في كلا البيتين .

 (1) كما دلّت عليه صحيحة زرارة، قال «قال أبو جعفر (عليه السلام) : أربعة قد يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر:  المكاري والكري والراعي والاشتقان لأ نّه عملهم»(1) ورواه الصدوق في الخصال مثله إلاّ أ نّه ترك لفظ «قد» (2) ولعلّه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 485 /  أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 2 .

(2) الخصال : 252 / 122 .

ــ[152]ــ

الأنسب .

   وكيف ما كان ، فالحكم في الجملة ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، وإن اختلفت كلماتهم في كيفية التعبير عن هذا الشرط .

   فالمشهور عبّروا بأن لا يكون سفره أكثر من حضره ، وعبّر جمع آخرون بأن لا يكون كثير السفر ، ولعلّ المراد منهما واحد ، وإن كان التعبير الثاني أولى كما لا يخفى .

   وعبّر غير واحد ومنهم الماتن بأن لا يكون السفر عملاً له ، وهذا التعبير هو المطابق للنص وهو الصحيح المتقدّم .

   وأمّا كثرة السفر فلم ترد في شيء من النصوص ، وبين العنوانين عموم من وجه ، إذ قد يكثر السفر للزيارة أو السياحة ونحوهما من غير أن يتّخذه عملاً له ، وربّما يكون عملاً ولكنّه يقلّ لاختصاصه بوقت خاص كفصل الربيع مثلاً وقد يجتمعان كما لو كان السفر عمله طول السنة .

   فالتعبير الأخير موافق للتعليل الوارد في صحيحة زرارة المتقدّمة ، المنطبق على العناوين الأربعة المذكورة فيها من المكاري والكري والراعي والاشتقان فانّ السفر عمل لهؤلاء وشغل لهم على تأمل في بعضها كما سيأتي .

   أمّا المكاري فهو الذي يكري دابته للسفر ، وأمّا الكري فهو الذي يكري نفسه للخدمة في السفر إمّا لشخص المكاري لأجل إصلاح دابّته ونحوها، ويكون بمثابة الصانع لسائق السيارة في يومنا هذا ، أو لسائر المسافرين للقيام بحوائجهم في الطريق .

 وأمّا الاشتقان فقد فسّره الصدوق بالبريد . ولم يعرف له وجه وإن ورد ذلك في مرفوعة ابن أبي عمير(1) ، إذ مضافاً إلى ضعف السند لم يتّضح كون التفسير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 487 /  أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 12 .

ــ[153]ــ

من الإمام (عليه السلام) لجواز كونه تكملة من الصدوق نفسه لا منه (عليه السلام) ولا من ابن أبي عمير . والظاهر أنّ الكلمة غير عربية كما ذكره الشهيد وأ نّها معرّب (دشت بان) أي أمير البيادر .

   وكيف ما كان ، فالمستفاد من هذه الصحيحة المعلّلة لتمامية الصلاة بقوله (عليه السلام) : «لأ نّه عملهم» أنّ الاعتبار في وجوب التمام بعنوان كون السفر عملاً ، فلا عبرة بكثرة السفر ولو تضمّن السنة كلّها ما لم يثبت العمل ، وهذا ممّا لا ينبغي الريب فيه .

   كما لا ريب أيضاً في وجوب التمام في الموارد المنصوصة وإن لم يكن السفر عملاً لهم كالاشتقان في الصحيح المتقدّم ، وكالموارد المذكورة في معتبرة إسماعيل ابن أبي زياد عن جعفر عن أبيه ، قال : «سبعة لا يقصّرون الصلاة : الجابي الذي يدور في جبايته ، والأمير الذي يدور في أمارته ، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق، والراعي، والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر والرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا، والمحارب الذي يقطع السبيل» (1) .

   فانّ من المعلوم انّ هؤلاء ليس شغلهم السفر ، وإنّما السفر مقدّمة لأعمالهم . فهذه العناوين المذكورة في الروايات ملحقة بمن شغله السفر في وجوب التمام بلا كلام ، سواء أصدق عليهم أنّ نفس السفر عملهم أم لا ، وكأ نّهم بمنزلة من بيته معه .
ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 486 /  أبواب صلاة المسافر ب 11 ح 9 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net