حكم المسألة لو كان محلّ الإقامة برّية قفراء - تعليق الإقامة على أمر مشكوك الحصول 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3954


ــ[273]ــ

   [ 2310 ] مسألة 9 : إذا كان محلّ الإقامة برّية قفراء لا يجب التضييق في دائرة المقام ، كما لا يجوز التوسيع كثيراً بحيث يخرج عن صدق وحدة المحل فالمدار على صدق الوحدة عرفاً ، وبعد ذلك لا ينافي الخروج عن ذلك المحلّ إلى أطرافه بقصد العود إليه وإن كان إلى الخارج عن حدّ الترخّص ، بل إلى ما دون الأربعـة كما ذكرنا في البلد ، فجواز نيّة الخروج إلى ما دون الأربعـة لا يوجب جواز توسيع محلّ الإقامة كثيراً ، فلا يجوز جعل محلّها مجموع ما دون الأربعـة ، بل يؤاخذ على المتعارف وإن كان يجوز التردّد إلى ما دون الأربعة على وجه لا يضرّ بصدق الإقامة فيه (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منافياً لصدق الإقامة في البلد، فيكون هذا التعارف والتسامح العرفي كاشفاً عن أنّ المراد بالإقامة في البلد ما يشمل ذلك .

   ولكن المتيقّن من مورد التعارف الخارجي المزبور ما إذا كان الخروج قليلاً وفي زمان قصير كساعة أو ساعتين أو أزيد في الجملة كثلاث سـاعات مثلاً وأمّا الزائد على ذلك كخمس ساعات مثلاً فضلاً عن تمام النهار فلم يثبت في مثله التعارف ولا المسامحة العرفية لو لم يكن ثابت العدم .

   ومن الظاهر أنّ المرجع في مورد الشكّ عمومات أدلّة القصر، للزوم الاقتصار في المخصّص المجمل الدائر بين الأقل والأكثر على المقدار المتيقّن الذي يقطع معه بصدق الإقامة عشرة أيام ، وهو المشتمل على الخروج في الزمان القليل الذي هو مورد للتسامح العرفي جزماً ، فيرجع في الزائد المشكوك إلى عموم تلك الأدلّة وإطلاقها .

   (1) يظهر الحال في هذه المسألة ممّا قدمناه في المسألة السابقة فلاحظ ، ولا حاجة إلى الإعادة .

ــ[274]ــ

   [ 2311 ] مسألة 10 : إذا علّق الإقامة على أمر مشكوك الحصول لا يكفي بل وكذا لو كان مظنون الحصول ، فانّه ينافي العزم على البقاء المعـتبر فيها نعم لو كان عازماً على البقاء لكن احتمل حدوث المانع لا يضرّ ((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) أفاد (قدس سره) أنّ إقامته لو كانت معلّقة على أمر مشكوك الحصول وثابتة في تقدير دون تقدير ، فبما أنّ العزم الفعلي على البقاء المعتبر فيها مفقود حينئذ لمنافاته مع التعليق المزبور بطبيعة الحال، فلا جرم ينتفي عنه قصد الإقامة فلا يكفي ذلك في الحكم بالتمام ، وهذا بخلاف ما إذا كان عازماً فعلاً على البقاء ولكنّه احتمل حدوث مانع يمنعه عنه ، فانّه لايضرّ ولا يكون قادحاً في حصول قصد الإقامة .

   فكأنّ مرجع كلامه (قدس سره) إلى التفصيل في ذلك الأمر المشكوك الحصول بين ما إذا كان وجوده أو عدمه دخيلاً في تحقّق المقتضي وهو العزم على البقاء وبين ما إذا كان من قبيل الموانع بعد تماميّة المقتضي ، فيكون الأوّل قادحاً دون الثاني .

   أقول :  لا يمكن المساعدة على ما أفاده (قدس سره) بوجه ، ولا فرق بين الصورتين ، بل الاعتبار بكون الاحتمال في الأمر المشكوك الحصول موهوماً أو عقلائياً، فان كان موهوناً لا يعتد به العقلاء لا أثر له وإن كان دخيلاً في المقتضي كما هو ظاهر، إذ الاحتمال الموهوم وجوده في حكم العدم ، وإن كان عقلائياً  كان قادحاً ، سواء أتعلّق بالمقتضي أم بالمانع .

   أمّا الأوّل فظاهر كما اعترف به في المتن ، وأمّا الثاني فلضرورة عدم تمشّي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بشرط أن يكون الاحتمال موهوماً ، وإلاّ فلا يتحقّق معه قصد الإقامة على الأظهر .

ــ[275]ــ

قصد الإقامة والعزم عليها الذي هو بمعنى توطين النفس على البقاء مع فرض تطرّق هذا الاحتمال ، فانّ البقاء كسائر الأفعال الاختيارية يتوقّف على أمرين : تمامية المقتضي وانتفاء المانع ، ومع احتمال وجود المانع وحصوله احتمالاً عقلائياً كيف يمكن تعلّق النيّة به وقصده والعزم عليه .

   فمن كان مَعرضاً لوجع في بطنـه مثلاً فدخل بلداً واحتمل عوده الموجب للخروج عنه لأجل المعالجة خلال العشرة كيف يتمشّى منه العزم على البقاء أعني توطين النفس وعقد القلب عليه بعد احتمال عروض المرض الذي يضطرّ من أجله على الخروج .

   نعم ، مجرّد الميل بالبقاء والرغبة الشديدة أمر ممكن ، إلاّ أ نّه لا يكفي في تحقّق القصد الذي هو بمعنى العزم جزماً ، وإلاّ لزم الحكم بالتمام لمن كان مائلاً وراغباً في إقامة العشرة مع قطعه بعدم الإقامة خارجاً ، وهو كما ترى .

   وعلى الجملة : فاحتمال حدوث المانع عقلائياً مساوق مع تعليق الإقامة على أمر مشكوك في انتفاء العزم الفعلي وكونه ثابتاً في تقدير دون تقدير ، كما أ نّهما متشـاركان في حصول العزم الفعلي لدى كون الاحتمال موهوماً كمن احتمل وصول برقية تلجئه إلى الخروج ، أو أنّ السلطة الحكومية لا تسمح له بالبقاء . فلا فرق بين الصورتين بوجه .

   ويمكن تقرير هذا المطلب بوجه آخر وهو أنّ الوارد في غير واحد من الأخبار تعليق الحكم بالتمام على قصد الإقامة أو العزم أو النيّة أو الإجماع الذي هو بمعنى العزم ، على اختلاف ألسنتها ،

 وورد في صحيحة زرارة تعليقه على اليقين ، قال : «إذا دخلت أرضاً فأيقنت أنّ لك بها مقام عشرة أيام...» إلخ(1) ، والنسبة بين هذه الصحيحة وسائر الأخبار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 500 /  أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 9 .

ــ[276]ــ

وإن كانت هي العموم من وجه ابتداء ، لجواز حصول اليقين بالبقـاء من غير عزم كما في المجبور على الإقامة الذي هو فاقد للقصد والعزم، بل قد يكون عازماً على الخروج متى فسح له المجال مع يقينه بالبقـاء قهراً عليه . وجواز حصول العزم من غير يقين حسب ما فرضه في المتن من العزم على البقاء وإن احتمل حدوث المانع الموجب لانتفاء اليقين بطبيعة الحال .

   إلاّ أ نّه لا يمكن تقديم تلك الأخبار على الصحيحة لتكون النتيجة أنّ العزم بنفسـه كاف في الحكم بالتمام وإن تجرّد عن اليقين ، وإنّما يعتبر اليقين في مورد تخلّى عن العزم والقصد كما في المجبور . فكلّ منهما موضوع مستقل بحياله .

   وذلك لمنافاته مع مورد الصحيحة ، إذ السؤال فيها عمّن قدم البلدة ، الظاهر في كونه بارادته واختياره ، كما أنّ قوله (عليه السلام) : «إذا دخلت أرضاً ... » إلخ ظاهر في كونه عن قصد واختيار، فكيف يمكن الحمل على ما إذا تيقّن بالبقاء من غير عزم واختيار ، الذي هو في نفسه فرد نادر ومناف لمورد الصحيحة كما عرفت .

   وكيف يمكن ارتكاب التقييد في قوله (عليه السلام) : «وإن لم تدر ما مقامك بها ... » إلخ بما إذا كان عازماً على البقاء ، فانّ فرض العزم من غير يقين من الأفراد النادرة كما لا يخفى .

   فلا بدّ من جعل هذه الصحيحة مقيّدة لتلك الأخبار ومعاملة  العموم والخصوص المطلق بينهما . فتكون النتيجة موضوعية العزم المقيّد باليقين ، وعدم كفاية العاري عنه ، وإن كان اليقين أيضاً بمجرّده كافياً سواء اقترن بالعزم والقصد أم لا كما في المكره والمجبور .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net